سكان كركوك لـ «الشرق الأوسط»: مشاكل مدينتنا سياسية لكننا نعيش في وئام

الشارع الكردي والتركماني والعربي في غليان.. والكلدوآشوري في هدوء تام

لؤي لويس ـ مواطن آشوري (تصوير: كامران نجم)
TT

الشارع الكركوكي منقسم على ذاته، كما الاحزاب والقوى السياسية الفاعلة هناك، حول قضية انضمام مدينة كركوك الى اقليم كردستان من عدمه، باستثناء الشارع الكردي الذي يكاد يصدح بصوت واحد، مطالبا بالحاق محافظة كركوك برمتها الى الاقليم، على اعتبار ان ذلك «انصاف للمظلوم وتحقيق للعدالة وتصحيح لخطأ واجحاف تأريخيين ارتكبا بحق الشعب الكردي في المراحل السابقة من عمر الدولة العراقية».

«الشرق الاوسط» زارت كركوك وتقصت عن كثب آراء العديد من سكان المدينة، ومن مختلف القوميات والشرائح الاجتماعية بخصوص المطلب الذي تقدم به مجلس المحافظة نهاية الشهر الماضي، والداعي الى الحاق المدينة باقليم كردستان، طبقا للصلاحيات الدستورية المخولة للمجلس، وهو المطلب الذي جوبه برفض قاطع من القوى السياسية المنضوية في اطار الجبهة التركمانية وثيقة الصلة بتركيا، والقوى العربية المنضوية في اطار التجمع الوطني العراقي.

واكد اسماعيل خورشيد، 43 عاما، ويعمل مدرسا للرياضيات في احدى الثانويات الكردية، «ان للكرد في كركوك حقوقا تاريخية وجغرافية ذات جذور ضاربة في القدم، وقد تعرضوا في ظل الانظمة التي تعاقبت على سدة الحكم في بغداد خلال العقود الماضية الى مظالم كثيرة، لاسيما ابان حكم النظام السابق، مثل التهجير والترحيل القسري للعوائل الكردية ومصادرة اموالها المنقولة وغير المنقولة، ومنحها مجانا الى العوائل العربية القادمة من بقية مناطق العراق، لأغوائها وحثها على الاستيطان في كركوك». واضاف «ان سياسات ترحيل الكرد وتعريب كركوك، التي انتهجها النظام الزائل اخفقت في تقليص الوجود الكردي في المدينة التي ما زالت اغلبية سكانها من الكرد الذين يتطلعون الى اليوم الذي يتم فيه تصحيح ذلك الخطأ التاريخي المرتكب بحقهم، وتعاد اليهم حقوقهم المسلوبة عبر اعادة ضم المدينة الى ادارة اقليم كردستان، التي تؤكد باستمرار ان كركوك مدينة كردستانية وليست كردية خالصة، اي ان فيها قوميات اخرى لهم كامل حقوق المواطنة مثل غيرهم من مواطني الاقليم».

هذا الرأي ايده ايضا هيمن عبد الله، 28 عاما، الذي يعمل مساعد طبيب في مستشفى آزادي بكركوك، قائلا «ان الحل الامثل لقضية كركوك هو التنفيذ الحرفي والدقيق للمادة 140، التي تضمن حقوق جميع الاطراف، وتضع نهاية قانونية ودستورية سليمة لهذه المشكلة». اما المواطن التركماني اياد جلال محمد، 45 عاما، ويعمل صحافيا في احدى القنوات التلفزيونية التركمانية المحلية، فقد اكد «ان اكثرية سكان كركوك رفضت بشكل قاطع المادة 24 من قانون الانتخابات، التي مررت في البرلمان العراقي بطريقة غير شرعية». وقال ان كركوك «هي جزء من ارض اقليم كردستان، وهي حقيقة تاريخية لا يمكن التنكر لها، ونحن التركمان، اذ نؤيد فكرة اعادة كركوك الى احضان كردستان، انما نطالب بذلك من منطلق ما حققناه من انجازات، وما سنحققه من مكاسب، ومن منظور مصالحنا القومية، التي تضمنها لنا الادارة الكردية، اضافة الى اننا سنكون القومية الثانية في اقليم كردستان بخلاف الحال في ما لو ظلت كركوك مرتبطة بالمركز». وتابع «نحن التركمان في كركوك نسعى لضمان حياة افضل لأجيالنا القادمة، ونعتقد بان ذلك يمكن ان يتحقق في ظل ادارة اقليم كردستان، التي وفرت لنا حتى قبل زوال النظام السابق كامل حقوقنا القومية والثقافية والاجتماعية، اسوة بالمواطنين الكرد، وقدمت لنا كل الضمانات التي تكفل ديمومة وتطور تلك الحقوق مستقبلا، اضف الى ذلك اننا نريد ان نتمتع بالحياة الامنة والتقدم الاقتصادي والرفاهية المتحققة في اقليم كردستان».

نفس الرأي عبر عنه فخرالدين عزة ددة، 40 عاما، ويعمل معلما في مدرسة ابتدائية باللغة التركمانية، قائلا «نحن التركمان امضينا عقودا طويلة من العيش المشترك مع اخوتنا الاكراد، وبفعل ذلك تكونت بيننا علاقات مصاهرة وقربى اقوى من اي افكار او انتماءات سياسية او قومية»، مؤكدا بان 75% من التركمان يطالبون بتنفيذ المادة 140، ويعتقدون بان مصالحهم القومية تكمن في انضمام كركوك الى اقليم كردستان، الذي يتمتع بادارة منتظمة يمكن ان توفر لهم حياة افضل بكثير مما هم عليه الان. من جهته، اعرب المواطن الكلداني لؤي لويس عن اعتقاده بان قضية كركوك معقدة جدا وينبغي التعامل معها بحذر وحكمة شديدين، وتابع ان «الشارع الكلدواشوري هو الشارع الوحيد الذي ما برح هادئا وساكنا في كركوك بخلاف الشوارع الكردية والعربية والتركمانية، التي تغلي بفعل تفاعلات هذه القضية، التي نعتقد بان المادة 140 هي السبيل الامثل لحلها، وهي مادة دستورية حية، ولا يمكن ان تلغى او تستبدل باخرى، أما تنفيذها فيحتاج الى وقت وصبر وجهد». وكذلك اكد شموئيل ايشو، 45 عاما، ويعمل موظفا، ان من مصلحة الشعب الكلدو اشوري ان تنضم كركوك الى اقليم كردستان، لأنهم سيلتحقون بالآلاف من اخوتهم الكلدواشوريين المقيمين في الاقليم. ومضى قائلا «نحن الكلدواشوريين نطمح الى العيش في كنف الادارة الكردية، لأن الاحزاب التي تحكم الاقليم هي احزاب وقوى علمانية مثقفة بعيدة عن التطرف الديني والمذهبي». اما المواطن التركماني يوسف حقي، 30 عاما ويعمل صاحب متجر لبيع الاجهزة الكهربائية، فقد اكد ان كركوك هي نموذج لعراق مصغر وينبغي ان تبقى مرتبطة ببغداد لأن التركمان تعودوا على ذلك الوضع، منذ ان ابصروا الحياة، ومن الصعب عليهم تغيير ذلك الوضع، وقال نحن متفائلون بمستقبل كركوك ونعيش في اخوة ووئام مع بعضنا البعض، وليست هناك اية مشاكل في ما بيننا، شريطة ان تنسحب الايادي الخارجية وتكف عن التدخل في شؤوننا. وهو الرأي الذي أيده ايضا المواطن التركماني مصطفى الآوجي، 33 عاما، ويعمل موظفا والذي شدد على ان السبيل الافضل لحفظ الاستقرار في كركوك هو ابقاؤها مرتبطة بالمركز. وتابع يقول «هذا ليس مطلبنا نحن التركمان وحسب، بل ان عرب واكراد كركوك الاصليين يطالبون بذلك ايضا».

من جهته، قال المواطن العربي محمد كمال، 36 عاما، ويعمل صرافا ان «معظم العرب من اهالي كركوك الاصليين يؤيدون فكرة انضمام كركوك الى اقليم كردستان، نظرا للأوضاع الامنية المستتبة في الاقليم، بعكس الاوضاع المتدهورة في بغداد، اضف الى ذلك ان الحكومة المركزية عاجزة عن تلبية مطالب سكان العاصمة بغداد فكيف الحال بمطالب سكان كركوك». وقال ان «مشاكل كركوك نابعة من الاحزاب والقوى السياسية، وليست من صفوف اهلها المتعايشين في وئام منذ مئات السنين، وعلينا ان نؤيد انضمامها الى كردستان لكي نؤمن لنا ولأبنائنا واجيالنا القادمة حياة افضل». لكن احمد حسون الحمداني، 41 عاما، ويعمل مضمدا يرى ان انضمام كركوك الى كردستان «سيثير المزيد من المعضلات في المدينة، لأن العرب والتركمان سيشعرون بانهم يخضعون لهيمنة الجهات الكردية، لذلك فان تلك الفكرة مرفوضة من قبل العرب والتركمان الذين يريدون حلا توافقيا وادارة مشتركة للمدينة».