محللون: ملاحقة «القاعدة» وتهميش الإسلاميين أحد أهداف قادة الانقلاب

أكدوا أن الجيش لم يكن راضيا عن الموقف المتساهل مع الجماعات الإسلامية الذي اتخذته حكومة الرئيس المخلوع

TT

يقول سياسيون ومحللون دوليون، ان قادة الانقلاب في موريتانيا سيقومون بخطوات أكثر تشددا ضد عناصر «القاعدة» والتنظيمات الأصولية المتشددة في البلاد، في محاولة لتخفيف حدة الانتقادات العالمية، الموجهة ضد خاصة من قبل الولايات المتحدة.

ويتخذ حكام موريتانيا العسكريون الجدد في الأصل مواقف اكثر تشددا تجاه تنظيم «القاعدة» والساسة الاسلاميين الاكثر اعتدالا، عن أسلافهم المدنيين الذين اطيحوا في انقلاب الاسبوع الماضي. ولم يكن الجيش راضيا عن الموقف الاكثر تساهلا الذي اتخذه أول رئيس ينتخب في اجواء من الحرية، والذي أطيح يوم الاربعاء. وربما تحاول الحكومة العسكرية تخفيف حدة الانتقادات العالمية للانقلاب خاصة من قبل الولايات المتحدة، من خلال ملاحقة المتشددين في البلاد التي شهدت عدة هجمات واعتداءات في العام المنصرم. وقطعت الولايات المتحدة المعونة العسكرية احتجاجا على الانقلاب.

وقال جيف بورتر المحلل في مجموعة يوراسيا لرويترز «الانقلاب الأخير الذي نفذه الجيش.. ربما يعزز من رد فعل الحكومة على التنظيمات الإسلامية المتشددة الوليدة في موريتانيا». ورغم وعود بإجراء انتخابات واحترام الديمقراطية، يقول محللون ان من المرجح أن يقوم قائد الانقلاب محمد ولد عبد العزيز بتهميش الاسلاميين المعتدلين الذين فازوا بمناصب في حكومة الرئيس المخلوع. وبعد حظر نشاطهم لسنوات سمح للاسلاميين بإنشاء حزب سياسي العام الماضي بعد أن انتخبت موريتانيا أول رئيس ديمقراطي لها هو سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله. لكن البعض انتقدوا رفع الحظر عن الاسلاميين، خاصة حين قتل متشددون من «القاعدة» في وقت لاحق عدة سائحين فرنسيين في ديسمبر (كانون الاول) الماضي، واشتبكوا مع أجهزة الأمن الموريتانية في أوائل العام الحالي 2008. وعززت الهجمات التي أفضت الى الغاء رالي دكار الشهير من المخاوف من أن جناح تنظيم «القاعدة» في شمال افريقيا يمكن أن يمتد الى دول غرب افريقيا الهشة بالفعل.

ومن المؤكد أن هجمات الاسلاميين، لم تكن الدافع الرئيسي وراء انقلاب الاربعاء. فهناك أزمة سياسية نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء، أعقبها صراع على السلطة بين الرئيس والجيش. لكن القرارات أدت الى تعكير صفو العلاقات بين الجيش وعبد الله. وأضاف بورتر «تبنى الجيش منهجا يعمد الى الاستئصال، بينما كان عبد الله يفضل منهجا مؤسسيا بدرجة اكثر ينطوي على اعتقال الارهابيين ومحاكمتهم امام محكمة، واطلاق سراحهم اذا لم تتم ادانتهم بموجب التهم المنسوبة اليهم».

ورحب المجتمع الدولي على نطاق واسع بانتخاب عبد الله العام الماضي، بوصفه خطوة نحو الديمقراطية وخاصة بالنسبة للولايات المتحدة على اعتبار أنها جاءت بشريك جديد محتمل لمكافحة الارهاب. وواشنطن سعيدة ايضا بحماية علاقات موريتانيا الممتدة منذ زمن طويل مع اسرائيل. وهي واحدة من بضع دول عربية تقيم علاقات مع الدولة العبرية. وسريعا ما أدرجت موريتانيا الديمقراطية ضمن عمليات وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) لمكافحة الارهاب في الصحراء بميزانية قدرها 500 مليون دولار والتي تشارك فيها ايضا مالي والنيجر وتشاد. غير أن واشنطن أدانت انقلاب الاسبوع الماضي على الفور، ويوم الخميس علقت المساعدات لموريتانيا بما في ذلك معونة عسكرية حجمها 15 مليون دولار وتمويل لمكافحة الارهاب. وقال محلل آخر ان زعماء موريتانيا الجدد لن يفاجأوا بهذا التعليق للمساعدات، لكنهم سيؤكدون سرا التزامهم بمكافحة الارهاب وسيستغلون مخاوف من زعزعة الامن الاقليمي للحصول على قدر من الدعم.

ويرى الآن انتيل رئيس برنامج افريقيا جنوب الصحراء بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في تصريح لرويترز، أنهم «سيقولون انهم يمثلون الاستقرار، وأنه يجب الا تكون هناك أية مخاوف بشأن زعزعة الأمن». وكثيرا ما اتهم الرئيس معاوية ولد سيد احمد الطايع الذي حكم موريتانيا لفترة طويلة وأطيح في انقلاب عام 2005، قاد الى انتخاب عبد الله باستغلال خطر الارهاب في ملاحقة المعارضة الاسلامية المعتدلة. وعزز رفع الحظر عنهم العام الماضي من موقف عبد الله. ثم حين واجه أزمات سياسية واجتماعية متزايدة هذا العام أعطى الرئيس الذي تحاصره المشاكل للاسلاميين عدة مناصب في حكومته الجديدة في محاولة لتوسيع قاعدة التأييد له. وقال انتيل «بعد هجمات (المتشددين) الناس شعروا بالقلق من أن هذه ليست الفكرة الصائبة»، مضيفا أن الخطوة لم تحظ بتأييد خاصة من قبل الجيش الذي يتولى الحكم الآن. ولدى سؤاله عن الاجراءات التي قد تتخذها الحكومة العسكرية ضد الساسة الاسلاميين أجاب قائلا «لا أدري الى أي مدى سيصل هذا«. وتابع قائلا «لست متأكدا ان كانوا سيذهبون الى حد حظرهم لكنهم (الاسلاميين) بالتأكيد لن يكون لهم دور يلعبونه».