أصوات في أصيلة المغربية ترى أن إصلاح الأمم المتحدة يستدعي القطع مع الماضي

كي مون يدعو إلى منظمة فعالة وأكثر شفافية.. ونجاحها يمر عبر التزام وتحمل الجميع لمسؤولياته

محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، يلقي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لندوة «إصلاح الأمم المتحدة ومستقبل التعاون جنوب ـ جنوب» مساء أول من أمس (تصوير: عبد اللطيف الصيباري)
TT

أجمعت كلمات المتدخلين في حفل افتتاح ندوة «إصلاح الأمم المتحدة ومستقبل التعاون جنوب- جنوب»، التي انطلقت مساء اول من امس في مكتبة الامير بندر بن سلطان ضمن فعاليات موسم اصيلة الثقافي الـ30، على الضرورة القصوى التي صار يكتسيها إصلاح الأمم المتحدة، وشددوا على ضرورة أن يقطع هذا الإصلاح مع ممارسات الماضي نحو ما يؤسس لشراكة دولية أكثر عدلاً وإنصافاً، وبما يسمح بإكمال وتعزيز التعاون الدولي.

وثمن بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، العمل الذي يقوم به المغرب والملك محمد السادس، لفائدة الحوار بين الحضارات.

وشدد بان كي مون، في رسالة وجهها الى المشاركين في الندوة، تلاها نيابة عنه، مراد وهبة، منسق مكتب الأمم المتحدة بالرباط، على الأهمية التي يثيرها الحديث عن إصلاح الأمم المتحدة، والأولوية التي يتطلبها التعاون جنوب -جنوب، داعياً إلى «منظمة فعالة وأكثر شفافية»، مؤكداً أن النجاح يمر عبر «التزام ومشاركة وتحمل الجميع لمسؤولياته، وتطوير التعاون الثلاثي الأطراف»، مشيراً إلى أن «الصعوبات كبيرة وكثيرة»، قبل أن يختم كلمته، بتوجيه نداء إلى منتدى أصيلة، لتكثيف الجهود في سبيل إغناء جهود الأمم المتحدة من أجل عالم يسوده الحوار والسلم والازدهار المشترك.

وقال محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، ان «إدراج موضوع يتناول إصلاح الأمم المتحدة ومستقبل التعاون جنوب ـ جنوب، ضمن فعاليات موسم أصيلة، يسير على نفس الخطى التي بدأها في الدورات السابقة، إذ بحث خلالها نفس الموضوع تقريباً، من زوايا نظر ومقاربات أخرى، متجاوباً مع توجه الملك محمد السادس، الذي وضع مسألة التعاون جنوب ـ جنوب، على رأس اهتمامات سياسة بلدنا على الصعيدين الإقليمي والدولي».

ورأى بن عيسى أن الموضوع عولج من زاوية التعاون بين الشمال والجنوب، وبين العرب والغرب، وبين أفريقيا والغرب، أو بينها وبين أوروبا، وشدد على أن مطلب إصلاح الأمم المتحدة يبقى «وسيلة لضمان التوازن في العلاقات الدولية، وعاملا فعالا في توطيد التعاون بين الدول والشعوب»، الشيء الذي «يضفي عدلا على تمثيل الأمم في المنتظم الدولي من جهة، ويوزع المسؤوليات والواجبات بين الأعضاء بقدر متساو، تنتفي فيه الفروق بين الدول الصغيرة والكبيرة، وبين الغنية والفقيرة، وقبل هذا وذاك، سيكون إصلاحا مستجيبا للتطورات والمتغيرات الجارية في العالم، تستلزم تحيين كثير من المنظمات وتأهيل التجمعات والتكتلات».

وختم بن عيسى قائلا: إن «إحداث آليات جديدة للتشاور رفيع المستوى بين التنظيمات الإقليمية هي أطر سياسية تدفع جميعها في اتجاه إعادة النظر في النظام الدولي القائم حالياً، وخاصة منظومة الأمم المتحدة».

من جهته، قال الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية والتعاون المغربي، إن «مفهوم التعاون جنوب ـ جنوب ليس بالجديد، ولكن الطموح المرتبط بتحقيقه كاملا ظل يراوح مكانه، وان مشروع إصلاح منظمة الأمم المتحدة هو اصلاح طال انتظاره، وغالباً ما تم تحويله نحو تطلعات وطنية ضيقة على حساب اعتماد وإرساء نظام متعدد الأطراف يخدم مصلحة السلام المستدام والتنمية البشرية المتجانسة وتحقيق مزيد من العدالة والتضامن في العلاقات الدولية».

ورأى الفاسي الفهري، في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه أحمد لخريف، كاتب الدولة (وزير دولة) في وزارة الخارجية والتعاون، أن «الظرفية الدولية الحالية تطرح تحديات متعددة على الدول النامية، تتمثل في تفاقم الفوارق في معدلات التنمية بين دول الشمال ودول الجنوب، والارتفاع المهول لأسعار الطاقة، واستفحال الأزمة الغذائية، وتعثر وتعليق مفاوضات الدوحة في إطار منظمة التجارة العالمية».

وفي ما يتعلق بالأمم المتحدة، لاحظ الفاسي الفهري أن «نظام الأمم المتحدة هو انعكاس للوضع الدولي المترتب عن الحرب العالمية الثانية، وبالتالي لا تزال الهندسة السياسية والمؤسساتية لهذا النظام رهينة لتوازنات علاقات القوة على المستوى الدولي ولطبيعة دور الفاعلين الرئيسيين خلال تلك الحقبة»، ولاحظ الفاسي الفهري أن «الإطار المتعدد للتعاون الدولي ظل قائما على رؤية مختزلة في العلاقات شمال ـ جنوب تغفل مفهوم التعاون جنوب ـ جنوب، الذي أصبح أكثر من أي وقت مضى حقيقة لا مناص منها في العلاقات الدولية».

وباعتبار أن التعاون جنوب ـ جنوب يهم في المقام الأول حاجيات ملحة في تنمية ثلثي أعضاء منظمة الأمم المتحدة، رأى الفاسي الفهري أن مشروع إصلاح المنظمة «ينبغي أن يقطع مع ممارسات الماضي ويعطى الهامش الضروري والإمكانيات المتناسبة لوكالاته المتخصصة، من أجل تفاعل جديد وعملي مع قضايا التنمية بدول الجنوب، وتحديداً مع ترسيخ مفهوم التعاون جنوب ـ جنوب، كأولوية في نظام التعاون الدولي للتنمية على نحو يؤسس لشراكة دولية أكثر عدلا وإنصافاً، بما يسمح بإكمال وتعزيز التعاون شمال ـ جنوب».

وانطلق محمد المدني الأزهري، الأمين العام لتجمع دول الساحل والصحراء، من القول «إن التطور الهائل والتقدم العلمي والتكنولوجي والثورة المعلوماتية كلها أشياء تدفعنا للتفكير في مستقبل البشرية وضرورة اعتماد ميثاق جديد يعتمد تكريس الحقوق الإنسانية والمساواة وتأكيد قيم الحق والعدالة».

وانتقد الأزهري «ازدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين»، مشدداً على أن هذا «الوضع الشاذ»، يقودنا للحديث عن «تركيبة مجلس الأمن»، ملاحظاً أنه «ليس من المتصور أن تكون قارة بحجم أفريقيا، بعدد سكانها ودولها وإمكاناتها الهائلة غير متمتعة بمقعد دائم في هذا المجلس، وهو ما يعتبر خللا ظاهراً يتطلب إصلاحاً قبل الحديث عن أي إصلاح للمنظمة». وذهب سالومون خارا كروث، رئيس لجنة العلاقات الخارجية لأفريقيا بمجلس الشيوخ المكسيكي، إلى أن تقييماً لعمل منظمة الأمم المتحدة يجعلنا ننتهي إلى أنها «لم تكن على قدر المسؤولية».

وعدد خارا كروث مجموعة أسباب لخصها في أن «عملية صنع القرار ظلت بين أيدي أعضاء محددين، اكتفوا بالسهر على مصالحهم الخاصة، الشيء الذي أثار الانتقادات والمطالبات بإصلاحها». ولاحظ خارا كروث أن «معظم دول المنظمة ظلت تراقب ما يجري من دون قدرة على التصرف».