استقالة 12 وزيرا من الحكومة الموريتانية و4 أحزاب معارضة طالبت العسكر بالتشاور

الشرطة طوقت مناهضي الانقلاب.. ونائب الرئيس قال إن الانقلاب «مؤشر خطير»

عناصر من الحرس الرئاسي امام قصر الرئاسة في نواكشوط أمس (أ.ب)
TT

أعلن اثنا عشر وزيرا موريتانيا استقالتهم من الحكومة أمس، احتجاجا على الانقلاب الذي أطاح الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، الذي اعتقل رفقة الوزير الأول يحي ولد أحمد الوقف.

وينتمي الوزراء المستقيلون لحزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية «عادل» الحاكم سابقا، والذي يرأسه رئيس الوزراء المعتقل، وينتمي بقية الوزراء لحزب التحالف الشعبي التقدمي، الذي يقوده رئيس البرلمان ومرشح الرئاسة السابق مسعود ولد بلخير. وشكل الطرفان مع حزبين من المعارضة التقليدية جبهة للدفاع عن الديمقراطية تناهض الانقلاب، الذي قاده الجنرال محمد ولد عبد العزيز.

وقال وزير اللامركزية والاستصلاح الوطني يحي ولد الكبد المقرب من الرئيس المطاح، إن استقالتهم من الحكومة جاءت احتجاجا على الانقلاب العسكري. واصفا في تصريحات صحافية له، المجلس العسكري الذي حكم البلاد بأنه «غير شرعي». وقالت فاطمة بنت خطري وزيرة شؤون المرأة والأسرة، إن الاستمرار في حكومة رئيسها ورئيس وزرائها في المعتقل هو «موقف يفتقد المبررات». وأعرب الأمين العام لرئاسة الجمهورية (نائب الرئيس) بيجل ولد حميد عن رفضه للانقلاب، مفندا شرعية حكم العسكر، مطالبا قوات الأمن بفك الحصار عن مقر حزبه واصفا الأمر بـ«المؤشر الخطير على تراجع الحرية السياسية في البلاد». وأكد ولد حميد رفض حزبه (عادل) للانقلاب أو الاعتراف بشرعية الجيش، مذكرا بأن النواب والشيوخ الغاضبين كانوا يستهدفون بالأساس الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله بدعم وتوجيه من العسكر.

وتشكل استقالة وزراء الحكومة، في رأي المراقبين، خطوة استباقية قبل إقالة الحكومة من طرف المجلس العسكري، الذي يحكم البلاد والمتوقعة مع نهاية الأسبوع الحالي. ويتوقع أن يشكل العسكريون حكومة تضم الأحزاب التي دعمت الانقلاب، بما فيها حزب المعارضة الرئيسي تكتل القوى الديمقراطية، وينتظر أن تشرف الحكومة المنتظرة على تسيير الأمور في المرحلة الانتقالية التي لم تحدد حتى الآن مدتها، إجراء الانتخابات التي وعد بها الحكام الجدد.

ونظمت الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية تجمعا في مقر حزب التحالف الشعبي بنواكشوط مساء أول من أمس، نددت فيه بـ«الانقلاب على الشرعية» مؤكدة تمسكها بولد الشيخ عبد الله رئيسا شرعيا لموريتانيا.

وطوقت وحدات عديدة من الشرطة، وقوات مكافحة الشغب المكان، وضايقت المشاركين مانعة وصول المزيد من مؤيدي الأحزاب التي نظمت التجمع.

وقال محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم (يساري) إن قيادة الجنرالات للبلاد مرفوضة، متعهدا ببذل كل الجهود لإطاحة الانقلابيين، وإعادة ولد الشيخ عبد الله إلى مكتبه في القصر الرئاسي. من جهته أبدى محمد جميل منصور رئيس حزب التجمع الوطني للديمقراطية والتنمية (إسلامي) رفضه التام لأي حوار مع الانقلابيين، ومعارضتهم لانتخابات جديدة، مشددا على أن «العالم لم يعد يثق بوعود العسكريين، بعدما أطاحوا الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله»، متسائلا «من سيمنع العسكريين غدا من الانقضاض على المسار السياسي في البلاد، إذا لم يعجبهم، والدعوة لانتخابات جديدة».

وكشف ولد منصور، وهو نائب في البرلمان، عن حملة سياسية متواصلة تنوى الأحزاب القيام بها، للضغط على الانقلابيين الجدد، من أجل التراجع وإعادة الرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، متهما الجيش بالاستخفاف بعقول السكان، حينما يتصور أن الجميع سيقبل العودة لمربع الحكم الواحد من جديد.

وتعهد قادة الأحزاب السياسية، الذين شاركوا في التجمع المناهض للانقلاب، بتقويض حكم الجيش وإعادة الديمقراطية في البلاد، واسترجاع حكم الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، رافضين أي حوار مع قادة الجيش الجدد الذين تولوا زمام الأمر في البلاد بعد انقلاب أطاح الرئيس الموريتاني المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.

من جهتها طالبت أربعة أحزاب من المعارضة الديمقراطية المجلس الأعلى للدولة بالتشاور حول عدة أمور، رأت أنها «كفيلة بتفادي تكرار الأخطاء التي شابت المسار الديمقراطي في الماضي، فكانت سببا رئيسيا في الاختلالات التي أفضت بالبلد إلى ما وصل إليه من أزمات» بحسب بيان أصدرته أمس، مؤكدة أن في مقدمة هذه المطالب، تحديد فترة المرحلة الانتقالية وبرنامجها، وتقديم ضمانات حول إجراء انتخابات حرة «بما يضمن العودة السريعة لحياة دستورية طبيعية». وقالت أحزاب المعارضة التي أعلنت سابقا تأييدها للانقلاب الذي أطاح ولد الشيخ عبد الله، إن هذه المقترحات تأتي سعيا منها «إلى تحقيق أهداف التغيير والإصلاح التي هي أساس مشروعها السياسي المشترك. كما شددت على ضرورة تحديد برنامج المرحلة الانتقالية بالتشاور مع مختلف الفاعلين السياسيين في البلد، وإشراك كافة الفاعلين السياسيين في تسيير برنامج المرحلة الانتقالية مع مراعاة معيار الكفاءة والنزاهة في اختيار مسؤولي هذه المرحلة، وتقديم ضمانات جادة حول إجراء انتخابات حرة وشفافة.

ووقع على البيان حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يقوده المرشح زعيم المعارضة الديمقراطية أحمد ولد داداه، وحزب الاتحاد والتغيير الموريتاني (حاتم) الذي يرأسه القائد الانقلابي السابق صالح ولد حننا، والتحالف من أجل العدالة والديمقراطية الذي يرأسه الزعيم الأسود صار ابراهيما، والثلاثة مرشحون سابقون للانتخابات الرئاسية، إضافة لحزب حركة الديمقراطية المباشرة.