معتقلو غوانتانامو عرضة للاحتجاز حتى لو برأتهم اللجان العسكرية

نقاشات عليا في البنتاغون لبحث كيفية التعامل مع سائق بن لادن بعد انتهاء محكوميته

TT

فوجئت وزارة الدفاع الأميركية بالحكم المخفف الذي أصدره القاضي العسكري، الأسبوع الحالي، ضد أول مَن يُدان بتهم ذات صلة بالإرهاب في محاكمات خليج غوانتانامو. وأثير الكثير من النقاش على مستويات عليا عقب إصدار الحكم لبحث ما يمكن أن يحدث مع سالم أحمد حمدان عندما تنتهي فترة عقوبة السجن بحلول يناير (كانون الثاني). وكان الحكم الذي يقضي بسجن حمدان خمسة أعوام ونصف السنة، ويعني ذلك أنه على حمدان قضاء خمسة أشهر أخرى في سجن أميركي، أخف بكثير مما توقعه مسؤولون في البنتاغون، حيث كان محامو الادعاء يطالبون بسجنه 30 عاما في الأقل. والآن ينظر المسؤولون في احتمال إطلاق سراحه أو إبقائه رهن الاحتجاز لمدة غير محددة بوصفه «عدواً مقاتلاً». ويقول براين وايتمان، وهو متحدث باسم البنتاغون، إنه دائما ما كان موقف وزارة الدفاع إبقاء المعتقلين رهن الاحتجاز بوصفهم مقاتلين أعداء حتى لو برأتهم اللجان العسكرية أو حتى لو قضوا فترة السجن التي صدرت بحقهم. ويضيف وايتمان: «كان ذلك دائما في أذهاننا، أعني السيناريوهات التي من الممكن أن نقابلها. سيقضي (حمدان) فترة السجن بسبب إدانته وبعد ذلك سيبقى رهن الاحتجاز بوصفه مقاتلا عدوا، وحينئذ من الممكن ترحيله أو إطلاق سراحه».

وكانت قضية حمدان، الذي أدين بتقديم مساعدة مادية للإرهاب بعمله سائق لأسامة بن لادن، بمثابة نموذج للنظام الذي ستتبعه اللجان العسكرية. ويقول مسؤولون بوزارة الدفاع إن الحكم القصير يثبت النزاهة التي يتسم بها هذا النظام. ولكن يقول بعض الخبراء في القانون العسكري إنه من غير المحتمل أن تساعد قضية حمدان على التنبؤ بالأحكام المستقبلية بسبب مجموعة من الحقائق المرتبطة بها، ومنها أن حمدان كان سائقا، وليس مقاتلا إرهابيا أو عميلا للإرهاب. ويقول البعض إن حمدان نموذج للكثير من المعتقلين في خليج غوانتانامو الذين كان لهم دور بسيط في أعمال إرهابية، مقارنة بمن يزعم أنهم عقول مدبرة وعملاء في تنظيم «القاعدة» والتنظيمات الأخرى. ويقول إيجن فيدل، وهو رئيس المعهد القومي للعدالة العسكرية، إنه لم يفاجأ بالحكم المتساهل لأن القضية التي كانت مرفوعة ضد حمدان لم تكن قضية قوية. ولكن يضيف فيدل، الذي يُدِّرس القانون العسكري في كلية القانون بجامعة يال: «لا يدل الحكم على نزاهة العملية برمتها».

ويضغط مسؤولون بالبنتاغون لاستكمال النظر في قضايا أخرى يأملون أن تكون مثالاً على ذلك النوع من العمل الإرهابي الذي يريدون مقاضاته، ومن بين تلك القضايا قضية مرفوعة ضد خالد شيخ محمد وأربعة آخرين يُزعم أنهم شاركوا في التآمر لتنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001. ويُتوقع أن تتطرق تلك القضايا، التي من الممكن أن تصدر فيها أحكام بالإعدام، إلى التخطيط للعمل الإرهابي الذي أودى بحياة نحو 3000 شخص في الولايات المتحدة. كما يرفعُ البنتاغون خلال الأشهر المقبلة قضايا ضد معتقلين اثنين يَزعم أنهما قتلا وجرحا أفرادا في القوت الأميركية بأفغانستان، أحدهما هو عمر خضر، الذي ألقي القبض عليه وكان يبلغ وقتها 15 عاما، بعد مزاعم بأنه قتل جنديا أميركيا باستخدام قنبلة يدوية. ومن المتوقع أن يحاكم خضر في خليج غوانتانامو في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

من جانبه، يقول غاري ميرز، الذي عمل بالقانون العسكري لمدة 40 عاما، إن للقضاة العسكريين نظرة عميقة إلى هيكلة القيادة، ولذا لا يميلون إلى معاقبة المتورطين الذين لديهم دور بسيط في قضية إذا كان هناك مَنْ هُمْ في مستويات أعلى يتحملون المسؤولية. ويضيف ميرز: «أنهم يفهمون تسلسل القيادة والأدوار ذات الصلة، وهذا الفتى (حمدان) لم يكن شيئاً. لقد كان سائقا، وهذا الحكم يتفق مع فهمهم للحياة العسكرية». ويقول مسؤولون بوزارة الدفاع إن هناك مخاوفَ من نظرة الجمهور لإبقاء حمدان، رهن الاعتقال، بعد أن تنتهي فترة سجنه، لأن ذلك سيجعلُ من السهل وصف اللجان العسكرية بأنها «عملية صورية»، وأنه لا معنى لأيٍّ من أحكامها. كما يساورهم القلق من ظهور سوابق قضائية في المحاكم الأميركية إذا ما قام محامو حمدان بتقديم طلب التماس لمثول موكلهم أمام محكمة للنظر في قانونية اعتقاله. وكان حمدان قد كسب قضية أمام محكمة عليا أبطلت الإجراءات السابقة لإدارة الرئيس بوش الخاصة باللجان العسكرية. وتقول نانسي هولاندر، محامية السعودي عبد الرحيم الناشري المتهم بالتخطيط للهجوم الذي استهدف المدمرة الأميركية كول عام 2000، إن إبقاء الحكومة على حمدان رهن الاحتجاز لفترة غير محددة سيكون تصرفا جائراً. ومما يُعقِّد من القضية المرفوعة ضد حمدان أنه من اليمن، وتتردد الولايات المتحدة في إعادة المعتقلين اليمنيين المحتجزين في غوانتانامو إلي بلدهم بسبب مخاوف من انتهاكات لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى مخاوف أمنية. ورغم مساعي اليمن لاستعاد مواطنيه في إطار برنامج لإعادة المسجونين إلى بلادهم، رفضت الولايات المتحدة هذا الأمر. والشخص الآخر الذي أدانته اللجان العسكرية في غوانتانامو هو الاسترالي ديفيد هيكس. وأرسل سريعاً إلى استراليا كي يقضي الأشهر الأخيرة من فترة سجنه قبل أن يطلق سراحه.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»