جورجيا تدعو للتفاوض على وقف إطلاق نار.. وموسكو ترفض أي محادثات قبل الإنسحاب الكامل من أوسيتيا الجنوبية

واشنطن توجه أقسى تحذير لموسكو.. والرئيس الروسي يندد بـ«إبادة».. وكوشنير يبدأ مهمة وساطة

لاجئون جورجيون من اوسيتيا الجنوبية يشتبكون مع رجال الشرطة في محيط البرلمان في تبيليسي (رويترز)
TT

دعت جورجيا روسيا الى وقف فوري لاطلاق النار حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دبلوماسي جورجي في حين افادت وكالة انترفاكس للانباء ان وزارة خارجية جورجيا سلمت امس سفارة روسيا في تبيليسي اشعارا بان قواتها المسلحة توقف العمليات العسكرية اعتبارا من العاشر من اغسطس (امس). كما اكدت جورجيا لروسيا انها مستعدة لـ«بدء المفاوضات فورا» بشأن وقف اطلاق النار وانهاء الاقتتال. ونقلت انترفاكس عن بيان وزارة الخارجية الجورجية قوله ان «كل القوات المسلحة الجورجية تنسحب من منطقة الصراع» حسبما نقلت وكالة رويترز.

وقد أكدت موسكو انها تسلمت اشعارا جورجيا يعلن انتهاء الانشطة العسكرية في اقليم اوسيتيا الجنوبية الانفصالي لكنها قالت ان القتال لا يزال مستمرا في المنطقة.

ونقلت وكالة انترفاكس الروسية للانباء عن مصادر في وزارة الخارجية قولها «تسلمنا اشعارا بان جورجيا اعتبارا من الساعة الخامسة صباحا (001 بتوقيت غرينتش) توقفت عن اطلاق النار وتسحب قواتها من منطقة الصراع لكن معلوماتنا لا تؤكد التصريحات الجورجية. هناك مؤشرات على ان تبادل اطلاق النار مستمر وان القوات الجورجية لم تنسحب بالكامل من منطقة الصراع».

وقد اعلن ممثل الرئيس الابخازي سيرغي باغابش لوكالة انترفاكس ان جورجيا حشدت اربعة آلاف جندي على طول الحدود مع جمهورية ابخازيا الانفصالية على ضفة نهر انغوري.

في حين نقل مراسلو الوكالات الدولية ان طائرة القت قنابل على مقربة من مطار عسكري في ضاحية العاصمة الجورجية تبيليسي. وذكروا ان دوي نحو 15 انفجارا سمع قرب تسخينفالي بعد ساعات من اعلان جورجيا انها انسحبت عقب قتال عنيف مع القوات الروسية.

وامس، فرضت روسيا حصارا بحريا على جورجيا وسيطرت على تسخينفالي عاصمة اوسيتيا الجنوبية وقصفت مدينة زوغديدي غرب جورجيا، بعدما اعلنت تبيليسي انسحاب قواتها من كامل هذه المنطقة الانفصالية محذرة من ان روسيا تستعد لشن هجوم على غرب جورجيا.

وقصف الطيران الروسي صباح امس مطارا عسكريا قرب تبيليسي ليس بعيدا عن مطار العاصمة الدولي فيما وصلت سفن حربية روسية الى مرفأ في جمهورية ابخازيا الانفصالية الجورجية كما اعلنت تبيليسي التي اكدت ان القوات الروسية تتوجه جنوبا وان القوات الجورجية انتشرت لحماية مدينة غوري.

الا ان وكالة انترفاكس عادت ونقلت عن مصدر في بلدية نوفوروسييسك ان اثنتين من السفين الحربية الروسية التي ارسلت الى المياه الاقليمية الجورجية عادتا الى روسيا وهما راسيتان في مرفأ المدينة. والسفينتان هما قاذفة الصواريخ موسكفا وسفينة الحماية سميتليفيي التابعتان لاسطول البحر الاسود ومركزه سيباستوبول في جنوب شبه جزيرة القرم الاوكرانية. ولم تعد السفينتان الى مرفئهما في سيباستوبول بل الى نوفوروسييسك المطل على البحر الاسود وغير البعيد عن جمهورية ابخازيا الانفصالية عن جورجيا.

وجاءت هذه التطورات العسكرية في حين توجه وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الى تبيليسي وموسكو في مهمة وساطة ودعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى اجتماع جديد لمجلس الامن للبحث في الازمة وندد الامين العام لحلف شمال الاطلسي ياب دو هوب شيفر «بالاستخدام غير المتكافئ للقوة» في جورجيا مجددا دعوته الى «وقف فوري» لاطلاق النار، ووجهت واشنطن اقسى التحذيرات الى موسكو معتبرة ان النزاع قد يؤثر بشكل خطير على العلاقات بين موسكو وواشنطن. من جانبه، ندد الرئيس الروسي ديمتري مدفيدف بالهجوم الذي شنته جورجيا على اوسيتيا الجنوبية الانفصالية واصفا اياه بـ«الابادة»، وفقا لوكالات انباء روسية.

وكانت وكالة الانباء انترفاكس أعلنت نقلا عن مرسوم صادر عن الرئيس الابخازي سيرغي باغابش ان ابخازيا المنطقة الانفصالية في جورجيا ستعتبر في «حالة حرب» على جزء من اراضيها اذ اعلنت حال الطوارئ في مناطق غالي وتكفارتشيلي واوتشامتشيرا وغولريبش، اضافة الى قسم من عاصمة ابخازيا سوخومي.

وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية الجورجية تشوتا اوتياشفيلي اعلن ان روسيا طلبت من الامم المتحدة سحب مراقبيها من المنطقة الواقعة بين منطقة ابخازيا الانفصالية الجورجية ومدينة زوغديدي غرب جورجيا.

ونقلت وكالة انتر فاكس عن نائب وزير الخارجية الروسي قوله ان الفي شخص «غالبيتهم الساحقة من المواطنين الروس» قتلوا في اوسيتيا الجنوبية منذ بدء الهجوم الجورجي على هذه المنطقة الانفصالية. وقد نفى مسؤول روسي رفيع بوزارة الدفاع ان تكون القوات الروسية قد قصفت اي اهداف مدنية خلال الغارات الجوية التي شنتها على اقليم اوسيتيا الجنوبية. الا ان وزير الصحة الجورجي الكسندر كفيتاشفيلي اعلن ان 92 جورجيا قتلوا بينهم 40 مدنيا منذ بدء النزاع في جورجيا حول جيب اوسيتيا الجنوبية الانفصالي. وقال الوزير في تصريحات نقلها التلفزيون ان الحصيلة الاخيرة تشير الى مقتل 92 شخصا بينهم 40 مدنيا. وقد حذرت الولايات المتحدة روسيا من ان «تصعيدها غير المتكافئ والخطير» للنزاع في اوسيتيا الجنوبية سيترك انعكاسا «كبيرا» على علاقاتها مع واشنطن كما اعلن البيت الابيض.

وقال جيم جيفري نائب مستشار الامن القومي الاميركي للصحافيين في بكين «لقد اوضحنا للروس انه في حال استمرار التصعيد غير المتكافئ والخطير من الجانب الروسي، فان ذلك سيترك اثرا كبيرا على المدى الطويل على العلاقات الروسية ـ الاميركية» حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. واعتبر هذا المسؤول ان طريقة تعاطي موسكو مع انسحاب القوات الجورجية من اوسيتيا الجنوبية في حال تأكد هذا الامر، سيشكل «اختبارا» فعليا للنوايا الحقيقية لروسيا. وهو التحذير الاقوى بحق روسيا الذي يصدر عن الادارة الاميركية منذ بدء الاحداث الاخيرة في اوسيتيا الجنوبية.

وقد طلبت جورجيا من الولايات المتحدة القيام بدور وساطة في النزاع مع روسيا، على ما اعلن امين عام مجلس الامن الجورجي الكسندر لومايا الاحد لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال لومايا «لقد طلبنا من وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ان تتوسط مع الروس وتنقل اليهم رسالتنا»، وذلك بعدما اعلن انسحاب القوات الجورجية من كامل اوسيتيا الجنوبية تقريبا.

وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون دعا الى وقف المعارك فورا بين روسيا وجورجيا والى تسوية متفاوض عليها للنزاع. وجاء في بيان نشره مكتب بان كي مون ان «الامين العام يدعو كل الاطراف الى وقف الاعمال الحربية فورا والبدء بدون تأخير بمفاوضات للتوصل الى اتفاق سلام».

وينتظر وصول وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي تترأس بلاده حاليا الاتحاد الاوروبي، الى المنطقة لطرح «مخرج من الازمة»، غداة تحذير الاتحاد الاوروبي من ان مواصلة روسيا عملياتها العسكرية في جورجيا «سيضر» بالعلاقات الاوروبية الروسية.

وقال متحدث باسم الرئاسة الفرنسية الدورية الحالية للاتحاد الاوروبي ان وزراء خارجية دول الاتحاد سيعقدون اجتماعا طارئا يوم الاربعاء المقبل في بروكسل لمناقشة الوضع في اقليم أوسيتيا الجنوبية الانفصالي. ودعا كوشنير الى «وقف المجزرة» في جورجيا، وذلك في ختام اجتماع طارئ وقبل التوجه الى تبيليسي وموسكو في مهمة وساطة.

وقال كوشنير لمحطة التلفزة تي اف 1 «سنسعى الى وقف هذه المجزرة من خلال اقتراح وقف المعارك وانسحاب القوات من الجانبين الى الخطوط التي كان اقامها المجتمع الدولي».

وستعرض فرنسا خطة للخروج من الازمة من ثلاث نقاط تنص على احترام وحدة وسلامة اراضي جورجيا ووقف فوري للمعارك وعودة الوضع الى ما كان عليه سابقا.

وقد نصحت بريطانيا مواطنيها بمغادرة جورجيا في اسرع وقت ممكن ما لم تكن هناك حاجة ملحة لبقائهم وذلك فيما تداعت الازمة في اقليم اوسيتيا الجنوبية الانفصالي. وقالت الخارجية البريطانية في بيان «اذا كانت لا توجد حاجة ملحة لبقائك انت او عائلتك في جورجيا فيجب عليك المغادرة في اسرع وقت ممكن. من الحكمة ان تفعل ذلك في الوقت الذى لا تزال هناك بعض الخدمات الجوية متاحة والحدود ما زالت مفتوحة».

كذلك، اكد القائم بالأعمال الايطالي بيرلويجي سكيتينو هاتفيا من تبيليسي لوكالة الانباء الايطالية انسا ان عملية اجلاء الايطاليين الموجودين في العاصمة الجورجية بدأت امس. واوضح القائم بالاعمال ان نحو 130 الى 140 شخصا سيتم اجلاؤهم الى يريفان (ارمينيا) من اصل نحو 200 ايطالي موجودين في جورجيا. وطلبت الخارجية البريطانية الاحد من رعاياها مغادرة جورجيا «باسرع وقت ممكن».

كذلك ارسلت بولندا طائرة حكومية لاجلاء مواطنيها الذين بقوا في جورجيا كما اعلنت وزارة الخارجية. ودعا البابا بنديكتوس السادس عشر امس الى «وقف فوري للعمليات العسكرية» في النزاع بين جورجيا وروسيا واستئناف المفاوضات.

كما دعت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل الى «وقف اطلاق نار فوري وغير مشروط» في القوقاز وذلك في مكالمة هاتفية مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، على ما اعلن الناطق باسمها.