الشاعر في آخر ظهور له: ما استمعت إليه اليوم هو أفضل تأبين

الفلسطينيون يبحثون عن طائرة تنقل درويش إلى مثواه الأخير في رام الله

TT

يستعد الفلسطينيون لتشييع جثمان الشاعر الفلسطيني محمود درويش (67 عاما)، غدا الثلاثاء، في رام الله، وذلك عبر تنظيم جنازة رسمية للشاعر، الذي رحل يوم السبت في احد مستشفيات مدينة هيوستن الاميركية، اثر مضاعفات استمرت يومين، بعد ان أجريت له عملية قلب مفتوح. وتأمل السلطة الفلسطينية في ان تسير اجراءات تسليم ونقل جثمان درويش الى رام الله من دون اي تعقيدات. وأبدت وزيرة الثقافة الفلسطينية تهاني ابو دقة، قلقا من تأخير تسليم جثمان درويش. وقالت لـ«لشرق الاوسط»، ان السلطة تأمل في ان يتم التعامل مع جثمان درويش بشكل مختلف. وبحسب ابو دقة فان الاجراءات في مشفى «ميموريال هيرمان»، الذي توفي فيه درويش، تقضي بان يتم تسليم الجثمان بعد اربعة ايام من الوفاة. وقالت ابو دقة: «نأمل في ان يتجاوبوا معنا قبل ذلك». وتتوقع ابو دقة بان يكون تشييع درويش هو الاكبر، منذ وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عام 2004. وبخلاف ما يريده درويش ورفاقه ومريدوه، فانه سيدفن، بعيدا عن قريتة «البروة»، التي ولد فيها عام 1941، وتقع إلى الشرق من ساحل سهل عكا. وحسب ابو دقة، فإنه سيدفن في مكان قريب من القصر الثقافي في رام الله. وتدرس السلطة، عدة اقتراحات لتخليد ذكرى درويش. وذكرت ابو دقة: «سنقيم نصبا تذكاريا بالتأكيد». ويطالب مسؤولون في السلطة باقامة تمثال لدرويش، ولم تؤكد ذلك وزيرة الثقافة، بل قالت «اننا نتدارس كل الاقتراحات».

وذكر مريد سوداني رئيس بيت الشعر الفلسطيني: «ندرس اقامة تمثال له، لكن عامل الوقت هو الاهم». وبحسب سوداني فان جثمان درويش سيصل الى رام الله محمولا على طائرة اماراتية. الا ان ابو دقة اوضحت بان الاماراتيين تكفلوا بتكاليف نقل الجثمان. واضافت «هذه الطائرة بحاجة الى مواصفات خاصة، وما زلنا نبحث عن طائرة». وتابعت «ليس اكيدا ان تكون اماراتية».

ويسعى الفلسطينيون لتنظيم جنازة مهيبة لدرويش، وقال سوداني: «على الارجح ستكون مساء كي تليق بهذا الانسان المختلف». وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد اعلن الحداد العام لمدة ثلاثة أيام. وتجمع فلسطينيون في شوارع رام الله ليل السبت، وهم يحملون الشموع ويبكون. وكان عباس قد قال في خطاب مقتضب أذاعه التلفزيون: «كم هو مؤلم على قلبي وروحي أن أنعى للشعب الفلسطيني والامة العربية والاسلامية، وكل محبي السلام والحرية في العالم، رحيل نجم فلسطين وزينة شبابها وفارس فرسانها، الذي انتقلت روحه الطاهرة الى بارئها الساعة التاسعة والنصف بتوقيت فلسطين».

وكان اخر ظهور لدرويش في مايو (ايار) في افتتاح مهرجان «وين ع رام الله»، حين اطلقت بلدية المدينة، اسمه على اهم ميادينها. وهو ما اعتبره درويش افضل تأبين له. وقال في حينه «أود أن أشكر بأعمق المشاعر والعواطف مبادرة بلدية رام الله بالإقدام على شيء غير عادي في حياتنا العربية والفلسطينية، فليس من المألوف أن يكرم الأحياء وهذه سابقة لا أعرف كيف استقبلها، ولكن مكاني ليس هنا، ليس من الضروري أن أكون في هذا الحفل، لأن الموتى لا يحضرون حفل تأبينهم، وما استمعت إليه اليوم هو أفضل تأبين أود أن أسمعه في ما بعد».

ونعت فصائل منظمة التحرير والمنظمة وحركتا حماس والجهاد الاسلامي واعضاء كنيست ومؤسسات وفصائل مسلحة، درويش، معتبرين ان القضية خسرت احد اعمدتها الثقافية والادبية والسياسية، وتلقى الرئيس الفلسطيني عدة اتصالات من رؤساء ووزراء ينعون درويش، كما نعى ادباء اسرائيليون درويش. وقال الأديب الإسرائيلي أ.ب. يهوشواع، في صحيفة «معاريف» الاسرائيلية: إن «درويش الذي رحل عن عالمنا مساء السبت، كان بالنسبة للإسرائيليين الصديق والخصم. لقد بدا لي شريكا جديرا.. كان صعبا ونقديا، لكنه جدير».

واقتبس الشاعر الإسرائيلي، إسحق لاؤور، في مقالة نشرها في صحيفة «هآرتس»، من قصيدة درويش الأخيرة «سيناريو جاهز»، واعتبر أن «الشخصية»، في القصيدة ليست شخصية تماما، لأنه لا توجد للفلسطينيين حياة «شخصية». واضاف «لكن درويش زرع فيهم الأمل بواسطة شعر محدد للغاية». ورأى لاؤور أن «التاريخ كلّف درويش بأن يؤدي دورا وهو أن يكون الشاعر الوطني».