رئيس بعثة الجامعة العربية في مقديشو: الجامعة لم تبتعد عن الصوماليين.. هم مَنْ أبعدوا أنفسهم عنها

الشويمي: عبارة «لا غالب ولا مغلوب» أفضل طريقة للتوصل إلى حل في البلاد

TT

افتتحت الجامعة العربية مكتبا دائما لها لأول مرة في العاصمة الصومالية، مقديشو، وبدأ رئيس بعثة الجامعة الجديد للصومال، السفير إبراهيم الشويمي (مصري الجنسية) عمله في مبنى مستأجر وسط العاصمة على أن يكتمل أعضاء البعثة في وقت لاحق. وقال الشويمي لـ«الشرق الأوسط» إن مهمة بعثة الجامعة العربية تتلخصُ في الاتصال المباشر بالحكومة الصومالية ومع سائر الأطراف الأخرى في الصومال سواء كانت سياسية أو شعبية. ويقوم المكتب بدراسة الوضع في الصومال ومعرفة احتياجات الحكومة والشعب في المجال الإنساني في قطاع الصحة والأدوية والمستشفيات وإمكانية إرسال بعثات طبية والخدمات الانسانية الأخرى، تمهيدا لتقديمها بصورة مباشرة. هذا في المرحلة الأولى.

أما في المرحلة الثانية، فالجامعة تدرس الاحتياجات التعليمية والثقافية بالبلاد والتي تفتقر الى الدعم، ومن بين الخطط القادمة تزويد الجامعات الأهلية بخبرات عربية وتزويد مكتباتها بالكتب بهدف الارتفاع في مستوى التعليم. وعن انتقاد موجه إلى الجامعة بتجاهل الصومال وإعطاء اهتمام زائد عن الحد للبنان ودارفور، قال الشويمي «هذا استنتاج غير صحيح، فالجامعة لم تبتعد عن الصومال منذ البداية، ولكن الصحيح أن الصوماليين أبعدوا أنفسهم عن الجامعة، ليس عن الجامعة فقط وإنما عن كل العالم، ولم يستغلوا اليد الممدودة اليهم من الجامعة وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية. وأقولها صراحة وبكل أسف إن الصوماليين هم الذين كانوا يتعهدون كل مرة يُعقد فيها مؤتمر سواء في نيروبي أو القاهرة أو جيبوتي بإنهاء النزاع في الصومال، ولكنهم لا يلتزمون بما اتفقوا عليه، فالمنطقي هو أن أخاك هو الذي يساعد نفسه أولا ثم يأتي الإخوة ليدعموه، ولكن الصوماليين للأسف لا يساعدون أنفسهم، وبعضهم يلقي اللوم على الآخرين بعدم مساعدتهم». واوضح الشويمي أن اتفاقية جيبوتي كانت بداية انفراج حقيقية، ولكنها تحتاج إلى متابعة والتزام وتنفيذ. وعلى الحكومة والمعارضة الموقعتين للاتفاق وغيرهما من الأطراف الصومالية أن يواجهوا حقيقة واحدة وهو أنه لا يمكن لأي طرف الحصول على جميع مطالبه، وبالتالي أن يحصل الجميع على قدر أدنى من المطالب أفضل من أن يخسر الكل، والتنازل ليس عيبا، وعبارة «لا غالب ولا مغلوب» في حالة الصومال أفضل طريق للتوصل إلى حل. وفيما يتعلق بالدعم، قال الشويمي «نحن على استعداد لندعم، ولكن السؤال هو من نقدم له الدعم؟ نريد من الإخوة في الصومال الإجابة بصراحة عن هذا السؤال، الجامعة العربية لا تدعم قبائل ولا أحزابا ولا طوائف وإنما تدعم الدول والشعوب من خلاب آليات معروفة؛ ومهمتي هنا أن أجد وسيلة لدعم الصومال، وأتمنى من الإخوة في الصومال أن يقيسوا الأمور بمقياس صحيح». وعن صحة ان الجامعة تعكس الرأي المصري، قال الشويمي، «هذا أيضا غير صحيح، وكنت سمعته في أماكن كثيرة، صحيح أن العلاقة بين مصر والصومال كانت قوية منذ الاستقلال وقبله، لكن الجامعة العربية تمثل الدول العربية جميعا وليست دولة واحدة فقط، فإذا كان لبلد عربي ما علاقة خاصة ببلد آخر عربي وغير عربي فمن الطبيعي أن تستفيد الجامعة العربية من هذه العلاقة لصالح علاقتها بذلك البلد لأن الكل يصب في مصلحة واحدة وهو تعزيز العمل العربي المشترك». وعن زيارة مرتقبة لعمرو موسى الى مقديشو، قال الشويمي «الزيارة ستتم إذا سمحت الظروف الأمنية والسياسية في الصومال. وإذا تمت فليس لمجرد الزيارة وإنما لتحقيق هدف محدد، وهو في هذه الحالة إحراز تقدم في المساعي الجارية لحل المشكلة الصومالية».

عن الوضع الأمني في مقديشو، قال الشويمي «أنا أعلم أن الصومال بلد مضطرب، لكني لا أعتقد أن أحدا يستهدف دبلوماسياً عربياً جاء لمساعدة الناس هنا، ثم الأمانة العامة للجامعة العربية ليست دولة يراها طرف أو شخص ما بأنها تقف ضده بل هي مظلة للجميع، وعليه فإن وضعي لا يختلف كثيرا عن وضع اي صومالي عادي في شوارع مقديشو، وأنا عملت في الصومال قبل 30 سنة. وأتمنى وانا عائد إليها بعد كل هذه المدة أن أقود سيارتي الخاصة في شوارع مقديشو». واضاف: «أقول للصوماليين إنه ليس هناك من يقدر على إنقاذ الصومال مما هو فيه غيرهم، والوضع في البلاد لا يتحمل أكثر مما تحمل، وأن يكونوا على علم بأن كل حرب تنتهي بالتفاوض، فإذا لم يدخلوا في تفاوض حقيقي اليوم، فإنهم سيضطرون للتفاوض، وهم في وضع هم أضعف فيه من الوقت الحالي، والقضية الصومالية تفقد تعاطف المجتمع الدولي معها يوما بعد يوم. وأخشى أن يأتي يوم ستختفي فيه الصومال من أجندة المحافل الدولية أو يتم اتخاذ خطوات تجاهها سيترحم الصوماليون على الوضع الذي يجدون فيه أنفسهم اليوم».