موريتانيا: تجمع لمناصري الرئيس المخلوع وانقسام البرلمان بسبب رفض رئيسه للانقلاب

إطلاق 4 من الموقوفين مع سيدي ولد الشيخ > قائد الانقلاب يتعهد بالتشدد مع «القاعدة» > المجتمع الدولي يرفض انتخابات ينظمها جانب واحد

TT

كان متوقعاً أن ينظم مناصرو الرئيس المخلوع في موريتانيا، مساء أمس، تجمعاً في نواكشوط احتجاجاً على الانقلاب على سيدي ولد الشيخ عبد الله في السادس من الشهر الحالي، في وقت بدت فيه الجمعية الوطنية (البرلمان) منقسمة إثر تصريحات رئيسها مسعود ولد بولخير الرافضة للاعتراف للواقع الجديد في البلاد. وفي الوقت نفسه، أبدى ممثلو المجتمع الدولي رفضهم لانتخابات ينظمها جانب واحد في موريتانيا، في حين تعهد قائد الانقلاب محمد ولد عبد العزيز بالتشدد مع تنظيم «القاعدة».

وكان يفترض أن يعقد المهرجان الذي دعت اليه «جبهة الدفاع عن الديمقراطية» التي تضم أحزابا سياسية مناوئة للانقلاب، في ساحة كبيرة في العاصمة ويحضره كبار القادة السياسيين إضافة إلى 12 وزيرا على الأقل من الحكومة الحالية أبدوا استعدادهم للاستقالة وبرلمانيون ينتمون لهذه الجبهة. في غضون ذلك، أفرجت السلطات أمس عن رئيس الوزراء يحيى ولد احمد الواقف وثلاثة آخرين كانوا اعتقلوا معه خلال الانقلاب، في حين بقيَّ الرئيس ولد الشيخ قيد الاقامة الجبرية.

وجاء هذا في وقت جدد رئيس البرلمان وزعيم حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بولخير رفضه الاعتراف بالمجلس الأعلى للدولة الذي يتزعمه الجنرال محمد ولد عبد العزيز وندد باستهداف «مسار ديمقراطي حياه العالم أجمع وأسفر عن انتخابات شفافة ونزيهة أوصلت المسؤولين على المستويين التنفيذي والتشريعي». وقال ولد بولخير إنه يتمسك بالرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله كرئيس شرعي للبلاد باعتباره منتخبا، وأكد في لقاء صحافي الليلة قبل الماضية بمقر البرلمان أنه لن يتعامل مع أية حكومة يشكلها القادة الجدد لكنه سيحتفظ بصلاحياته كرئيس لمؤسسة الجمعية الوطنية. وأثارت تصريحات رئيس البرلمان هذه غضب النواب في التيار الموالي للانقلاب. وواجهوا هذه التصريحات ببيان مضاد أكدوا فيه أن موقف ولد بولخير لا يلزم أعضاء هذه الجمعية وإنما يعبر عن وجهة نظره الشخصية أو الحزبية فقط.

وقلل النائب سيدي محمد ولد محم رئيس فريق نواب حجب الثقة عن الحكومة الماضية من أهمية تصريحات رئيس البرلمان ولد بلخير، وقال إن الأغلبية البرلمانية تبارك الخطوة التي أقدم عليها الجيش «من أجل إعادة الحياة السياسية إلى سكة الديمقراطية».

وفي المقابل، أكدت مصادر برلمانية لـ «الشرق الأوسط» أن مجلس الدولة يسيطر على الأوضاع بشكل جيد، وأنه بصدد الإعداد للمرحلة الانتقالية، والتي تبدأ بالعمل بميثاق الدستور الجديد والحكومة الجديدة، وكذلك بانعقاد البرلمان وإعادة رفع العَلَمْ في كل مؤسسات الدولة. وحذرت المصادر البرلمانية، مسعود ولد بلخير من الاستمرار في مواقفه الرافضة لمجلس الدولة الحاكم في البلاد، قائلة «إذا لم يعدل بلخير عن مواقفه سنبعده عن منصبه». وأوضحت المصادر «أن 67 من أصل 96 نائبا هم أعضاء الجمعية الوطنية لا يرغبون في بقاء ولد بلخير بالجمعية». وقالت «إن رئيس البرلمان ينتمي إلى حزب القوى الشعبية والذي لا تتجاوز نسبة ممثليه في البرلمان 20%».

وفي نفس الاتجاه، شن رئيس مجلس الشيوخ يحيى ولد عبد القهار هجوما حادا على رئيس مجلس النواب بلخير الذي أبدى معارضته للانقلاب، متهما إياه بافتقاد المصداقية والشعبية وأنه يمثل حزبا عقائديا. وقال عبد القهار في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن بلخير برفضه لما سماه «حركة التصحيح» التي أطاحت بالرئيس ولد الشيخ «لا يعبر إلا عن نفسه وإن كل أعضاء البرلمان بغرفتيه مع مجلس الدولة وضد تصرفات الرئيس السابق التي اتسمت بالتعقيد والمحسوبية وعدم النزاهة والسعي لتجميد مؤسسات الدولة وهو ما أصابه بالخلل». وبرر رئيس مجلس الشيوخ تأييده لرئيس المجلس الأعلى للدولة الجنرال محمد ولد عبد العزيز بتفهمه (ولد عبد القهار) ومعه أعضاء مجلس الشيوخ «ما قام به الجيش من حركة انقلابية ضد الرئيس السابق الذي كنا نؤيده ولكنه انحرف عن مسار الديمقراطية وعلق صلاحيات البرلمان لكن العسكر جاءوا لإنقاذ البلاد»، وأمل ولد عبد القهار في أن تجرى الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن بشكل ديمقراطي مضيفا أن «كل موريتانيا متحدة وتنشد الحكم الصالح وتساعده».

وعما إذا كان الجنرال ولد عبد العزيز سيرشح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة أكد رئيس مجلس الشيوخ أن الوقت لا يزال مبكرا لطرح أسماء مرشحي الرئاسة «وفى المستقبل سنجد من هم المرشحون». وفي شأن ذي صلة، ذكرت مصادر مطلعة أن المجلس الأعلى للدولة شرع بإيفاد بعثات إلى فرنسا للدخول في مشاورات مع الفرنسيين وهيئات الاتحاد الأوروبي لإطلاعهم على دوافع الانقلاب. وحسب ذات المصادر، فإن الوفد الذي غادر نواكشوط الليلة قبل الماضية يتزعمه رئيس الحكومة السابق الزين ولد زيدان الذي أقاله ولد الشيخ عبد الله لأسباب لم يكشف عنها بعد.

وفي سياق ردود الفعل على الانقلاب، اعلن ممثلون للمجتمع الدولي في موريتانيا رفضهم تنظيم انتخابات رئاسية لا تشارك فيها مختلف احزاب البلاد وينظمها جانب واحد مساند لمجلس الدولة. والتقى سفراء فرنسا وألمانيا واسبانيا والولايات المتحدة معا أول من أمس في نواكشوط محمد ولد عبد العزيز، اضافة الى مندوب المفوضية الاوروبية وممثل برنامج الامم المتحدة للتنمية. ونقلت وكالة وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي قوله امس إن ممثلي المجتمع الدولي الستة اعربوا عن رفضهم «اجراء انتخابات تنظم من جانب واحد لانها ستعتبر على هذا الاساس غير شرعية». إلى ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن الحاكم الجديد في موريتانيا محمد ولد عبد العزيز قوله ان الزعماء العسكريين الجدد في البلاد سيتخذون خطا صارما بشأن متشددي القاعدة مقارنة مع السلطات السابقة. وألقى عبد العزيز باللوم على الرئيس المخلوع عن اطلاق سراح متشددين مشتبه فيهم من السجن وقال انه سيتعامل معهم بأسلوب اكثر صرامة. ولدى سؤاله عن القاعدة رد قائلا: «سنفعل ما فعلناه في الماضي. قاتلنا محققين نتائج ايجابية. حين نجدهم سنلقي القبض عليهم ونقدمهم للعدالة». وقال عبد العزيز من جهة أخرى خلال المقابلة إنه «ليس مستحيلا» ان يرشح نفسه لمنصب الرئيس في الانتخابات التي وعد بأجرائها بأسرع ما يمكن.