السودان: خريطة طريق لحل دارفور تتضمن محاكمات داخلية واتفاق سلام

المبعوث الأميركي للسودان: هناك أسباب تدفع للتفاؤل.. مساعد البشير: من يقول إن دارفور آمن «كاذب»

وزير الخارجية السوداني دينق ألور يرحب بمبعوث الولايات المتحدة الخاص الى السودان ريتشارد وليامسون في الخرطوم امس (ا ف ب)
TT

كشف مصدر قيادي في الحركة الشعبية بزعامة النائب الاول للرئيس السوداني سلفا كير عن ملامح خريطة الطريق التي قدمتها حركته لحل قضية دارفور، وتجاوز مأزق المحكمة الجنائية الدولية، التي طالب مدعيها العام بتوقيف الرئيس السوداني بتهمة ارتكاب جرائم حرب في الاقليم الغربي المضطرب. وقال المصدر ان خريطة الطريقة محاكمات داخلية بمراقبة دولية لعناصر من متورطين في جرائم حرب في دارفور، وخطوات لبدء مفاوضات سلام مع الحركات المسلحة، مشيرا الى تشكيل لجنة ثنائية من طرفي الحكم في السودان، لوضع اطار هيكلي وزمني لمبادرة أهل السودان التي طرحها الرئيس عمر البشير لحل ازمة دارفور.

وقال المصدر وهو قيادي بارز في الحركة الشعبية فضل حجب اسمه لـ«الشرق الاوسط»، ان «خريطة الطريق تدعو الى توحيد الحركات غير الموقعة لاتفاق ابوجا لسلام دارفور، والدخول في مفاوضات مباشرة لتحقيق سلام عادل وشامل في الاقليم لا يستثني اي طرف وإجراء محاكمات داخلية بمراقبة دولية، لمن يثبت اتهامه بارتكاب جرائم حرب في دارفور»، مشيراً الى مبادرة البشير التي طرحها تحت مسمى «مبادرة اهل السودان» لا تختلف كثيراً عن خريطة الطريق التي قدمتها الحركة.

وقال المصدر ان «الحل السلمي والعادل لقضية دارفور يعد جزءا من حل الازمة مع المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي»، مشيراً الى الحركة الشعبية وشريكها المؤتمر الوطني شكلا لجنة ثنائية تعمل على تحديد اطار هيكلي وزمني تتحرك فيه مبادرة اهل السودان، لكنه توقع ان يتم تنفيذها بنهاية هذا العام. وقال ان «المبادرة يمكن ان تحدث اختراقاً في حل ازمة دارفور باعتبار ان البشير وحزبه اصبحا يعملان بجدية لإنهاء الأزمة»، معتبراً ان اتفاق السلام بابوجا يعد ناقصا ويحتاج الى استكمال من خلال تنفيذ مطالب اهل دارفور، ووضع حد نهائي للحرب في الاقليم، وتابع «لا احد يقف ضد تحقيق العدالة ضد كل من اجرم في حق اهل الاقليم»، مشيراً الى امكانية دعم المجتمع الدولي لمبادرة السودانيين «اذا لمس خطوات جدية من الحكومة وكل الاطراف الاخرى». وفي رسالة تفاؤل نادرة، اعلن مبعوث الولايات المتحدة الخاص الى السودان ريتشارد وليامسون أمس ان هناك اسبابا تدفعه الى التفاؤل ازاء جهود السلام في دارفور معبرا عن الامل في انتشار سريع لعدد اكبر من جنود حفظ السلام في هذه المنطقة التي تشهد حربا اهلية. وقال وليامسون للصحافيين في الخرطوم بعد لقائه وزير الخارجية السوداني دينق الور ولقاءاته في دارفور (غرب) مع مسؤولي عملية حفظ السلام ان «وصول جنود السلام بأعداد صغيرة مخيب للامال».

ويتوقع ان تصبح بعثة السلام المشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور على المدى الطويل اكبر قوة حفظ سلام في العالم (26 الف عنصر). لكنها لا تعد حاليا سوى ثلث العناصر المسموح بها وتنقصها التجهيزات وكانت هدفا لهجمات دامية. واضاف وليامسون «للاسف، ان اداء القوة لم يكن مقبولا حتى الان. وتقع المسؤولية عن ذلك على السودان والامم المتحدة». وتابع «لكن لدينا اسبابا تدفعنا للتفاؤل حول واقع تغير وتيرة الماضي وإننا سنشهد وصول المزيد من جنود القوة المشتركة الى هنا لمساعدة شعب دارفور في المستقبل القريب». وكان الموفد الاميركي اعلن خلال زيارته الاخيرة الى السودان في يونيو (حزيران) ان الولايات المتحدة علقت المفاوضات الهادفة الى تطبيع علاقاتها الصعبة مع السودان معتبرا ان هذه الدولة غير مهتمة بالسلام.

وحمل مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني عمر البشير أمس الأمم المتحدة مسؤولية ضعف قوات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المشتركة لحفظ السلام في إقليم دارفور «يوناميد» لعدم نقلها للقوات من إثيوبيا ومصر إلى دارفور. وقال إسماعيل في تصريحات صحافية عقب لقائه ريتشارد وليامسون مبعوث الرئيس الأميركي جورج بوش إلى السودان إنه قدم للمبعوث شرحا حول الجهود التي تبذلها الحكومة لاستكمال عناصر القوة بالنسبة لقوات حفظ السلام في الإقليم المضطرب. وأضاف أن اللقاء تطرق لمواصلة الحوار السوداني الأميركي وتحديد موعد جديد لاستئناف المباحثات التي توقفت مؤخرا. وفي سياق اخر اتهم كبير مساعدي الرئيس السودانى رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي الذي يتخذ من احد مواقع قواته في دارفور مقراً له بعد خلافه مع حكومة البشير الشهر الماضي، الجيش الحكومي بتوسيع عملياته في دارفور، معتبراً عودته الى الخرطوم مرهونة بتسريع خطوات الحكومة بتنفيذ اتفاقية ابوجا للسلام في دارفور، واصفاً الحكومة بالمماطلة في تنفيذ الاتفاقية. وقال «كل من يقول ان دارفور بها استقرار كاذب»، مشيراً الى هجوم حركة العدل والمساواة على العاصمة السودانية في مايو (أيار) الماضي ومذكرة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية على البشير.