البرلمان اللبناني يمنح حكومة السنيورة الثقة بـ 100 صوت بعد7 جلسات ماراثونية

مناقشات البيان الوزاري استغرقت 28 ساعة.. وجلسة التصويت حضرها الحريري وجنبلاط

نواب لبنانيون اصطفوا امس في قاعة المجلس النيابي لتهنئة الرئيس فؤاد السنيورة على نيل حكومته ثقة البرلمان (رويترز)
TT

انهى امس مجلس النواب اللبناني مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة. ومنحها مئة نائب الثقة من اصل 127 نائبا. فيما حجبها خمسة نواب وامتنع اثنان عن التصويت. وتميزت الجلسة الاخيرة، وهي السابعة، بحضور ركني الاكثرية رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، وبصدمة احدثها الرئيس السابق للبرلمان النائب حسين الحسيني باعلانه الاستقالة.

وكما كان مخاض تشكيل الحكومة التي سماها البيان الوزاري «حكومة الوحدة والإرادة الوطنية» عسيرا، اذ تطلب نحو خمسة اسابيع من المشاورات مع الكتل النيابية والقوى السياسية، وكما استغرق انجاز البيان الوزاري اسابيع عدة، فان جلسات مناقشة هذا البيان والسياسة العامة للحكومة تواصلت على مدى 28 ساعة حفلت بالسجالات والنقاشات الحادة بين فريقي الاكثرية والمعارضة، وخاصة عندما كانت المداخلات النيابية تتناول دور «حزب الله» وسلاحه ودور المقاومة في الدولة وموضوع الاستراتيجية الدفاعية والأحداث الامنية التي تنقلت بين بيروت ومناطق لبنانية عدة منذ شهر مايو (ايار) الماضي.

افتتح الرئيس نبيه بري الجلسة عند العاشرة والنصف من قبل الظهر. وتحدث خلالها النواب بهيج طبارة وبطرس حرب وحسين الحسيني. وتلاهم الرئيس السنيورة برد شامل على ما تضمنته مداخلات النواب منذ بداية الجلسات. وحضرت الحكومة بكامل اعضائها باستثناء الوزير طلال ارسلان الذي غاب عن كل الجلسات. فيما حضر 107 نواب، من اصل 127، نالت الحكومة ثقة مائة منهم. فيما حجبها خمسة نواب هم: بهيج طبارة واسامة سعد وعاطف مجدلاني وصولانج الجميل ومحمد كبارة. وامتنع نائبان عن التصويت، هما غسان تويني والياس عطا الله.

وخلال القاء رئيس الحكومة كلمته قاطعه عدد من النواب فسأل النائب انور الخليل عن حجم الدين الذي بلغ 43 مليار دولار، وعن مصير التعويضات للمتضررين من حرب تموز 2006. كما سأل النائب ياسين جابر عن اولويات الحكومة وهل سيكون موضوع البلديات من ضمنها، وخصوصا انها منذ فترة طويلة لم تتلق اي مخصصات مالية.

وسأل النائب سيرج طورسركيسيان عن خطة الحكومة في ما يتعلق بالكهرباء وسبب زيادة التعرفة. فيما سأل النائب عاصم عراجي عن التعويضات للذين تضرروا بالحوادث الاخيرة في البقاع وتحديدا في بلدتي سعدنايل وتعلبايا .

من جهته، سأل النائب مصباح الاحدب عن مصير تعويضات المتضررين في طرابلس. ودخل في سجال مع النائب ايوب حميد الذي حصر سؤاله بمنطقة جبل محسن. وعلت الاصوات فتدخل النائب علي حسن خليل داعما زميله حميد. وعندذاك تدخل الرئيس بري بحزم فاصلا بين المتساجلين ومصوبا النقاشات بالطرق القانونية وضمن النظام الداخلي. ومما قال انه «على مدى خمسة ايام ومناقشات استغرقت 28 ساعة للسادة النواب، كل مرة كان رئيس الحكومة يريد ان يقول كلمة واحدة كنت اتمنى عليه ان يترك الاجوبة الى آخر الجلسة. واسمحوا لي هذه المرة بان اختم المناقشات» وذلك بعدما تصاعدت اسئلة النواب للرئيس السنيورة التي وضعها المراقبون في اطار «الخدمات الانتخابية» مع اقتراب موسم الانتخابات.

أما النائب عباس هاشم فقد سأل عن معنى كلمة «استرجاع» المعطوفة على كلمة «التحرير». لكن الرئيس بري اعلن اقفال باب النقاش وطلب من الرئيس السنيورة الاجابة عن اسئلة النواب فرد قائلا: «بالنسبة الى موضوع الدين العام ليس هناك من مصدر آخر لاي معلومة سوى ما تصدره وزارة المال وما تصدره ايضا وتثبته التقارير الدورية التي تصدر عن المرجع الدولي الاساسي الا وهو صندوق النقد الدولي الذي يضم 200 دولة في العالم. وهذه هي الارقام الحقيقية ولا اعرفها الان بالتحديد، لكنها تقريبا نحو 43 مليار دولار. اما في موضوع المهجرين فقد تعهدنا بإصدار سندات خزينة بقيمة 500 مليون دولار تم التوافق عليها. وهي بموجب قانون وعلى اساس انها نهاية او اقفال ملف المهجرين ومجلس الجنوب. اما اموال البلديات فوزارة المال تعمل على اساس انجاز قطع الحساب الذي على اساسه سيصار الى دفعها. وبالنسبة الى موضوع الكهرباء فهناك سعي من اجل زيادة نسبة التغذية اذا استطعنا ان نؤمن امدادا من مصر».

وأفاد السنيورة ان تعويضات احداث بعل محسن (في طرابلس) وسعدنايل وتلعبايا (في البقاع) وكل المناطق التي تضررت «ستكون من اهتمام الدولة اللبنانية عبر الهيئة العليا للاغاثة. اما موضوع تعويضات حرب تموز فأتمنى ان يصار الى جلسة سريعة في مجلس النواب... لاتخاذ القرارات الملائمة واللازمة».

وكانت الكلمة الاولى في جلسة الامس للنائب بهيج طبارة الذي سأل: «ماذا تقترح الحكومة للحد من التدخل للمال السياسي الذي يؤثر على ارادة الناخب، وما هو موقف الحكومة من تنظيم الاعلام والاعلان الانتخابيين؟».وتوجه الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان متمنيا عليه ان «لا يقتصر الحوار الذي سوف يدعو اليه على الفريقين المتخاصمين» وان «يضم الى طاولة الحوار اشخاصا مستقلين يمثلون شريحة كبيرة جدا في المجتمع، لان الامور المطروحة للحوار تعني اللبنانيين جميعا ولا تقتصر على الفريقين المتخاصمين».

اما النائب بطرس حرب فوصف جلسات المناقشة بانها «من اسوأ الجلسات التي شهدها المجلس النيابي». واعتبر «ان هذه الحكومة التي اطلقت على نفسها صفة حكومة الارادة الوطنية وبمن تضم من قوى تتعارض توجهاتها وأهدافها، غير قادرة على النهوض بالبلاد». ورأى «ان الحكومة استثنائية وتضم مجموعة تناقضات وآراء مختلفة. وهي لا تبقي للمعارضة مكانا فلا حياة ولا نظام ديمقراطيا اذا لم تكن هناك معارضة تقف امام الحكومة لتراقبها او تسقطها».

وطالب حرب بوقف «الفلتان الاعلامي الحاصل قبل اجراء الانتخابات النيابية». وقال: «نشهد فلتانا اعلاميا لا مثيل له يعمل على اثارة الغرائز والأحقاد وعلى توفير الاجواء ويحرض الناس على الاقتتال والخروج على المبادئ الديمقراطية التي يجب ان ترعى الانتخابات».

* لقطات

* عندما طالب النائب بهيج طبارة بضرورة شمول طاولة الحوار الوطني التي سيرعاها رئيس الجمهورية الاقطاب الذين لم تضمهم الطاولة الاولى اعترض النائب سيرج طورسركيسيان قائلا ان ذلك لن يفيد و«لن يحل المشكلة» فأسكته الرئيس نبيه بري.

> لاقت كلمة النائب طبارة اهتماما وترحيبا من جميع الحضور. وكانت المفاجأة عندما اعلن حجبه الثقة بالحكومة لاقتناعه بأنها لن تحل المعضلة اللبنانية.

> اضطر الوزراء الياس سكاف ومحمد فنيش ومحمد الصفدي للجلوس في صفوف النواب بينما جلس وزير الدفاع الياس المر على كرسي جانبي وضعت له في الصف الثاني من مقاعد الوزراء بعد ان امتلأت المقاعد الوزارية.

> غادر الرئيس حسين الحسيني بهدوء بعد الانتهاء من القاء كلمته واعلانه الاستقالة وسط استغراب النواب الذين بدت عليهم الصدمة والذهول.

> سجل تبادل حديث بين النائب وليد جنبلاط والنائبة جيلبرت زوين من تكتل «التغيير والاصلاح».