فلسطينيو الداخل غير راضين عن دفن درويش في رام الله

ينظمون له اليوم جنازة أخرى في البروة

TT

طالب كتاب ومثقفون واعضاء كنيست عرب، ومؤسسات سياسية وثقافية، من عرب 1948 بدفن الشاعر الفلسطيني محمود درويش في مسقط رأسه قرية البروة القريبة من قرية الجديدة في الجليل الفلسطيني. وتأتي هذه المطالبات برغم قرار السلطة الفلسطينية دفنه في رام الله اليوم. وقال الكاتب والمحلل السياسي انطوان شلحت لـ«الشرق الاوسط»: «يمكن الاستئناف على هذا القرار». ويجري هؤلاء اليوم جنازة رمزية في قرية البروة الساعة الخامسة مساء بموازاة الجنازة التي اعلن عنها في رام الله.

وقالت فداء حمود، من منظمي الجنازة، «مع أنّ القرار الرسمي جاء لترتيب الجنازة في رام الله، إلا أنّ مبادرتنا هذه تأتي لأننا نشعر بأنّ واجبنا الوطني يأخذنا إلى البروة».

ويتضح من عدة نشاطات وبيانات صدرت في الداخل الفلسطيني انهم غير راضين عن دفن درويش في رام الله. وقال شلحت الذي وقع عريضة مع عشرات الكتاب والادباء والفنانين في الداخل والعالم العربي: «ان درويش يجب ان يدفن في أرضه الاولى، الجليل، انها شهدت بداية تكوينه الاول». وأضاف: «كل أحاديث محمود الصحافية قال فيها ان علاقته بالجليل وحيفا اعمق من علاقته بسائر المدن الاخرى». وتابع «ايضا هناك معنى رمزي لدفنه بالجليل، انه صاحب حق هنا».. ويرى شلحت انه كان على السلطة ان تطالب بدفنه في مسقط رأسه، «فان وافقت اسرائيل وعاد الشاعر الى ارضه كسبنا المعركة وان رفضت اسرائيل كسبناها ايضا». ويحمل منظمو الجنازة اليوم في البروة مقطعًا من قصيدة «جدارية» لدرويش، التي يتحدث فيها عن جنازته حيث ولد في قرية الجديدة الجليلية:

فيا مَوْتُ! انتظرني ريثما أُنهي تدابيرَ الجنازة في الربيع الهَشّ، حيث وُلدتُ، حيث سأمنع الخطباء،من تكرار ما قالوا عن البلد الحزين، وعن صُمُود التينِ والزيتونِ في وجه الزمان وجيشِهِ . سأقول: صُبُّوني بحرف النون، حيث تَعُبُّ روحي سورةُ الرحمن في القرآن. وامشوا صامتين معي على خطوات أَجدادي ووقع الناي في أَزلي». وقالت شيرين يونس وهي إعلامية من الداخل: «هذه افضل وصية لدرويش يطالب فيها بدفنه حيث ولد». وتبدي يونس غضبا من اصرار السلطة على دفن درويش في رام الله. وقالت :«ماذا تعني رام الله، أهي عاصمة الفلسطينين؟». واعتبرت «ان السلطة تكرس مبدأ ان رام الله هي العاصمة وليست القدس». وترى يونس ان القضية انسانية بالدرجة الاولى، ودرويش له اسرة صغيرة اصبح من حقه ان يعود اليها بعدما ظل مهجرا عشرات السنين. وتابعت: «القضية خصوصية ايضا، وتخص عرب الداخل ولها دلالات كبيرة.. هذا اللاجئ (درويش) يجب ان يعود الى وطنه». وأعادت امس مواقع الكترونية في الداخل نشر لقاءات صحافية مع درويش يحكي فيها عن علاقته بحيفا ورام الله. وأرادت هذه المواقع القول إن رام الله لا تعني شيئا لدرويش. ونشر موقع عرب 48 المعروف، لقاء لدرويش، قال فيه «رام الله بالنسبة لي مكان للزيارة. مكان للمشاركة في صَوْغ الهوية الوطنية. أمّا بالنسبة لي شخصيًا فلا معنى خاص لها.. لم أعرفها من قبل وليست لي فيها ذاكرة، وليس لي فيها تاريخ. تعرّفت عليها منذ عشر سنوات فقط. وفي مثل هذا العمر لا أستطيع أن أبدع ذكريات وعلاقات حميمة مع المكان (...) لقد عشتُ في حيفا عشر سنوات كاملة، وفي حيفا عرفت كل أنواع التجارب الأولى : تجربة الكتابة، تجربة النشر، تجربة العمل الصحافي، تجربة السجن، الاعتقال المنزلي والإقامة الجبرية.. في حيفا ترعرعت شخصيتي الشعرية والثقافية والسياسيّة، أيضًا، وبالتالي أستطيع أن أعتبر أن أكثر مكان موجود في نصّي الشعري وفي تكويني الثقافي هو حيفا، بدون شك. صحيح أنني لم أولد في حيفا، وحيفا ليست مدينتي، لكنها مدينتي بالتبنّي؛ تبنيتُ حيفا مثلما احتضنتني هي كواحد من أبنائها».

وقال الموقع: «يرى الكثيرون في هذا سببًا رئيسًا لدفن درويش في جليله الذي ولد ونشأ فيه وتشكلت ملامحه، وليس في رام الله التي لم يرَ فيها أية خصوصية تذكر في مسيرته الشعرية والوطنية».

وبرغم ان قرار دفن درويش في رام الله اتخذته عائلته بطلب من السلطة الفلسطينية إلا ان كثيراً من الجماهير العربية في الداخل وأعضاء عرب في الكنيست الاسرائيلي أبدوا تحفظا على دفنه في رام الله. وقال جمال زحالقة، عضو الكنيست، لـ«الشرق الاوسط»: «انا شخصيا لم اوافق على دفنه في رام الله وطالبت بدفنه في الجليل، لكن أهله اتخذوا القرار». وقال عضو الكنيست الاخر واصل طه: «صحيح انه أينما يدفن درويش فانه يشكل رمزا، لكن من الطبيعي ان نطالب بدفنه في البروة حيث ولد وعاش وترعرع».