عرض أولمرت: أكثر من كامب ديفيد وأقل من طابا

TT

الاقتراح الذي تقدم به رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، الى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (ابو مازن)، كمسودة اتفاق، تبدو أفضلَ من المقترحات الرسمية التي تقدم بها رئيس الوزراء الأسبق، ايهود باراك، في مؤتمر كامب ديفيد (صيف 2000)، للرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، بحضور الرئيس الأميركي السابق، بيل كلينتون، لكنه يقل عن المقترحات التي تقدم بها المفاوضون الرئيسيون باسم باراك، برئاسة وزير الخارجية في حينه، شلومو بن عامي، بطابا في يناير (كانون الثاني) 2001. وكان أولمرت قد بدأ مفاوضاته مع الرئيس أبو مازن، منذ ما يزيد على سنة، على أساس ما تم بحثه في طابا وما اتفق أو لم يتفق عليه. ومن النشر في حينه واليوم، نجد الفروقَ بين الطروحات الاسرائيلية في حينه وبين طروحات اليوم على النحو التالي:

> مبدأ الحدود: في كامب ديفيد، تحدث باراك عن الأساس الذي ستتم فيه حدود الدولة الفلسطينية على انه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242. ويفسره الاسرائيليون وفقا للنص البريطاني بأنه انسحابٌ من أراضٍ وليس من الأراضي التي احتلت عام 1967. أما في طابا، فقدم بن عامي أول اعتراف اسرائيلي بحدود ما قبل 4 يونيو (حزيران) 1967، أساساً للتفاوض حول اقامة الدولة الفلسطينية العتيدة.

> الحدود: اتضح في كامب ديفيد ان باراك يوافق على أن تنسحب اسرائيل من قطاع غزة بالكامل ومن حوالي 90 % من مساحة الضفة الغربية، وأن يتم تعويض الفلسطينيين عن ذلك بما يعادل 4 ـ 5% من مساحة أراضي الضفة الغربية في منطقة الجنوب الشرقي لقطاع غزة تقتطع من أراضي النقب. وفي طابا، رفع الاسرائيليون النسبة الى 94% من الضفة الغربية مع تبادل الأرض الباقية (6%) بنفس المساحة والقيمة. أما أولمرت، فأنزل الرقم الى 93% وأنزل التعويض بالتبادل الى 5.5%.

التبادل: في كامب ديفيد، رفض باراك مبدأ التبادل الكامل وعرض تعويضاً لمرة واحدة عن الأراضي التي ستبقيها اسرائيل ضمن حدودها من الضفة الغربية، ولكن في طابا، قبلت اسرائيل بمبدأ التبادل (دونم مقابل دونم)، يساويه ليس بالمساحة فحسب، بل بالقيمة المالية والمادية أيضا. أما أولمرت فعرض تقديم 5.5% من مجموع 7% يضمها الى اسرائيل حدد لها مكانا في منطقة النقب فحسب، وهي منطقة صحراوية تحتاج الى موارد هائلة لاستصلاحها. وادَّعَى ان الممر الآمن من قطاع غزة الى الضفة الغربية هو أرض ذات قيمة مالية ومادية كبيرة جداً أكبر من كل الـ 7% التي سيخسرها الفلسطينيون.

> اللاجئون: كانت قضية اللاجئين واحدة من العقبات الأساسية في كامب ديفيد حيث ان اسرائيل رفضت اعتبارها قضية صراع. وقالت انها قضية فلسطينية يتم حلها في اطار بناء الدولة الفلسطينية، وان اسرائيل ستشارك في حلها من منطلقات انسانية لإبداء النوايا الحسنة، ولكنها لن تتحمل مسؤولية عنها بأي شكل. وفي طابا، تحسن الموقف الاسرائيلي وتمت صيغته بالقول ان اسرائيل تقبل بتسوية عادلة لقضية اللاجئين وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 بما يؤدي الى تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، الذي يعتبر أهم قرار دولي يتناول بالعدل قضية اللاجئين. ونتيجة لذلك، تقرر أن توافق اسرائيل على اعادة لاجئي لبنان الى تخومها، بحيث تقيم لهم مدينة جنوب قطاع غزة، ثم تضم هذه المنطقة الى تخوم الدولة الفلسطينية، ثم تتاح لحوالي 150 ألف لاجئ فلسطيني العودة الى تخوم اسرائيل، وذلك على امتداد 10 ـ 15 سنة. ووافق أولمرت على صياغة التسوية العادلة لقضية اللاجئين، ولكنه لا يذكر حاليا القرار 194 ولا عودة لاجئي لبنان ولا الرقم 150 ألفاً. ويكتفي بالحديث عن «استيعاب حالات انسانية في اطار جمع الشمل».

> الاستيطان: في كامب ديفيد بحثوا إمكانية الإبقاء على كتل استيطانية داخل تخوم الدولة الفلسطينية تكون مربوطة مع اسرائيل بمختلف الطرق. وبطابا أوضحوا ان أراضي الدولة الفلسطينية ستكون خالية تماماً من المستوطنات. ويظل أولمرت في الموقف نفسه من هذه الناحية، ولكنه يتحدث عن الاحتفاظ بكتل استيطانية أكبر.

> قضايا أخرى: هناك قضايا أخرى تفصيلية تتعلق بالترتيبات الأمنية والعلاقات الاقتصادية والجداول الزمنية، ليس واضحاً في النشر الأولي ما إذا كان أولمرت قد غيَّر شيئا فيها من خلال اقتراحه هذا أم لا.