مجمع «جكوك» لأرامل بغداد.. 150 كرفانا في كل منها غرفة نوم واستقبال ومطبخ

مسؤول لجنة المهجرين لـ «الشرق الأوسط» : قد نوفر الحماية الأمنية لكن كيف نؤمن حماية أخلاقية ؟

TT

«مجمعات أرامل بغداد».. هكذا ارتأت مسؤولة لجنة المرأة في مجلس محافظة بغداد ان تسمي مجمعي (كرفانات) الكرخ والرصافة لإسكان الارامل اللائي فقدن بيوتهن وايضا ازواجهن خلال فترة التهجير التي شهدتها بغداد خلال العاميين الماضيين. لكن المشكلة حسب مازن الشيحاني، رئيس لجنة المهجرين في بغداد، هي في جمع 300 ارملة، اغلبهن في عمر الشباب، في مكان واحد، وفي حال فكرت احداهن بالزواج سيكون مصيرها الطرد من الكرفان الذي خصصته لها الحكومة العراقية عبر برنامج تبناه مجلس المحافظة، لان الهدف هو إسكان عوائل بدون معيل حصرا.

مجلس المحافظة سهل لـ«الشرق الأوسط» مهمة زيارة مجمع (جكوك) في منطقة الكاظمية والذي يضم 150 كرفانا. عائلة (ام انسام) تعيش في احد هذه الكرفانات وان كانت افضل حالا من مخيمات المهجرين التي عانت عائلتها كثيرا جراء العيش فيها، لكن الكرفان الذي تبلغ مساحته 40 مترا مربعا، وقسم الى غرفة نوم واحدة وغرفة استقبال ومطبخ صغير وملحق صحي، ما زال دون طموح اي عائلة مهما بلغت درجة عوزها المادي. فأرضية الكرفان غير مكتملة كما انه يخلو من اي جهاز للتبريد وحتى المراوح خاصة ان الصيف العراقي يمتاز بحرارته التي لا ترحم. وتقول «ام انسام» ان هناك مشكلة اخرى وهي انها قضت فترة العام ونصف العام الماضية في تنقل مستمر ما بين المخيمات والبيوت المستأجرة وكل مرة تواجه صعوبة في التأقلم مع من يشاركونها هذا المخيم. وتضيف «كما يعلم الجميع انه من الصعب معرفة نوايا الساكنين معك في نفس المجمع او كيفية التعايش معهم خاصة انك من غير معيل، وانا فقدت زوجي خلال الاحداث وفقدت بيتي واحد ابنائي ولم يتبق لي غير ابنتي وهي طالبة كلية وطفل ما زال في مرحلة الابتدائية». واضافت «نحن نواجه صعوبة بالغة في تدبير أمورنا، فالقانون المطبق حاليا فيه الكثير من التعقيدات ولا يميز او يقدر ظروف شرائح معينة، فانا لا احصل إلا على مبلغ قليل جدا وهو ما تبقى من مرتب زوجي المتوفي، ولانه أعطى حياته لوطنه قاموا بخصم النسبة الاعظم من مرتبه، فهل هذا يرضي المسؤولين، فبدلا من تعزيز مستوانا المعاشي عملوا العكس». عائلة محمد حلو وهم جيران «ام انسام» بينوا انهم حضروا لهذا الكرفان بملابسهم فقط خاصة انهم هجروا ثلاث مرات ومن مناطق مختلفة وكل مرة يفقدون الكثير، وهم لم يملكوا بيتا في السابق لان امكانيتهم المادية ضعيفة جدا وهم يأملون ان يملكوا الكرفان او يبقون فيه على الاقل، فلماذا تضع الجهات المعنية شروطا امامهم وهي تعلم ان هذه الشريحة تعيش من غير معيل في هذا المجمع. من جهته بيّن الشيحاني لـ«الشرق الاوسط» ان مجموع الكرفانات التي وزعت على المهجرين بلغ 300 كرفان ما بين الكرخ والرصافة، وتم توزيع مجمع الكرخ قبل فترة، وقريبا جدا سيتم توزيع مجمع الرصافة، وهي مجمعات تنفرد بها العاصمة عن غيرها من المدن عدا النجف، مشيرا الى ان ضوابط إعطاء البيت للعائلة تتمثل «بتقديم عائلة مهجرة وقتل معيلها اثناء التهجير فنحن وجدنا انها يجب ان تكون ضمن الاوليات فقد تتمكن عائلة فيها شاب او اثنان من تدبر أمرها لكن ارملة واطفالا ايتام صعب عليهم العيش بدون رعاية تقدمها لها الحكومة. لكننا وضعنا الضوابط والشروط، فلو تزوجت الارملة هنا سيكون زوجها ملزما بإعالتها وايضا الايتام، وهنا يجب ان تخرج ويعطى البيت لعائلة اخرى».

وكشف الشيحاني عن ان مجمعات الارامل «وان كانت حلا لمشكلة لكنها ايضا مشكلة في حد ذاتها فهي مجمعات ستجمع اناسا من شرائح مختلفة وستجمع مشاكل التحزب والطائفية، ناهيك من ان العديد من الارامل داخل المجمع هن بأعمار متوسطة وحتى شابات، وربما وفر المجلس حماية امنية لكن كيف نحمي الجانب الاخلاقي ؟». وتمنى «ان تتبنى الدولة مشروعا لدعم الارامل او تشجيع الرجال على الزواج من هذه الشريحة كأن تخصص منحة مالية لهم او ما شابه».

فاطمة الاعرجي مسؤولة لجنة المرأة في قطاع المهجرين اكدت لـ«الشرق الاوسط» ان المجلس وزع الكرفانات على عوائل المهجرين وفق عقد، مشيرة الى انها لا تستطيع احصاء عدد الارامل «لكن أعداد المتقدمات للحصول على كرفان ضخمة جدا لكننا وضعنا ضوابط لاستلام الطلبات بان تكون الارملة من سكنة بغداد وفقدت معيلها اثناء التهجير، وهنا نستلم منها ونوقع معها عقد الاستلام مباشرة» مشيرة الى توفر الخدمات في هذه المجمعات من كهرباء وماء «وقريبا سنقوم ببناء مدرسة صغيرة داخل كل مجمع، وكذلك هناك نسبة كبيرة من العوائل تتكون من مجموعة ايتام معهم جدتهم وهذا يعني ان امهم تزوجت، وجميع المجمعات مؤمنة ويعمل داخلها حراس يتبعون وزارة الداخلية».