خلافات أميركية ـ إسرائيلية حول إيران.. وواشنطن ترفض تزويد تل أبيب بأسلحة هجومية لمهاجمتها

في لقاء ثلاثي جمع بوش وأولمرت وباراك في القدس عرضت فيه تل أبيب خطة لإقناع روسيا والهند والصين بتشديد مواقفها ضد طهران

TT

فيما أكد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ان اميركا «لا ترى ان التحرك ضد ايران هو الاجراء الصائب في الوقت الراهن»، لكنها تشارك اسرائيل الرأي في «عدم استبعاد اي خيار من الطاولة»، كشف تقرير نشر في صحفية «هارتس» الاسرائيلية امس ان الولايات المتحدة رفضت طلبات اسرائيل للحصول على أسلحة هجومية لمساعدتها على الاعداد لهجوم محتمل على المنشات النووية الايرانية. وجاء في التقرير غير المنسوب الى مصدر ان الاميركيين حذروا اسرائيل من القيام بهجوم على المنشآت النووية الإيرانية ورفضوا مدها بأسلحة هجومية وبدلا من ذلك عرضوا تحسين دفاعات الدولة الاسرائيلية ضد صواريخ أرض أرض. ولم يحدد تقرير هارتس، الذي كتبه احد كبار محرريها في الصفحة الاولي، انظمة الاسلحة التي طلبتها اسرائيل. وقال ان واشنطن ابلغت اسرائيل انه لن يسمح لطائراتها باستخدام المجال الجوي العراقي للوصول الى ايران.

وبحسب الصحيفة التي لم تورد مصادرها، فان الاميركيين اعتبروا هذا الطلب «الذي قدم ورفض على اعلى المستويات» مؤشرا على ان اسرائيل اصبحت متقدمة جدا في تحضيراتها لشن مثل هذا الهجوم. وقالت «هآرتس» ان الاميركيين حذروا اسرائيل من ان مثل هذا الهجوم سيسيء لمصالحهم وطلبوا ابلاغهم في مطلق الاحوال اذا كان سيتم.

ورفض متحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت التعليق على تقرير «هآرتس» لكنه قال ان هناك حاجة الى دفعة دبلوماسية عالمية أقوى ضد ايران. وقال المتحدث مارك ريجيف «تدعم اسرائيل الجهود الدولية للضغط على النظام في ايران ليوقف تخصيب اليورانيوم. حان الوقت كي يرسل المجتمع الدولي رسالة واضحة الى القيادة الايرانية. لن تنجح الممارسات الدبلوماسية الا اذا مورست بجدية».

وقال مسؤول اسرائيلي اخر مطلع على القضية اشترط عدم ذكر اسمه ان «الجيش الاميركي أوضح أنه لا يرغب في عمل عسكري اسرائيلي في الوقت الراهن». فيما رفضت وزارة الدفاع الاميركية التعليق على التقرير. وفي حديث مع راديو الجيش الاسرائيلي لم ينف وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك تقرير «هآرتس» لكنه رفض ان يناقشه. وقال باراك «ليس من الصواب مناقشة مثل هذه الامور». وقال باراك ان ايران تشكل «خطرا على النظام العالمي كله وان هناك الكثير من الاعمال التي يمكن ان تنفذ في نطاق المخابرات والإجراءات الوقائية». وأضاف ان الولايات المتحدة «لا ترى ان التحرك ضد ايران هو الاجراء الصائب في الوقت الراهن»، لكنها تشارك اسرائيل الرأي في «عدم استبعاد اي خيار على الطاولة». وأضاف «في الوقت الراهن يجب ان تتقدم العملية الدبلوماسية لكن هناك الكثير من الخيارات. اسرائيل دولة قوية ومن الافضل عدم الحديث عن ذلك». وتابع باراك ان «موقف الولايات المتحدة المعروف وهو ان كل ما يجب القيام به هو مواصلة التحرك في مجال الاستخبارات وزيادة العقوبات الاقتصادية على نظام (الرئيس الايراني محمود) احمدي نجاد».

وبحسب صحيفة «هآرتس» فان النقاش حول الموضوع جاء خلال اللقاء الثلاثي الذي جرى بين الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت ونائبه وزير الدفاع ايهود باراك، في مايو (أيار) في القدس. ففي هذا اللقاء، الذي خصص بالأساس للبحث في الموضوع الايراني، طلب أولمرت وباراك من بوش تزويد اسرائيل بعدد من الأجهزة والوسائل القتالية الحساسة المتطورة واشراك الجيش الاسرائيلي في شبكات رادار وعمليات تنسيق عسكرية حساسة في الجيش الأميركي، لمواجهة التهديدات الايرانية. ومع عودة بوش الى واشنطن، جرى البحث في الطلبات الاسرائيلية، فخلص قادة الجيش الى الشكوك بان اسرائيل تخطط بشكل فعلي لتوجيه ضربات عسكرية الى ايران خلال شهور قريبة. وتقرر توجيه رسالة اليها تبين الرفض الأميركي. وقد حضر لاسرائيل في الشهر التالي، كل من رئيس المخابرات الوطنية، مايك ماكونال، ورئيس أركان القوات المشتركة، الأدميرال مايكل مولن رئيس هيئة الأركان الاميركية، وأبلغا قادة الأجهزة الأمنية الاسرائيلية ان التقديرات الاسرائيلية حول التسلح النووي الايراني مبالغ فيها وان التقديرات والمعلومات الأميركية تشير الى ان ايران ما زالت بعيدة عن القدرة على صنع السلاح النووي وان الهجوم عليها يلحق الضرر بالمصالح الأميركية وان واشنطن لا تسمح للطائرات الاسرائيلية بالطيران فوق سماء العراق. وفي الوقت نفسه بعث العراق برسائل حازمة لاسرائيل يؤكد فيها رفضه السماح باستخدام أجوائه في عمليات عسكرية ضد ايران. وقالت الولايات المتحدة الاسبوع الماضي أن إيران بتجاهلها مطالب تعليق أنشطتها النووية الحساسة لا تترك أمام مجلس الامن التابع للامم المتحدة خيارا سوى زيادة العقوبات المفروضة على طهران. وتزامن هذا مع تسريبات أميركية لوسائل الاعلام هدفها التشويش على المخطط الاسرائيلي، ومنها التسريب الذي كشف عن المناورات التي أجراها سلاح الجو الاسرائيلي في اليونان. وتكرار الأميركيون تأكيد موقفهم من خلال تصريحات علنية للأدميرال مايك مولن، رئيس هئية الاركان الاميركية المشتركة. وكذلك خلال اللقاءات التي أجراها باراك في واشنطن قبل أسبوعين. وكشف النقاب أن باراك حاول التدخل في حسابات السياسية الأميركية، حين عرض خطة لتغيير مواقف الصين وروسيا والهند لصالح تشديد العقوبات ضد ايران، باعتبار أن هذه الدول هي التي تجهض دائما محاولات تشديد العقوبات حاليا. واقترح باراك أن تعرض الولايات المتحدة على روسيا صفقة يتم بموجبها تخفيف حدة التوتر مع موسكو في عدة مواقع في العالم، مثل جورجيا، وازالة بعض القواعد الصاروخية في المناطق القريبة من روسيا، مقابل ان تغير موسكو موقفها فيما يتعلق بإيران، لكن واشنطن رفضت الاقتراح. كما رفضت تزويد اسرائيل بطلباتها العسكرية الهجومية، وبالمقابل حاولت الإدارة الأميركية التعويض لاسرائيل بتعزيز قوتها الردعية فوافقت على تمويل الجزء الأكبر من تطوير صاروخ «حيتس ـ 3» المضاد للصواريخ، ومنح سلاح الجو الاسرائيلي 9 طائرات من طراز «سوبر ـ هيركوليس» ذات المدى البعيد وغيرها من الأسلحة الدفاعية. وأشار تقرير «هآرتس» الى ان اسرائيل لم تتراجع بعد عن خطتها وتنتظر نتائج الجهود الدولية الدبلوماسية لوقف تطوير المشروع النووي الايراني.