رفسنجاني: طلب خامنئي أن نصبر على نجاد لكن صبرنا انتهى.. والحكومة باتت أكبر «موظف»

في تصريحات أثارت تكهنات حول توتر علاقته مع خامنئي .. مصدر إيراني: المرشد ورفسنجاني لم يعودا يلتقيان كثيرا

إيرانية أمام صورة لخامنئي في طهران أمس (رويترز)
TT

فيما يظهر انه توتر في العلاقات بين رئيس مجلس الخبراء هاشمي رفسنجاني والمرشد الاعلى لإيران آية الله علي خامنئي قال رفسنجاني إن المرشد الاعلى لإيران طلب منا «ان نصبر على أحمدي نجاد.. لكن صبرنا انتهى والحكومة باتت أكبر موظف»، موضحا أن تخصيص الاقتصاد الإيراني تراجع أمام عودة الدولة للسيطرة على الاقتصاد. ويأتي ذلك فيما قال مصدر إيراني لـ«الشرق الأوسط» إن علاقات المرشد الاعلى ورفسنجاني سادها الفتور منذ انتخاب احمدي نجاد رئيسا لإيران عام 2005، موضحا أنه برغم العلاقة الطويلة بين رفسنجاني وخامنئي، فإنهما لا يلتقيان كثيرا الان. ووجه رئيس مجلس الخبراء الإيراني هاشمي رفسنجاني انتقادات لاذعة الى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وإدارته الاقتصادية، موضحا في تصريحات نقلتها الصحف الإيرانية أمس أن أحمدي نجاد حول إيران الى «موظف كبير»، وان كل الشركات الاقتصادية تربطها علاقات مع الدولة، بينما ضعف القطاع الخاص بشدة. وتأتي هذه الانتقادات فيما تعاني إيران من مشاكل اقتصادية متزايدة من بينها ارتفاع كبير في الأسعار، وزيادة التضخم، والبطالة، بالاضافة الى نقص الغاز وامدادات الطاقة وهو ما أدى الى تقنين استهلاك الكهرباء، إذ ان السلطات الإيرانية بدأت قبل فترة قطع الكهرباء بشكل منتظم نحو ساعتين في اليوم او أكثر في مناطق عديدة بالبلاد من اجل توفير الكهرباء. واتهم رفسنجاني أحمدي نجاد بالفشل في مواصلة سياسة الخصخصة بإيران، موضحا ان هذا اساسي في العثرات التي يواجهها الاقتصاد الإيراني. وقال رفسنجاني، الذي كان غريما سياسيا لاحمدي نجاد في انتخابات الرئاسة 2005، ان أحمدي نجاد فشل في تطبيق المادة 44 من الدستور الإيراني التي تنص على خصخصة كبريات الشركات الإيرانية التي تتبع للقطاع العام، بما في ذلك الشركات التي تعمل في القطاعات الحيوية مثل النفط والبنوك وقطاع الطيران. ومع أن الدستور الإيراني ينص فقط على أن مشروعات البنية التحتية الاساسية هى فقط التي يجب أن تكون في يد الدولة، الا ان مشروعات إيران للخصخصة توقفت وتعطلت بشكل كبير منذ وصل الرئيس الإيراني احمدي نجاد للسلطة. ويأتي على رأس مشروعات الخصخصة المتعثرة، قطاع البنوك والاعمال العامة، وقطاع النفط. وقال رفسنجاني امس: «باتت الدولة في إيران أكبر موظف (مستخدم)، مسببة بذلك مشاكل اقتصادية كبيرة للبلاد». وتابع: «الحكومة أصبحت منخرطة في الكثير من الأنشطة الاقتصادية. أحمدي نجاد اعاد الاقتصاد الإيراني الى اقتصاد يعتمد كليا على القطاع العام الذي تديره الدولة». وتتمتع مشروعات الخصخصة في إيران بدعم المرشد الاعلى لإيران آية الله علي خامنئي، وكبار المسؤولين بالبلاد، الا أنه بسبب الضغوط الاقتصادية في إيران والعقوبات التي فرضت عليها، واحتمال فرض مزيد من العقوبات، فإن بيع القطاع العام في إيران وتخصيصه بات صعبا بسبب عدم تحمس المستثمرين الاجانب للاستثمار في إيران، تحسبا لاى هجوم عسكري على طهران. وكان مجلس الخبراء الذي يرأسه رفسنجاني قد أعطى مطلع هذا العام الضوء الأخضر للمضي قدما فى مشروعات خصخصة عدد من القطاعات الاقتصادية الأساسية في إيران. ووفقا للمادة 44 من الدستور الإيراني، فإن القطاعات الاقتصادية المسموح بخصخصتها هي قطاع النفط والغاز الطبيعي والصناعات التعدينية، والبنوك، والتأمين، والاتصالات والطرق، والشحن، وقطاع الطيران، والسكك الحديدية. وحتى الان فشل أحمدي نجاد الذي وصل للسلطة في الوفاء بوعده لتوزيع عوائد النفط على كل الإيرانيين، بل زادت نسبة التضخم التي تعرقل النمو الاقتصادي في رابع أكبر بلد منتج للنفط في العالم. وقال رفسنجاني، الذي انتخب العام الماضي لرئاسة مجلس الخبراء في إيران وهو الجهة التي تتولى اختيار المرشد الاعلى للبلاد ولها حق تنحيته، ان مجلس الخبراء سيقف امام سياسات احمدي نجاد. وتابع: «المجلس لا نية لديه للتسامح أكثر من هذا مع السياسات الاقتصادية لأحمدي نجاد». وتابع: «عندما انتخب أحمدي نجاد، طلب منا القائد (خامنئي) أن نصبر ازاء سياساته الاقتصادية.. لكن بعد 3 أعوام من ولاية أحمدي نجاد، فإن الصبر ازاء سياساته للخصخصة قد أنتهى». وأضاف رفسنجاني: «الحكومة ما زالت تسيطر على الكثير من الصناعات الأساسية. اعطاء القطاعات الاقتصادية الى مؤسسات شبه حكومية لا يعنى خصخصة الاقتصاد». وبالرغم من أن المرشد الاعلى لإيران دعا الرئيس الإيراني مرارا الى تحسين اداء حكومته الاقتصادي، إلا انه لم يوجه له اي لوم مباشر او ينتقده. وكان لافتا انه عندما تزايدت الانتقادات للرئيس الإيراني العام الماضي، تدخل خامنئي للدفاع عنه. وتدافع حكومة احمدي نجاد عن ادائها، موضحة ان سبب مشاكلها الاقتصادية في الحقيقة هو زيادة الضغوط الدولية والسياسية على بلاده بسبب برنامجها النووي، مما ادى الى تناقص الاستثمارات الاجنبية. كما قال أحمدي نجاد ان انخفاض سعر الدولار، وزيادة المخصصات والاعانات للفقراء ومحدودي الدخل، والسيولة المالية كلها عوامل ادت الى زيادة المشاكل الاقتصادية للبلاد. الى ذلك، أوضح المصدر الإيراني الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم الكشف عن هويته أن أحد أسباب عدم رضا رفسنجاني عن أحمدي نجاد هو اداؤه الاقتصادي. وتابع: «رفسنجاني غير راض عن احمدي نجاد.. فالرئيس تقريبا أفسد جهود الخصخصة التي قادها رفسنجاني عندما كان رئيسا لإيران في الثمانينيات. اليوم عادت الدولة للسيطرة على الاقتصاد وتوقفت الخصخصة تقريبا. اما ما يسمى بالقطاع الخاص، فهم مجموعة مقربة من الدولة». وأشار المصدر الإيراني الى ما أسماه «شركات ظل» تدير الاقتصاد الإيراني، موضحا أن غالبية الشركات التي تتولى مشروعات اقتصادية في إيران تربطها علاقات وطيدة بالدولة أو باشخاص نافذين فيها ومن بينها مؤسسة «الحرس الثوري» النافذة. ويأتي ذلك فيما قال أحمدي نجاد ان إيران انتصرت في مواجهتها امام الدول الغربية، مشيرا الى ان الغرب لم يعد يطالب ايران بوقف تخصيب اليورانيوم كما كان يفعل قبل سنوات.

وأوضح الرئيس الإيراني أن إيران تشغل حاليا عدة الاف من أجهزة الطرد المركزي بدلا من 20 جهازا، موضحا أن الغرب وبعد التراجع عن مواقفه السابقه يريد من إيران فقط وقف تركيب أجهزة جديدة لعدة أشهر، بحسب عرض الحوافز المقدم لإيران والذي ينص على «تجميد مقابل تجميد» اي تجميد العقوبات، مقابل تجميد تشغيل آلات جديدة للطرد المركزي.

وأضاف احمدي نجاد في اجتماع للاعضاء الناشطين والمنتخبين في مجالس تنسيق تنظيمات الشبان «انهم (الغرب) اعلنوا بصراحة في اخر محادثات جرت في عام 2004 بخصوص الموضوع النووي، ضرورة وقف كافة نشاطات التخصيب والابحاث النووية الايرانية.. اعلنوا بصراحة، انه اذا كانت ايران تريد 20 جهاز طرد مركزي فيجب عليها اجراء محادثات معهم تستغرق 10 سنوات لكي تتمكن من تحقيق مطلبها هذا». واشار الى بعض الضغوط الداخلية والخارجية وقال ان الافاق التي رسمتها الحكومة للموضوع النووي هو استيفاء كافه حقوق الشعب بشأن الاستخدام السلمي للطاقة النووية، موضحا أن الضغوط والتهديدات الخارجية بشأن الاستخدام السلمي للطاقة النووية ما هي الا ذريعة مشيرا الي انه قد أتيحت اليوم فرصة لتحدي النظام غير العادل الذي يسود العالم ويجب علينا الافادة من هذه الفرصة. واضاف «انهم (الغرب) سعوا خلال العامين الماضيين ألا تصبح ايران قوية لانهم كانوا يعلمون جيدا ان التخصيب يسهم في النهوض بمكانة ايران ويغير من مستوى التحديات.. هاجسهم اليوم يتمثل في الحفاظ على موقعهم ويصرون لهذا السبب على أن توقف ايران التخصيب لعدة اشهر حتي لو تظاهرت بذلك». إلى ذلك، نددت غالبية النواب الايرانيين امس بتصريحات مثيرة للجدل لأحد مساعدي احمدي نجاد يؤكد فيها ان «ايران صديقة شعب اسرائيل». وأيد اكثر من 200 من اعضاء البرلمان البالغ عددهم 290 ، بيانا يطلب من الرئيس اتخاذ اجراءات ضد مساعده اسفنديار رحيم مشائي. وقرأ احد النواب بيانا نقلته الاذاعة العامة، يشدد على أن «مشائي لا يحق له اتخاذ موقف مشين كهذا، كما انه لا يتمتع بالكفاءة لممارسة مهامه». واضاف «مع ادانتنا لهذا الموقف المؤسف، نطلب من احمدي نجاد مواجهته بشكل جدي».

وأعلن رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني اول من امس ان «ايران ليست صديقة للشعب الاسرائيلي». وأكد لاريجاني، وهو من التيار المحافظ، «لسنا أصدقاء شعب اسرائيل.. ورأيي يتطابق مع رأي المرشد الأعلى» للجمهوية آية الله علي خامنئي. والحادثة هي الاولى من نوعها بهذا الحجم بين البرلمان الذي انتخب في ابريل الماضي والخاضع لسيطرة محافظين براغماتيين لا يؤيدون احمدي نجاد كثيرا، وأحد اعضاء ادارة احمدي نجاد المتشددين. ونسبت صحيفة «كارغوزاران» الى مشائي قوله يوم الأحد الماضي: «لقد اعلنت سابقا اننا لا نكن اي عدائية للشعب الاسرائيلي واكرر هذا القول بكل اعتزاز».

وكان مشائي قد اثار ضجة في الاوساط السياسية بقوله منتصف يوليو الماضي ان «ايران صديقة شعب اسرائيل».