الجيش الإسرائيلي يصد محاولات تقليص ميزانيته بإثارة أجواء التوتر الحربي

كما فعل في عام 2006 والحرب على لبنان

TT

كعادتهم في صيف كل عام، يحاول قادة الجيش الاسرائيلي ووزارة الدفاع، صد محاولات وزارة المالية تقليص مخصصات الجيش من موازنة الدولة بواسطة إثارة أجواء حربية في المنطقة، حيث عادوا للحديث عن «حتمية المواجهة العسكرية مع حركة حماس» و«اختلال التوازن العسكري القائم في الشمال (مع حزب الله اللبناني ومع سورية)».

وكان وزير المالية روني بار ـ أون، قد عرض اقتراحا لموازنة اسرائيل لعام 2009، الذي ينبغي اقراره مع نهاية السنة، وهو بقيمة 319 مليار شيكل (الدولار الأميركي يعادل 3.6 شيكل اسرائيلي). وقال ان العجز في هذه الموازنة يبلغ 7 مليارات شيكل. وهو يقترح عدة مصادر لتمويل هذا العجز، أكبرها من وزارة الدفاع بقيمة 2.1 مليار شيكل ونصف هذا المبلغ من وزارة العمل والرفاه، أو العكس، المبلغ الأكبر من وزارة العمل والرفاه ونصفه من وزارة الدفاع.

وكانت تلك لعبة محكمة من بار ـ أون، حيث انه ترك للحكومة ان تقرر أفضلياتها ضد الأمن أو ضد الرفاه، فيما خرج الجيش مصعوقا من الاقتراح مؤكدا انه بعد ما جرى في حرب لبنان الأخيرة لا يجوز تخفيض الموازنة حتى وبشيكل واحد.

وفي الاطلاع على الموازنة يتضح ان ما يقترحه بار ـ اون لا ينطوي على تقليص مباشر في ميزانية الجيش. ولكن القضية ان رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، كان قد وافق على زيادة ميزانية الجيش بقيمة 10 مليارات دولار على امتداد 10 سنوات، تبدأ من السنة المقبلة، وبناء على هذا الوعد سيحصل الجيش على 3.5 مليار شيكل سنة 2009، والمبلغ الذي يطلب وزير المالية تقليصه هو من هذه الزيادة، أي انه بدلا من زيادة ميزانية الجيش بمبلغ 3.5 مليار شيكل يقترح زيادته «فقط» بمبلغ 1.4 مليار. ومع ذلك فإن الجيش يعارض هذا التقليص ويحاول اظهاره «خطيرا» ويقول انه يؤثر سلبا على قدرات الجيش في مواجهة التحديات العسكرية لاسرائيل. وفي هذا الاطار جاءت مناقشات المجلس الوزاري الأمني المصغر للحكومة الاسرائيلية، يوم الأربعاء الأسبق، التي جرى فيها بحث «خطر تنامي قوة حزب الله وزيادة الأسلحة المهربة إليه من سورية» وحول الخلل في توازن القوى في المنطقة وحتمية المواجهة العسكرية مع حماس في وقت قريب. وفي هذا الاطار جاءت المناورات العسكرية الاسرائيلية بالذخيرة الحية في هضبة الجولان السورية المحتلة في الأيام الأخيرة، وتهديدات وزير الدفاع ايهود باراك وغيرها.

وجدير بالذكر ان إحدى «الجرائم» التي ارتكبها رئيس الوزراء، أولمرت، التي لم يغفرها له الجيش حتى اليوم، وقعت في أوساط عام 2006 عندما وضع في الخطوط العريضة لبرنامج حكومته، بندا ينص على تقليص ميزانية الجيش بقيمة 5 مليارات شيكل. وفي حينه كان واضحا ان التقليص لن يأتي من ميزانية الأسلحة (فهذه تأتي من الولايات المتحدة، وكانت في حينه بقيمة 2.4 مليار دولار في السنة وسترتفع ابتداء من السنة المقبلة الى 3 مليارات في السنة ولمدة 10 سنوات متواصلة)، ولن يأتي من التدريبات العسكرية، بل من مخصصات الرواتب. وخطط وزير الدفاع في ذلك الوقت، عمير بيرتس، الى تقليص 2300 وظيفة في الجيش ابتداء من الضباط بدرجة «رائد» فصاعدا. ورفض الجيش بشدة هذا الطرح وكان هذا التقليص من أهم الأسباب التي دفعت قيادة الجيش في حينه الى شن الحرب على لبنان ودفع حكومة أولمرت ـ بيرتس اليها دفعا. وقد حقق الجيش غرضه من هذه الزاوية، رغم إخفاقاته العديدة، حيث انه بدلا من تقليص ميزانية الجيش بخمسة مليارات شيكل، كما خطط أولمرت وبيرتس، اضطرا الى زيادتها بمبلغ 12 مليار شيكل. وأصبحت الميزانية في السنة الماضية بقيمة 56 مليار شيكل (17 مليار دولار)، وهي أكبر ميزانية عسكرية في تاريخ اسرائيل.