بعد مرور حوالي الشهرين على التهدئة: غزة تعاني من نقص المواد الأساسية

TT

بشيء من المزاح حاول محمد أبو مساعد،27 عاما، مدرس من دير البلح، وسط قطاع غزة تبرير تقديمه العصير لزملائه المدرسين الذين قدموا لتهنئته بمولوده الجديد في كؤوس مختلفة الشكل والنوعية، قائلاً «هذا تذكير بالحصار». وقال محمد لـ«الشرق الأوسط» إن كل ما تملكه عائلته ست كؤوس زجاجية، وإنه سيشعر بحرج شديد لو زاره عدد أكبر من الزملاء، إذ أنه لن يكون بوسعه توفير الضيافة لهم. لكن محمد هو أفضل حالاً من عبد الرحمن العواد، 46 عاما، التاجر الذي يعيل عائلة من 11 شخص، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يعد في بيته أي كؤوس زجاجية وإنه وأفراد عائلته اضطروا في الآونة الأخيرة لاستخدام كاسات بلاستيكية، كما أنهم يضيّفون زوارهم بهذه الكاسات.

ونقص الكؤوس الزجاجية وكل المصنوعات الزجاجية باتت تشكل أهم مظاهر الحصار على قطاع غزة بعد مرور حوالي الشهرين على سريان اتفاق التهدئة الذي ينص على سماح إسرائيل بمرور كل المواد لقطاع غزة باستثناء المواد التي تشك إسرائيل في أنها تستخدم في تصنيع القذائف الصاروخية والمتفجرات. بعض المحلات التجارية التي لا تزال تحتفظ ببعض المصنوعات الزجاجية، فإنها تبيعها بمبالغ جنونية قياساً مع سعرها الحقيقي وأوضاع الناس الاقتصادية، الأمر الذي دفع الأغلبية الساحقة الى التنازل عن استخدامها. وبعد حوالي الشهرين على التهدئة لا يزال هناك نقص شديد في الوقود والمحروقات والغاز المعد للطهو. فكمية الوقود المحدودة التي تسمح إسرائيل بإدخالها الى قطاع غزة جعلت الحكومة تصدر كوبونات خاصة لتمكين أصحاب سيارات الأجرة من الحصول على كمية من الوقود تصل الى حوالي 30 لترا من السولار كل يومين. وقال أحد سائقي سيارات الأجرة الذي يعمل على خط غزة المنطقة الوسطى لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الكمية لا تكفيه ليوم واحد من العمل، الأمر الذي يضطره لشراء السولار الذي يتم تهريبه من مصر عبر السوق السوداء وبأسعار كبيرة. ومستغلين ارتفاع تكلفة الوقود ودون مقدمات، رفع سائقو سيارات الأجرة من جانب واحد أجور نقل الركاب، كما أنهم يلجأوون الى تحميل سياراتهم اكثر من طاقتها وما يسمح به القانون. ويشهد ميدان فلسطين بغزة الذي يضم أكبر محطة سيارات للأجرة على الدوام جدلا بين رجال الشرطة وسائقي الأجرة بسبب رفع الأسعار واستيعاب عدد أكبر من الركاب، لكن هذا الجدل ينتهي في الغالب بانسحاب عناصر الشرطة الذين يشعرون بالحرج لأن حجج سائقي السيارات تبدو مقنعة. ولا يحصل أصحاب السيارات الخاصة على بنزين إلا في حال دفع مستحقات ترخيص سياراتهم بانتظام، فهؤلاء يحصل كل واحد منهم على 10 لترات من البنزين كل اسبوعين. لكن معظم السائقين لا يدفعون مستحقات الترخيص السنوية، وبالتالي لا يحصلون على بنزين، الأمر الذي يضطرهم الى استخدام غاز الطهو كوقود لسياراتهم. لكن استخدام غاز الطهو كوقود للسيارات الخاصة يفاقم المشكلة الناجمة عن النقص في الغاز. وأدركت وزارة الداخلية في الحكومة المقالة خطوة تداعيات النقص في الغاز عشية حلول شهر رمضان فأصدرت تعليماتها للسائقين بعدم استخدام الغاز الطبيعي، لكن لا أمل في أن تحترم هذه التعليمات لعدم وجود بديل أمام السائقين. في نفس الوقت تهاوت آمال الغزيين في أن تؤدي التهدئة الى السماح بدخول مواد البناء. فالكمية المحدودة من الاسمنت التي تسمح اسرائيل بدخولها أبعد من أن تكون كافية لسد الحاجة الهائلة لهذه المادة. وقال أسامة دعابسة، 49 عاما، من حي بركة الوز، غرب معسكر المغازي في المنطقة الوسطى لـ«الشرق الأوسط» أنه كان يأمل في أن يقوم بإتمام بناء الطابق العلوي في المنزل الذي خصصه لأحد اولاده، لكنه اليوم خائب الأمل بعد أن تبين أنه ليس فقط كمية الأسمنت قليلة، بل ان الاسمنت الذي سمحت اسرائيل بدخوله لا يصلح للاستخدام في عمليات التسليح.