المغرب والجزائر موقفان متضادان إزاء انقلاب موريتانيا

الرباط لم تعلق رسمياً وأوفدت مبعوثاً > مدلسي: مرجعية موقفنا لائحة الاتحاد الأفريقي

TT

اتخذ المغرب والجزائر موقفين متباينين ومتضادين إزاء الانقلاب على الرئيس المخلوع في موريتانيا، البلد المجاور لكليهما جنوباً، في السادس من الشهر الحالي. ففي حين أوفدت الرباط رئيس استخباراتها محمد ياسين المنصوري للقاء قائد الانقلاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز، ما اعتبر اعترافاً ضمنياً بالوضع الجديد، رفضت الجزائر بشدة الانقلاب ودعت الى العودة الى النظام الدستوري في البلاد.

وهدفت زيارة المنصوري لنواكشوط بداية الأسبوع الجاري، إلى التدخل لدى الجنرال ولد عبد العزيز، من أجل الإفراج عن الرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، وعدد من أركان حكومته، والاطمئنان على صحته، وقد استجابت السلطات الموريتانية للطلب المغربي بإفراجها عن عدد من الوزراء، باستثناء الرئيس ولد الشيخ عبد الله لأسباب أمنية، وفق ما ذكره مصدر موريتاني لـ «الشرق الاوسط».

وكان متوقعا ان يصل أمس أو صباح اليوم الى المغرب مبعوثان موريتانيان هما الجنرال محمد ولد الغزواني، رئيس اركان الجيش الموريتاني، والرجل الثاني في النظام الجديد بنواكشوط، وعبد الله ولد بن حميدة، وزير الخارجية، وذلك في إطار جولة مغاربية تروم شرح دواعي التغيير في موريتانيا. وسبق للمبعوثين الموريتانيين ان حلا أخيراً بالجزائر بيد ان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة رفض استقبالهما وكلف عبد القادر مساهل الوزير المنتدب للشؤون الافريقية والمغاربية بلقائهما.

وسئل وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي، خلال حديث مع الاذاعة الحكومية الجزائرية أمس حول خلفيات الموقف الذي اتخذته بلاده بشأن إدانة الانقلاب بموريتانيا، فقال إن الجزائر «لن توافق أبدا أن يؤخذ الحكم في أي بلد خارج الأطر الدستورية»، وأضاف «إن موريتانيا بلد شقيق وعضو في الاتحاد المغاربي مثل الجزائر، وتربطنا به علاقات طيبة على كل المستويات. وبعد الذي حدث في هذا البلد، بلَغنا المسؤولين الموريتانيين الذين جاءوا إلى الجزائر أمس (أول من أمس)، بأن موقفنا حيال الانقلاب يمليه مبدؤنا المسجل في كل المواثيق القارية والدولية، خاصة ما تعلَق ميثاق تأسيس الاتحاد الافريقي عام 1999 حيث كانت قرارات الاتحاد واضحة بهذا الخصوص»، في إشارة إلى رفض الاتحاد التعامل مع أي حكومة في أفريقيا تأتي عن طريق الانقلاب. وأعاد مدلسي التذكير بمضمون بيان أصدرته وزارة الخارجية أول من امس، بعد زيارة الموفدين الموريتانين حيث جاء فيه أن الجزائر تدين الانقلاب. وقال إن مرجعية هذا الموقف هو لائحة الاتحاد الافريقي رقم 142 التي ترفض التعامل مع الحكومات التي تأتي ع طريق الانقلاب.

وأشار مدلسي إلى أن الأمين العام للاتحاد المغاربي الحبيب بن يحيى، زار موريتانيا بعد الانقلاب وقال إن الاتحاد الذي ترأسه ليبيا حاليا «منشغل بما يحدث في هذا البلد الجار». وفي غضون ذلك، شجب نائب موريتاني هو سيدي محمد ولد محم، الموقف الجزائري إزاء الانقلاب. وقال ولد محم، وهو أيضا رئيس فريق حجب الثقة عن الحكومة السابقة في البرلمان، لـ «الشرق الأوسط» بالرباط، إن الموريتانيين أدرى بمصالح بلدهم، وإن ما حصل كان تصحيحاً لمسار ديمقراطي انحرف بسبب تصرفات الرئيس السابق، التي وصفها بأنها «غير مبررة». ووصف ولد محم الموقف الجزائري المطالبة بعودة الرئيس السابق بأنه تدخل في الشؤون الداخلية للبلد، وطالب السلطات الجزائرية باحترام إرادة الشعب الموريتاني، مؤكدا أن أغلبية ساحقة في البرلمان بغرفتيه الأولى والثانية، أعلنت مساندتها لـ «الحركة التصحيحية». وأشار إلى أن الموريتانيين لا تملى عليهم المواقف، وقال: «على الإخوة العرب أن يفهموا ذلك».

واعتبر مراقبون ان الموقف الجزائري يندرج ضمن التجاذبات السياسية الحاصلة بين الرباط والجزائر منذ مدة بسبب تداعيات نزاع الصحراء. وبرأي المراقبين فان الجزائر تنظر بريبة وحذر الى العلاقة التي تربط الجنرال ولد عبد العزيز بالمغرب، كونه ظابطاً متخرجاً من الاكاديمية العسكرية بمكناس (وسط المغرب)، فضلا عن أن جميع الانظمة التي توالت على الحكم في موريتانيا منذ اطاحة المختار ولد داده، أول رئيس للبلاد، تحاشت الاصطدام وإحداث القطيعة مع المغرب بالنظر إلى الوشائج الانسانية وعلاقة التعاون الوطيدة التي لم تنقطع ولم تتأثر بتقلبات المناخ السياسي في المنطقة، كما أن الرباط تتفهم موقع موريتانيا الحساس، وبالتالي فإنها لم تلزمها قط بتبني مواقف حيال نزاع الصحراء قد لا تتوافق مع مصالحها الإقليمية.