«شبكة إقليمية» من إيران والعراق وتركيا ودول عربية للأمن وتنسيق السياسات

الخارجية الأميركية لـ «الشرق الأوسط» : لا نعرف التفاصيل لكننا لا نمانع في التعاون الإقليمي لاستقرار بغداد

TT

أجرى الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، محادثات مع كبار القادة الأتراك، في زيارة هي الاولى من نوعها الى تركيا منذ توليه السلطة في عام 2005، وفيما تعد الزيارة بحد ذاتها مؤشرا على التحسن الكبير الذي طرأ على علاقات البلدين، فإن خلافات طفت على السطح في اللحظة الأخيرة، أدت الى تأجيل توقيع اتفاق لبناء خط للغاز من إيران الى تركيا بمليارات الدولارات. وهي الاتفاقية التي تعارضها اميركا وتقول إنها تعطي إشارة خاطئة الى السلطات الإيرانية. وتأتي زيارة احمدي نجاد لانقرة، فيما بحث نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح مع المسؤولين الإيرانيين في طهران أمس، مقترحا عراقيا لبناء «شبكة أقليمية» من العراق وإيران وتركيا ودول عربية، موضحا أن اتفاقية الإطار الأمني بين اميركا والعراق، والتي تتضمن بقاء القوات الاميركية في العراق، الى ما بعد نهاية هذا العام، لا تهدف الى مواصلة الضغط العسكري على إيران. يأتي ذلك فيما قال مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط» إن طهران ترحب بالمقترح العراقي. وأشار المسؤول الإيراني، الذي لا يريد الكشف عن هويته، الى أن من أهداف الشبكة الاقليمية التنسيق في مجالات الأمن، وضبط الحدود ومنع التهريب ومسائل اخرى. وتابع المسؤول الإيراني: «دعونا مرارا الى تنسيق اقليمي في كل المجالات. هذا هو نهج إيران. تعاون دول المنطقة فيما بينها ضروري لتعزيز الثقة وحماية المصالح المشتركة». وأضاف ان طهران تأمل ان يتم التوافق على المقترح، وان يبدأ فعالياته لمصلحة جميع دول المنطقة. أما وزارة الخارجية الاميركية، فأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أنها لا تعرف بتفاصيل هذا المقترح الجديد للشبكة الاقليمية، الا أنها لا تمانع اي تعاون اقليمي يمكن ان يؤدي الى تعزيز أمن العراق. من ناحيته، قال نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح، إن اتفاقية الاطار الأمني بين اميركا والعراق والتي تتضمن بقاء القوات الاميركية في العراق الى ما بعد نهاية هذا العام، لا تهدف الى مواصلة الضغط العسكري على إيران. والتقى صالح في ثاني أيام زيارته لطهران بالأمين العام للمجلس الاعلى للامن القومي الإيراني سعيد جليلي ورئيس البرلمان الايراني علي لاريجاني. وكان صالح قد وصل الى طهران الاربعاء على رأس وفد رفيع المستوى في زيارة تهدف الى طمأنة طهران من أن اتفاقا يجري التفاوض بشأنه مع واشنطن، لتمديد بقاء القوات الاميركية في العراق الى ما بعد نهاية العام لا يهدف الى الحاق الضرر بالمصالح الايرانية.

وانضم لاريجاني أمس الى قائمة المسؤولين الإيرانيين المعارضين لاتفاقية الاطار الأمني بين العراق واميركا. وقال لاريجاني: «استمرار بقاء القوات الاميركية في العراق يقرع اجراس الإنذار في المنطقة». وتابع: «موضوع الاتفاق الامني بين العراق واميركا يثير حساسية الجميع.. قادة وشعوب الدول الصديقة للعراق». واضاف «التدخل في تقرير مصير العراق سيكون مضرا للاميركيين بالذات.. لا ينبغي للاميركين ان يطلبوا طلبات اكثر من اللازم من العراق. ليدعوا الشعب العراقي يختار كيف يعيش وما هي الحكومة التي تحكمه». غير أن برهم صالح قال في طهران للصحافيين أمس: «ان هدف وجود قوات اميركية في العراق، هو تعزيز الامن والاستقرار في العراق، وليس استخدام العراق كقاعدة لاستهداف مصالح دولة اخرى». موضحا: «من مصلحتنا التشاور مع جيراننا. ايران والدول الاخرى، وذلك كي لا يساء فهمنا». وأوضح صالح، الذي التقى محمود احمدي نجاد قبل مغادرته الى اسطنبول، انه بحث خلال الزيارة مسائل اقتصادية وسياسية وامنية. وتابع «كانت اللقاءات حقيقة ودية وصريحة. تحدثنا في مستجدات الوضع السياسي العام في العراق وفي المنطقة. تحدثنا في شؤون المنطقة. كانت هناك بعض التساؤلات حول القضايا المتعلقة بالاتفاقية العراقية الاميركية. شرحت لهم بدقة وبوضوح موقف الحكومة العراقية. إننا نسعى الى تفاهم مع الجانب الاميركي ينظم وجود القوات الاجنبية في العراق بما يضمن السيادة العراقية وبما يساعد الحكومة العراقية والقوات العراقية على أداء مهماتها في محاربة الارهاب واستتباب الامن والاستقرار. وأيضا أكدنا أن هذه التفاهمات لن يكون على الاطلاق، جزءا من أي عمل يستهدف مصالح شعوب المنطقة. كما تحدثنا أيضا بضرورة التواصل مع الدول الاساسية في المنطقة من أجل الوصول الى منظومة أمن اقليمي». الى ذلك، قال احد مساعدي صالح ان طهران وبغداد بحثتا مقترحا عراقيا لشبكة للأمن الاقليمي تتضمن إيران وتركيا والعراق ودول عربية، موضحا أن صالح التقى مع جليلي وان «الطرفين ناقشا هذا المقترح العراقي لإقامة شبكة للأمن الاقليمي تخص الأمن والاقتصاد والسياسة وحركة المواطنين وتشمل ايران وتركيا والدول العربية المجاورة». وأشار في تصريحات نقلتها رويترز الى أن جليلي علق على المقترح بقوله «هذه فكرة جيدة جدا.. علينا ان نستثمر الظروف الحالية الى أبعد الحدود، ونقيم شبكة مصالح مشتركة بين هذه البلدان». من جانبه اوضح نائب الرئيس العراقي أن «هناك كما تحدثت قرارا بتفعيل التفاهمات السابقة. هناك المنافذ الحدودية تعمل الان. التبادل التجاري بين العراق وايران الآن وصل الى حدود ثلاثة مليارات دولار. في ضوء التوسع الاقتصادي الذي نتوقعه في العراق، ونتوقع أن يزداد هذا التبادل التجاري. وهذا يتطلب اجراء تسهيلات اضافية فيما يتعلق بالتبادل التجاري، من ضمنها اقامة مناطق حرة لخدمة القطاع الخاص في الطرفين، وضمن الاطر والسياقات المتفق عليها». من ناحيتها، قالت وزارة الخارجية الاميركية امس، تعليقا على المقترح العراقي إنها لا تعلم تفاصيل هذا المقترح العراقي، غير أنها لا تمانع في اي تعاون اقليمي بين العراق وجيرانها يخدم استقرار الامن في العراق. وأوضح مسؤول في الخارجية الاميركية لـ«الشرق الأوسط»: «نشجع الدول العربية على إظهار الدعم للحكومة العراقية بفتح سفارات.. وايضا بالانضمام الى مبادرات دولية واقليمية تدعم العراق». وتابع: «ندعو جيران العراق الى ان يحذوا حذو البحرين والاردن والكويت والامارات.. نحث حكومات الدول المجاورة على أن تعزز جهودها من اجل وقف تدفق المقاتلين الأجانب عبر تعزيز السيطرة على الحدود.. ومن ناحيته يجب على العراق الانخراط في المؤسسات الاقليمية». الى ذلك، التقى احمدي نجاد أمس الرئيس التركي عبد الله غل، ومن المقرر ان يشارك اليوم في منتدى لرجال الاعمال ثم يلتقي رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، قبل اختتام زيارته. وتعرض غل ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان لانتقادات حادة لدعوتهما أحمدي نجاد لزيارة تركيا، التي تربطها علاقات قوية بالولايات المتحدة واسرائيل. وكان اختيار اسطنبول مكانا للمباحثات مبعث غضب لكثير من الأتراك، بسبب تقارير أن أحمدي نجاد طلب أن تكون الزيارة في اسطنبول، بدلا من أنقرة لتلافي احراج عدم زيارته لقبر مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة وأبو العلمانية فيها، والذي لا يحبه السياسيون الإيرانيون بسبب فصله الدين عن الدولة في تركيا. ومع أن القضايا السياسية تحتل موقعا متقدما في مفاوضات احمدي نجاد في أسطنبول، إلا أن ما خطف الانظار هو تعثر صفقة كبيرة للطاقة بين البلدين تقدر بمليارات الدولارات، وتعثرت بسبب فرض طهران شروط جديدة فيما يتعلق بالأسعار والاستثمار. وقالت كل من تركيا وإيران امس في بيان مشترك إنهما ستواصلان التباحث بشأن تعزيز التعاون في قطاع الطاقة، بعدما لم يوقع البلدان الاتفاق الذي تقدر قيمته بـ3.5 مليار دولار.