روسيا تحذر الولايات المتحدة من تقديم الدعم لجورجيا.. وواشنطن تؤكد أنها لا تريد حربا باردة أخرى

أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا توقعان اتفاقية وقف إطلاق النار وتصران على نيل استقلالهما

جنديان روسيان يعتقلان رجلا جورجيا كان يحمل سلاحا في غوري أمس (رويترز)
TT

في وقت تتحضر فيه وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، للتوجه الى جورجيا لتقديم دعم الولايات المتحدة لها، حذرت وزارة الخارجية الروسية واشنطن، من أي دعم تقدمه الى تبليسي، من شأنه ان يؤدي الى «تكرار السيناريو المأسوي» في اوسيتيا الجنوبية. ودعت موسكو واشنطن الى «الإحجام عن أي عمل قد تفسره الإدارة الجورجية الحالية تشجيعا لطموحاتها الانتقامية، ويؤدي الى تكرار السيناريو المأساوي».

ورد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس على تهديدات موسكو، محذرا من أن الأزمة قد تلقي بظلالها على العلاقات الثنائية بينهما لسنوات طويلة، مؤكدا أن بلاده لا تريد حربا باردة أخرى مع روسيا. وأكد غيتس أن واشنطن ليست بوارد استخدام القوة العسكرية في جورجيا.

وجاء التحذير أيضا في وقت عبرت فيه الهيئة العامة لأركان القوات الروسية عن قلقها من «نوع الشحنات» التي تنقلها الولايات المتحدة جوا الى جورجيا، والتي بدأت بإيصالها أول أمس، وقالت انها مساعدات انسانية.

ورد البيت الابيض رد على التشكيك الروسي، مكررا أن المهمة الاميركية ليست الدفاع عن موانئ جورجيا، وانما تقديم المساعدة الانسانية، وذلك بعد ان كان الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي، قد توقع قبل يومين، ان تقوم البحرية الاميركية باستعادة السيطرة على الموانئ الجورجية، التي سيطرت عليها روسيا. واكدت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو أمس، أن الولايات المتحدة لم تصادف اية مشاكل مع الروس في توصيل الامدادات الانسانية والطبية الى جورجيا. وميدانيا، وقع زعيما أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، اتفاقا على وقف إطلاق النار، تحت اشراف الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف، إلا أن الإقليمين الجورجيين الانفصاليين، أكدا أنهما سيسعيان لاستقلالهما عن جورجيا. وقال رئيس اوسيتيا الجنوبية ادوارد كوكويتي، ان «تطلع شعب اوسيتيا الجنوبية الى الاستقلال لم يتبدل. نسعى الى الاستقلال بما يتوافق تماما مع قواعد القانون الدولي». وقال الرئيس الابخازي سيرغي باغباش من جهته: «في ما يتعلق باستقلالنا (...) لن توقفنا اي قوة. الهدف تم تحديده وسنسير نحو هذه الغاية معا».

وأعرب ميدفيديف عن تفهمه لرغبة الاقليمين للانفصال عن جورجيا، وتعهد بأن «تؤيد روسيا كل قرار يتخذه شعبا أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا»، مؤكدا تقديم المزيد من الدعم الروسي للاقليمين. وقال انه بهدف منع شن «هجمات جديدة من قبل الجانب الجورجي» ستبقى قوة سلام روسية في أوسيتيا الجنوبية، بينما أشار في الوقت نفسه، إلى أن روسيا ستساعد في البحث عن حل دبلوماسي للصراع.

أما الجيش الروسي، الذي كان قد وافق على وقف اطلاق النار، والانسحاب الى المواقع التي كان فيها قبل اندلاع القتال، فقد أعلن أمس أنه سينسحب من غوري، التي تقع في جورجيا على الحدود مع أوسيتيا الجنوبية، بحلول يوم غد، الا انه قال إنه ليس جاهزا بعد لتحديد موعد محدد لانسحابه من اوسيتيا الجنوبية، من دون ان يستبعد حصول هذا الانسحاب.

وقال مساعد رئيس هيئة الاركان الروسية اناتولي نوغوفيتسين خلال مؤتمر صحافي: «لست مستعدا بعد لتحديد موعد للانسحاب، لأن خطته ليست جاهزة بعد». واضاف ان «أوامر رئيس الاركان (بشأن الانسحاب) اعطيت الى وزارة الدفاع. التخطيط جار. يجب ان يأخذ في الاعتبار عوامل عدة. ببساطة لست قادرا الآن على تحديد الموعد، الذي سنبدأ بموجبه الانسحاب».

واتهم مسؤول اميركي، رفض الكشف عن هويته، القوات الروسية بأنها تدمر منشآت عسكرية جورجية. وقال: «عندما يصادف الروس منشأة عسكرية جورجية مهجورة، لا يتركونها (...) بل انهم يدمرون قدراتها».

من جهته، اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان وحدة الأراضي الجورجية «محدودة بحكم الأمر الواقع» وان هذه المسألة لا يمكن تسويتها الا عبر «البحث عن طرق مقبولة من الطرفين». وانتقد لافروف المرسوم الذي اصدره الرئيس الاوكراني تأييدا لحليفه ساكاشفيلي، حول تقييد حركة الاسطول الروسي في البحر الاسود، من خلال تعميم تعليمات تقضي بضرورة ابلاغ الاسطول مسبقا بأية تحركات لسفنه او تحليق لطيرانه البحري. ووصف لافروف هذا المرسوم بأنه «تعبير آخر عن استمرار الأزمة السياسية الداخلية في اوكرانيا». وتوقف الوزير الروسي عند ما وصفه بـ«الخطوات المعادية لروسيا من جانب اوكرانيا»، مشددا على عدم مشروعية محاولات تفسير المعاهدات الموقعة مع روسيا من جانب واحد، وقال «ان ابسط قواعد الدبلوماسية واللياقة تقضي بضرورة التشاور ولو تليفونيا، لمناقشة ما قد يعلن لأي من صانعي القرار». الى ذلك، تتردد تحليلات منذ اندلاع الأزمة بين روسيا وجورجيا عن الشخص المسؤول في روسيا، الرئيس ميدفيديف ام رئيس الوزراء فلاديمير بوتين. وقد كتبت صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية أمس، أن هذه الازمة أكدت ان بوتين لا يزال يمسك بزمام الأمور. ونقلت عن أليكساندر غولتس نائب رئيس تحرير صحيفة مقرها موسكو، أن حادثة واحدة أظهرت جليا ان بوتين هو المسؤول. وقال غولتس ان محطات التلفزة التقطت مشاهد لبوتين كان يعطي فيها أوامر للرئيس علنا، أمام أشخاص آخرين. وقال: «كان يريد أن يوضح أنه ما زال هو المسؤول.. الكل أصيب بالصدمة».