اتفاقية ساركوزي تبرر عمليات عسكرية في جورجيا

مسؤول جورجي شارك في المحادثات يتهم بروكسل وواشنطن بالعجز

TT

يوم الأربعاء الماضي في الثانية صباحا تقريبا، أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أنه تمكن من تحقيق ما كان يعتبر مستحيلا من الناحية العملية. تمكن من إقناع قيادتي جورجيا وروسيا باتفاق يتضمن مجموعة من المبادئ، من شأنها أن تؤدي إلى إنهاء الحرب. تم تبادل التهاني، ومضى بعض الوقت، وعندما سطعت الشمس بدأت الدبابات الروسية تتقدم مرة أخرى، وهذه المرة كانت تتخذ مواقعها حول مدينة جوري ذات الأهمية الاستراتيجية في وسط جورجيا. وبسرعة أصبح من الواضح أن الاتفاقية ذات البنود الستة عجزت عن وقف التقدم الروسي، كما أنها ساعدت روسيا على الزعم بأنها من الممكن التحرك لعمق الأراضي الجورجية في إطار ما يسمى بـ«إجراءات أمنية إضافية» نصت عليها الاتفاقية. ويقول مسؤول جورجي بارز كان حاضرا أثناء التفاوض بشأن تلك الاتفاقية، أن ساركوزي عجز عن إقناع الروس بالموافقة على إدراج مدى زمني للعمليات العسكرية. وكان المسؤولون الأوربيون يحذرون من مخاطر استرضاء العدوان الروسي، بينما كان المسؤولون في جورجيا يندبون ضعف الغرب. ويقول مسؤول جورجي بارز، الذي كان حاضرا في المحادثات التي أجريت بين الرئيس الفرنسي والرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي: «أنا أتحدث عن عجز كل من أوروبا والولايات المتحدة عن الاتحاد والضغط على روسيا، وعجزهم عن أن يدركوا مستوى التهديد».

بعد ذلك، أعطى المسؤول الجورجي نسخة من الاتفاقية إلى صحيفة «نيويورك تايمز»، ومعها ما قال عنه إنها ملاحظات تتضمن الأشياء التي طالب بها الجورجيون ولكنها لم تتحقق. ويقول دبلوماسيون غربيون ومسؤولون جورجيون الحكومة الجورجية تنظر باهتمام كبير فيما إذا كانت الاتفاقية قد أعطت الروس مساحة، كي يفسروا احتلال مدينة غوري والمنطقة المحيطة بالمدينة، على أنه أمر مكفول في اتفاق وقف إطلاق النار، علما بأن ذلك يمكن الروس من التحكم في الطريق الرئيسي بين الشرق والغرب في جورجيا، ويعزل العاصمة تبليسي عن ساحل البحر الأسود، ويقطع طرق الإمدادات المهمة. وأبرمت فرنسا الصفقة بصفتها الدولة التي تترأس الاتحاد الأوروبي، وقام وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بزيارة العاصمة الجورجية تبليسي، وغادرها ومعه خطة لوقف إطلاق النار، مكونة من أربعة بنود، وهي: لا لاستخدام القوة، ووقف الاعتداءات، وفتح جسور لتقديم المساعدات الإنسانية في مناطق النزاع، وانسحاب القوات الروسية والجورجية إلى الأماكن التي كانت فيها قبل بدء الحرب. وفي اجتماعات في موسكو، أصر الروس على بندين إضافيين، بحسب ما قال المسؤول الجورجي، وحمل ساركوزي تلك المطالب إلى جورجيا. ولأن الروس يتفاوضون من موقع قوة، فقد طلبوا إدراج بند خامس يسمح للقوات الروسية بالقيام بما وصفوه أنه دور حفظ السلام، حتى خارج حدود مناطق الانفصاليين، مع فهم أن اتفاقا دوليا بعد ذلك سوف يجعل ذلك غير ضروري. وتتيح اللغة المبهمة التي كتب بها البند الخامس والخاص المتعلق بقوات حفظ السلام الروسية، تنفيذ «إجراءات أمنية إضافية» في انتظار الانتهاء من آلية رقابة دولية. وطلب الجورجيون إدراج جدول زمني لعمليات حفظ السلام الروسية الفضفاضة التعريف، ولكن، حسب ما قال المسؤول الجورجي، كانت إجابة ساركوزي أنه من دون الوصول إلى اتفاق، من الممكن أن تهاجم الدبابات الروسية العاصمة: «قال إنه موقف صعب. فدباباتهم على بعد 40 كيلومترا من تبليسي، هذا هو الوضع الراهن». بعد ذلك، حاول ساركوزي الاتصال بمدفيديف لتعديل البند وإدراج جدول زمني. ولكن، يقول المسؤول، إن الروس لم يردوا على المكالمة إلا بعد ساعتين، وعندما ردوا على المكالمة، تم رفض الطلب. وفي البند السادس، اتفق كلا الطرفين على أن وضعية مناطق الانفصاليين محل النزاع، سيتم استكمالها في المستقبل.

ويقول مسؤول أميركي على إطلاع بالمحادثات، إن الروس أصروا على البند الخامس، المتعلق بما يسمى بالإجراءات الأمنية الإضافية. ويضيف المسؤول عن طلب الرئيس ساركوزي من الجورجيين: «أعتقد أنه تم تقديم بصيغة: «يجب عليكم التوقيع على ذلك». ولم يتسن الحصول على تعليقات من المسؤولين الروس والفرنسيين حول الأمر. وأعلن ساركوزي وساكاشفيلي الاتفاقية في الثانية صباحا، وتقدمت الدبابات والقوات الروسية صوب مدينة غوري بعد ذلك بوقت قصير، ساق الروس البند الخامس، قائلين إنهم حددوا خطرا يتهدد السكان المحليين، مما يبرر لقواتهم القيام بدور حفظ السلام في المدينة. وفيما يعد انتقادا واضحا لتراجع الجيش الجورجي، الذي يحصل على إمدادات من الولايات المتحدة، أشار الجنرال الروسي المسؤول عن المدينة إلى المخاطر التي قد تنجم إذا تمكن البعض من الاستيلاء على ما وصفه بأنه الآلاف من الأسلحة الأميركية المتروكة في قاعدة عسكرية. كان ذلك ضمن تصريحات أدلى بها الجنرال الروسي وهو واقف في طريق به الكثير من الشاحنات العسكرية الروسية، والعربات المدرعة خارج مدينة جوري مساء يوم الأربعاء. ويضيف المتحدث باسم الكرملين إلكسي بافلوف، أن القوات الروسية لها الحق في اتخاذ أية إجراءات تراها ضرورية لمنع الاقتتال، حتى لو كان ذلك داخل جورجيا. وأشار إلى أن البند الخامس من الاتفاق يكفل هذا الحق، ومع ذلك فإن روسيا تنظر إلى تلك الإجراءات على أنها مبررة «من دون أي اتفاقية على الإطلاق». ويقول مسؤول أميركي بارز إن البند الخامس في الاتفاقية، قد يؤدي إلى تقدم أكبر للقوات الروسية، بما فيه هجوم على تبليسي، لإثارة الرعب وتقويض الدعم الذي يحظى به ساكاشفيلي. ويضيف المسؤول إن قبول المجتمع الدولي بالروس كقوات لحفظ السلام في جورجيا شيء «عبثي».

* خدمة «نيويورك تايمز»