ماكين أكثر تشددا من بوش في انتقاد روسيا.. وأوباما يكشف عن ارتباط مستشاره بتبليسي

جورجيا تدخل معركة الانتخابات الأميركية وتشكل امتحانا في السياسة الخارجية للمرشحين

TT

منذ اندلاع الحرب بين روسيا وجورجيا الاسبوع الماضي، دخلت المعارك الدائرة في القوقاز معركة الانتخابات الرئاسية الاميركية، وبدأت تصريحات المرشحين الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري جون ماكين تتوالى انتقادا لروسيا ودعما لجورجيا، في ما يعكس السياسة الخارجية للادارة الاميركية. الا ان ماكين كان منذ بداية المعارك، منتقدا شرسا لروسيا ومدافعا وفيا عن جورجيا، حتى أكثر من الرئيس الاميركي جورج بوش نفسه، ما دفع بالرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي الى الاشادة به تحديدا، وتخصيصه في سياق الاشادة به الى جانب بوش وأوباما.

وأمس، صعد ماكين من هجومه على روسيا وانتقد حلف الناتو لأنه «تلكأ في ضم جورجيا اليه، مما اعطى روسيا الضوء الاخضر لتغزو جورجيا». وفي اليوم الاول لاندلاع المعارك، اتهم ماكين روسيا بغزو جورجيا، وأدانها قبل أن يدينها بوش. وبمجرد هبوط طائرة التي كان سافر فيها من ولاية الى أخرى، استدعى ماكين الصحافيين وكاميرات التلفزيون، والقى بيانا كتبه في الطائرة، دعا فيه روسيا الى الانسحاب فورا من الاراضي الجورجية، من دون ان يشير الى ان اقليم اوسيتيا الجنوبية هو اقليم انفصالي. وخلال الايام التالية، صعد هجومه على روسيا. وقال في احدى المقابلات التي أعطاها عن الموضوع: «في الماضي، شاهدنا هذا الفيلم في براغ وبودابست» اشارة الى ارسال قوات روسية الى المجر سنة 1956، وتشيكوسلوفاكيا سنة 1968، لمواجهة مظاهرات ضد النظامين الشيوعيين في البلدين.

ووصف جورجيا بأنها «دولة صغيرة شجاعة» وانها «ديمقراطية صغيرة جدا». ووصف العمليات العسكرية الروسية بأنها «حقول قتل»، في اشارة الى عمليات عسكرية قاسية قامت بها فيتنام الشمالية في كمبوديا بالتعاون مع النظام الشيوعي هناك بعد نهاية حرب فيتنام. ولاحظ السناتور لندسي غراهام، وهو جمهوري من ولاية ساوث كارولينا، ان ماكين كان اكثر تشددا من الرئيس بوش في موقفه من القتال في جورجيا، وقال: «عندما بدأت المشكلة، لم تفهم ادارة بوش الخطر الروسي على جورجيا. بالنسبة للروس هذه ليست عن جورجيا، ولكن عن توسعات تاريخية تمتد الى ما وراء جورجيا».

وكان بوش قد ادان روسيا في ثاني يوم لبداية القتال عندما كان يحضر الالعاب الاولمبية في الصين. لكنه، بعد ثلاثة ايام، عندما عاد الى واشنطن، القى خطابا شديد اللهجة ضد روسيا. وقال مراقبون انه اراد ان يجاري هجوم ماكين الشديد.

أما اوباما الذي تلقى الخبر عندما كان يقضي اجازته في هاواي، فلم يصدر بيانا الا بعد ثلاثة ايام من بداية القتال. وانتقد روسيا ايضا لكنه حرص على الاشارة الى ان جورجيا ساهمت في اغضاب روسيا عندما استعملت القوة لاسترجاع اقليم اوسيتيا الجنوبية المتنازع عليه.وقال في بيانه: «لا يوجد اي تبرير للهجوم الروسي»، لكنه اضاف: «يجب ان لا تستعمل جورجيا القوة لضم اقليم اوسيتيا الجنوبية وإقليم أبخازيا. ويجب الوصول الى حل سلمي عن مستقبل هذين الاقليمين».

ومثل بوش، اضطر اوباما، مع مرور الوقت، الى ان يشدد موقفه تماشيا مع موقف ماكين. وبررت سوزان رايس، مستشارة اوباما للشؤون الخارجية، موقف أوباما الذي رآه الوضع متراخ وقالت: «لم يقصر السناتور اوباما في نقد الهجوم الروسي. لكن، السناتور ماكين بالغ في نقد الهجوم لسبب واحد، وهو ان يستغله للهجوم على السناتور اوباما». واضافت: «كانت تصريحات ماكين مثل الذي يطلق مسدسه بدون ان يفكر. ربما عقد الوضع اكثر مما كان عليه. لم يختلف موقف اوباما عن موقف دول حلف الناتو، وعن موقف ادارة بوش. كان موقفا محددا، ومحسوبا، وعقلانيا». الا انه رغم هذا التوضيح، اضطر اوباما لأن يقطع اجازته في هاواي بعيدا عن الصحافيين، ويستدعيهم، ويقدم لهم خطة لحل المشكلة ويقترح استبدال القوات الروسية في اوستيا الجنوبية وابخازيا بقوات دولية. وكان واضحا ان اوباما يريد ان يتقدم خطوة الى الامام من ماكين، ويقدم اقتراحا محددا، لأن ماكين لم يفعل ذلك. وأراد أوباما ان يؤكد انه سيكون الرئيس الذي سيحل مشاكل العالم، لا يسببها، ولا يعرقل حلها. وكرر اوباما شعار «التغيير في الداخل والخارج».

الا أنه بالامس، كشفت حملة اوباما أن كبار مستشاري ماكين للشؤون الخارجية، راندي شيوينمان، يدير مكتبا في واشنطن لتقديم خدمات لحكومة جورجيا. وكشفت المعلومات شيوينمان، هو مدير لشركة "اوريون الاستراتيجية" والتي تقدم استشارات لحكومات اجنبية، منها حكومة جورجيا. وكشفت المعلومات أيضا أن مستشار ماكين وقع في ابريل (نيسان) الماضي، اتفاقية مع حكومة جورجيا تبلغ قيمتها 200 ألف دولار أميركي لتقديم استشارات لها. وفي الشهر نفسه، وبناء على نصيحة قدمها شيوينمان لماكين، اتصل المرشح الجمهوري برئيس جورجيا وعبر له عن تأييده له، ووعده بأنه في حال وصل الى البيت الابيض، فانه سيعمل على ادخال جورجيا في حلف الناتو. وعلق متحدث باسم اوباما أمس على الامر، وقال ان دور مستشار ماكين يوضح سيطرة لوبيات رجال الاعمال ومديري الشركات على حملة ماكين الانتخابية.