باراك يتمسك بـ«وديعة رابين» إذا وافق السوريون أولا على الشروط الأمنية الإسرائيلية

قال إنه لا يمكن أن توافق إسرائيل على ترك الجولان قبل أن تقطع دمشق علاقتها بإيران و«المنظمات الإرهابية»

TT

كشف وزير الدفاع الاسرائيلي ورئيس حزب العمل ايهود باراك، عن أنه كان شريكا في صياغة الموقف الإسرائيلي من السلام مع سورية والمعروف باسم «وديعة رابين»، وقال إنه ما زال يوافق عليها ويتمسك بها، ولكن بشرط أن يوافق السوريون قبل هذا على الشروط الاسرائيلية المتعلقة بالترتيبات الأمنية وقضايا المياه والتطبيع، وقطع العلاقات مع ايران ومع «التنظيمات الإرهابية».

وقال باراك، في مقال نشره في ملحق السبت من صحيفة «يديعوت أحرونوت» الاسرائيلية، انه لا يوجد في اسرائيل، ولا ينبغي ان يوجد رئيس حكومة يوافق على البحث في الانسحاب الاسرائيلي من هضبة الجولان الى حدود الرابع من يونيو (حزيران)، قبل ان يتم الاتفاق حول القضايا التفصيلية الأخرى المذكورة أعلاه.

وكان باراك قد كتب مقاله ردا على ما أورده السفير الأميركي مارتين انديك، في كتابه الجديد حول المفاوضات الاسرائيلية السورية التي جرت في شبردستاون الأميركية في سنة 1999، وشارك فيها هو عندما كان رئيسا للحكومة الاسرائيلية، مقابل وزير الخارجية السوري آنذاك فاروق الشرع. وقال باراك في مقاله ان انديك يورد أخطاء مضللة في هذا الكتاب. فهو لم يحضر غالبية المفاوضات. وشارك في المفاوضات فقط بشكل جزئي بوصفه مساعدا لوزيرة الخارجية الأميركية آنذاك مادلين أوالبرايت. وبنى معلوماته بالأساس على ما سمعه من آخرين. وأوضح باراك الموقف الاسرائيلي في تلك المفاوضات، فقال انه كان يعتمد على ثلاثة أركان، هي: أولا ـ المحادثات في شبردستاون دارت بالأساس بينه شخصيا وبين الرئيس الأميركي بيل كلينتون. وان «وديعة رابين» هي عبارة عن الاستعداد الاسرائيلي للتجاوب مع المطالب السورية، عندما تتجاوب سورية مع المطالب الاسرائيلية ـ «فإذا أرادوا التوصل الى اتفاق يلام يعتمد على التجاوب مع طلبات اسرائيل، لا يمكن التوصل الى اتفاق حول «حدود الرابع من حزيران 1967» قبل استيضاح القضايا الأخرى وهي: الترتيبات الأمنية، والمناطق منزوعة السلاح، وأجهزة الانذار، والمياه، وتطبيع العلاقات، والارتباط بالسلام مع لبنان وغيرها. ففي اللحظة التي يتلقى السوريون موافقة اسرائيلي على خط الحدود لن يبقى بأيدي اسرائيل أي ورقة تفاوض تضمن تحقيق انجازات في مطالبها الأمنية الحيوية ومصالحها في هذا الاتفاق». وانتقد باراك تصرف وزير الخارجية الأميريكية، وارن كريستوفر، الذي أخبر السوريين بأمر تلك الوديعة، وقال إن الوديعة أعطيت للأميركيين ولهم فقط وعندما عرف رابين ان كريستوفر أبلغها الى السوريين أيضا، غضب غضبا شديدا. وثانيا ـ يضيف باراك، لا يوجد شيء اسمه «خط حدود الرابع من حزيران». فالخط الحدودي الوحيد المرسوم بين الطرفين هو الخط الودلي منذ عام 1923. أما في الرابع من حزيران سنة 1967 فقد كان الجيشان الاسرائيلي والسوري، مرابطين في مواقع يبعد الواحد عن الآخر فيها مسافة مئات الأمتار وحتى كيلومترين اثنين، وبينهما مناطق متنازع عليها. وهناك مناطق حرام لم يكن بشأنها أي اتفاق بين الطرفين. وثالثا ـ سرية المحادثات. فقد كان واضحا انه ما كان ممكنا التوصل الى اتفاق كامب ديفيد (بين مصر واسرائيل)، لو ان المفاوضات وما اعتورها من طلعات ونزلات وأزمات، كانت مكشوفة للصحافة. والأمر نفسه ينطبق على المفاوضات مع الأردن والفلسطينيين. ويرد باراك على ما قاله انديك من انه عندما حطت طائرته في المطار العسكري في واشنطن خاف من التوصل الى اتفاق مع سورية، وتراجع فلم ينزل من الطائرة، إلا بعد أن صعد اليه انديك وتكلم معه. وكتب باراك ان هذا تشويه للحقائق، وانه كان في الأحاديث التمهيدية مع كلينتون كان قد طلب أن تجري المفاوضات في مكان مغلق، وان السوريين رفضوا اجراءها في كامب ديفيد، حتى لا تكون هناك مقارنة بينهم وبين السادات، واختار كلينتون اجراءها في شبردستاون، وتعهد بضمان ان تكون مغلقة تماما أمام الصحافة. ويضيف باراك: «قبل هبوط الطائرة في المطار تكلمت مع وفدنا الذي يعد لهذه المفاوضات، فصدمت عندما اكتشفت ان الصحافيين موجودون في موقع المفاوضات وأعضاء الوفدين يشربون القهوة، ويتبادلون الأحاديث مع الصحافيين. فاعتبرت ذلك خرقا لأحد الشروط الأساسية للمفاوضات، وكدت أعود الى البلاد، لكنني لم أفعل من باب الاحترام للرئيس الأميركي».

وادعى باراك ان هذه المفاوضات قد فشلت، لأن الرئيس الراحل حافظ الأسد، لم يقبل الشرط الاسرائيلي بالتفاوض أولا حول الترتيبات الأمنية وغيرها، وأراد أولا البحث في خط الانسحاب. وانه لم يكن مستعدا للتنازل لأسباب تتعلق بمرضه وفي انهماكه في التمهيد لأن يتسلم نجله السلطة من بعده. ونفى باراك ما كتبه انديك، من ان سورية وافقت على التنازل عن 10 مترات بعيدا عن خط مياه بحيرة طبريا، وقال ان خط الانسحاب الذي رسمه أمام السوريين يختلف تماما عن خط الرابع من حزيران. وانتقل باراك الى الحديث عن المفاوضات الحالية غير المباشرة الجارية في اسطنبول بوساطة تركية، فقال انها تبقى الأهم، وحذر رئيس الوزراء ايهود أولمرت، من الوقوع في خطأ استراتيجي فيها، مؤكدا ان عليه ان ينهي أولا التفاوض حول الترتيبات الأمنية وقضايا المياه، وبعد انجاز كل شيء يتفاوض حول حدود الانسحاب، وفقا لـ«وديعة رابين» التي ذكرها حسب الشروط الاسرائيلية ومفهوم الاسرائيليين لها.