سلفيون لبنانيون يرفضون استخدامهم «فزّاعة».. ويحاورون حزب الله على إصدار «بيان نيات»

حسن الشهال: تهميش الإسلاميين سبب بلاء الطائفة السنية

TT

تبحث شخصيات سلفية طرابلسية في إعلان «بيان نيات» مشترك مع «حزب الله». وقد عقد اجتماع يوم أمس في طرابلس، بعيداً عن الإعلام، ضم أطرافاَ سلفية وشخصيات علمية وأوقافا وجمعيات سنية للبحث في شأن هذا الإعلان الذي كان متوقعاً أن يبصر النور غداً. وبحسب مصادر حضرت هذا الاجتماع فإن سبب الإرجاء هو اجراء «مزيد من المشاورات، ولشرح الفكرة للقاعدة السنية الطرابلسية والسلفية بشكل خاص التي فوجئت بالخبر، ولتوسيع دائرة المشاركين قدر الممكن. وقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة داخل الدائرة السلفية الطرابلسية حول دور لرجال الدين لدرء الفتنة السنية-الشيعية بعد أن أظهر السياسيون عجزاً في الوصول إلى حلول. وزاد الأمر تعقيداً ان الاشتباكات بين باب التبانة ذات الغالبية السنية وجبل محسن ذي الطابع العلوي، ماتزال تسمم أجواء طرابلس بمناوشات وقنابل تكاد تكون يومية، هذا عدا انتشار السلاح في المدينة بشكل واضح، والغضب من توجيه الأصابع لإسلاميين بعد انفجار طرابلس.

الشيخ صفوان الزعبي، رئيس مجلس أمناء جمعية وقف التراث، وصاحب مبادرة فتح حوار مع حزب الله بدأ لقاءات مع الحزب منذ خمسة اشهر، وكانت آخر الجلسات يوم الثلاثاء الماضي. وهو متهم من قبل عدد من السلفيين بأن مبادرته مجرد فقاعة لا وزن لها على الأرض. لكن الشيخ الزعبي قال رداً على هذه الاتهامات في اتصال لنا معه: «نحن لا نرد على كل ناعق. ومن أولويات اتفاقنا مع حزب الله ان لا نتعامل مع حلفائهم السنة في طرابلس. فهؤلاء قبلوا ان يكونوا أذناباً، اما نحن فنتعامل مع حزب الله تعامل الند للند». ورداً على سؤال لماذا قاموا بهذه الخطوة رغم العداوة المعروفة بين السلفيين وحزب الله قال الزعبي: «لدينا شعور ان ما يحدث هو خطأ، لأننا نواجه حزب الله بطريقة عسكرية مع علمنا المسبق اننا غير قادرين على ذلك. الصف السني مشرذم وممزق. السلفيون ممزقون وحتى تيار المستقبل في داخله ممزق. هذا مرض سني. لقد هزمنا في بيروت وصيدا عسكرياً، لذلك اخترنا المواجهة الفكرية. لماذا نضحك على أنفسنا؟ التيارات السياسية في طرابلس لا تستطيع ان تخيف حزب الله، لذلك تستخدم الإسلاميين كفزاعة. فلماذا نقبل بلعب دور الفزاعة. غداً يتصالح تيار المستقبل مع حزب الله، ونخرج نحن بسواد الوجه. لماذا يحق للسياسيين ان يتصالحوا مع حزب الله في ما الأمر ممنوع علينا». ويقول الزعبي: «نحن التقينا بالنائب سعد الحريري ووضعناه في الأجواء، وننسق مع الوزير سمير الجسر. لقد تفهموا وجهتنا، ولعلهم يرونها مرحلة جديدة، ولكل مرحلة سماتها. لو لم نكن نشعر بالخطر الشديد لما تدخلنا. نشعر ان وضع الشمال اللبناني لو بقي على ما هو عليه سيصير كالعراق. ما يهمنا ان نفتح الطريق، أن نفتح ثغرة في هذا الحائط المسدود».

ويتحدث الشيخ صفوان الزعبي عن بداية هذه اللقاءات مع حزب الله ويقول: «كانوا متخوفين وحذرين، لكنهم في ما بعد تجاوبوا معنا. ونرى ان هذا قد يكون أمراً مساعداً. تيار المستقبل يعمل سياسياً ونحن ننشط على الجانب الفكري، وسنشكل لجنة تتكفل بالنقاش الذي سيدور بيننا وبين حزب الله، على هذه الجبهة نحن نضمن ربحنا، أما عسكرياً فلا».

أما الدكتور حسن الشهال رئيس «جمعية دعوة العدل والاحسان» والمعروف بتوجهه السلفي، فقد شارك باجتماع الأمس في طرابلس، وقال لـ «الشرق الأوسط» ان فكرة الحوار بيننا وبين حزب الله قائمة وشرعية وضرورة وطنية. وقد تم تأجيل الإعلان لأن جمعية إحياء التراث لا تريد ان تذهب وحدها، فما فعلوه هو توطئة يتم استكمالها. اجتماع اليوم (الأمس) ضم ما يزيد على 21 لحية وعالما وكنت أحدهم. النقطة الأساسية الآن هي كيف نستطيع ان نقنع شارعنا بهذه الخطوة التي قد لا يتفهمها. لسنا مختلفين على صوابية العمل فالمؤمن يحاور حتى الملحدين من الناس، لكننا لا نريد ان نخسر قومنا ونربح غيرهم». ويضيف الشهال: «ثمة اتفاق على ان يكون الحوار فكرياً، وان بيتعد الفرقاء عن العنف، ورفع الحيف والظلم عن الطائفة السنية في لبنان. نحن نريد ان نحاورهم بمبادئنا بعيداً عن السجال الإعلامي». ورداً على سؤال حول إذا ما كان هذا التحرك السلفي هو رد فعل على السياسيين الذي فشلوا في الخروج من المأزق يقول: «رأينا ان تهميش الإسلاميين هو من أسباب البلاء الذي وقع على الطائفة السنية. بالنظر إلى الشيعة، نجد انهم وضعوا رجال الدين في المقدمة وهم الذين يتخذون القرارات، في ما اريد لرجال الدين السنة ان يكونوا تابعين. وهذا عندنا، شرعاً، مرفوض، المطلوب ان يفتي العالم ويعمل وفقاً للفتوى السياسي وليس العكس». مصدر سلفي مطلع على ما يجري قال معلقاً لـ «الشرق الأوسط»: «الساحة السنية والسلفية غير متماسكة. والسلفيون يخشون ان يتحولوا إلى كبش محرقة. هم يشعرون ان ثمة تسويات ستتم على حسابهم، وهم من سيدفع ثمنها. فقد سبق ان دخلوا السجون وعوقبوا واتهموا بأفعال لم يرتكبوها، بدليل ان اول من اتهم بانفجار طرابلس منذ ايام هم الإسلاميون. لم ينتظر احد نتائج التحقيق، وهناك من بات لا يريد ان يتهم إسرائيل بأي شيء». ويضيف المصدر الذي رفض ذكر اسمه: «السلفيون يشعرون انهم بلا غطاء، والجميع يريد ان يتبرأ منهم، حتى القيادات السياسية السنية لا تملك ان تحميهم أو تدافع عنهم، لذلك فالأولوية الآن هي لعقد مصالحات سلفية بينية، تشمل أولئك الذي يتبعون سورية والمحسوبون على 14 آذار. أما عقد اتفاق، او إعلان بيان مع حزب الله فهو يأتي في سياق هذا الإحساس بأن الساحة السلفية مكشوفة، وان المصالحات السنية ـ السنية او السنية ـ الشيعية هي الأجدى لتحصين الساحة الإسلامية عموماً. فقتل المسلم لأخيه المسلم حرام ومن هنا، نعتبر الآن ان من اولوياتنا التقريب بين مختلف الفئات الإسلامية مهما كانت التباينات كبيرة». ولا يخفي المصدر ان التيارات الإسلامية السنية تمويلاتها متعددة المصادر ومصالحها متضاربة أحياناً، ولكن لا بد من مداواة الوضع وبأسرع ما يمكن».