السودان: انشقاق في «جبهة الشرق» وقيادات تعزل رئيسها وتعين مكانه مستشارة للبشير

مؤتمر البجا يحذر من خطورة الأوضاع على الحدود بين السودان وإثيوبيا

نازحون سودانيون من بلدة أويل الجنوبية في معسكر للاجئين تابع للأمم المتحدة بالقرب من منطقة بحر الغزال (أ.ف.ب)
TT

أعلنت قيادات بارزة في «مؤتمر البجا» أكبر الحركات المسلحة في شرق السودان، التي وقعت اتفاق سلام مع الخرطوم، عزل زعيمهم، موسى محمد احمد، الذي يشغل ايضا منصب رئيس جبهة الشرق (مكونة من مجموعة فصائل) الى جانب منصب مساعد لرئيس الجمهورية، لاتهامه بتقسيم حزبهم السياسي على اسس قبلية. ولوحت هذه المجموعة ومن بينها مستشارة الرئيس السوداني آمنة ضرار التي عينت نفسها مكانه، بابعاده عن مؤسسة الرئاسة في حال اصراره الاستمرار كرئيس للتنظيمين المسلحين سابقا.

لكن أحمد تجاهل هذا الاجراء وقلل من خطورته خلال خطاب امام مؤتمر عام للحزب في مدينة اركويت (شرق) قبل ان يحذر من خطورة الاوضاع بمنطقة «الفشقة» على الحدود السودانية ـ الاثيوبية، بعد يوم من زيارة وزير الدفاع السوداني الفريق اول عبد الرحيم محمد حسين ومدير عام جهاز الامن والمخابرات صلاح عبد الله الى اديس ابابا بسبب النزاع في تلك المنطقة. واثارت خطوة اقصاء موسى أحمد شبح تجدد عدم الاستقرار في شرق السودان، وتأتي بعد ايام من تحذيرات بأن المقاتلين الشرقيين ربما يعودون الى الحرب اذا لم يحصلوا على تمويل وتدريب وعدوا به في اتفاق سلام.

وانهى هذا الاتفاق عشر سنوات من تمرد محدود في منطقة يوجد بها اكبر منجم للذهب بالسودان وميناؤه الرئيسي وخط رئيسي لانابيب النفط.

وقالت آمنة ضرار وهي عضو بارز بالجبهة الشرقية التي تضم اعضاء من قبيلتي البيجا غير العربية والرشيدية العربية ان مجموعة من مسؤولي الحزب وقادته العسكريين علقوا عضوية الرئيس موسى محمد احمد في اجتماع اول من امس. وقالت ضرار انه يعتبر نفسه زعيم حزبين سياسيين «جبهة الشرق ومؤتمر البيجا». واضافت ان ذلك ليس مقبولا حيث ان جبهة الشرق شكلت لتمثل جميع سكان الشرق ايا كانت جماعتهم العرقية. واضافت انه قسم سكان الشرق.

واتهمت احمد بمحاولة تركيز السلطة في مؤتمر البيجا واستغلال المؤتمر لتشكيل سياسات سيدفع بها حينئذ من خلال حزب جبهة الشرق. وقالت ضرار انها حلت محل احمد كرئيسة لجبهة الشرق حتى يمكن بحث المسألة في اجتماع حزبي آخر. وأوضحت ان الجبهة جمدت عضوية احمد وان ما سيحدث بعد ذلك يرجع اليه.

وكانت ضرار قد حذرت الاسبوع الماضي من ان الشرقيين ربما يدفعون الى القتال مرة اخرى اذا تقاعست الخرطوم عن تسليم حزمة مساعدات تنمية بقيمة 600 مليون دولار وعدتها بها واعادة تدريب الجنود الشرقيين.

وقللت قيادات من مؤتمر البجا اقدم التنظيمات الاقليمية في السودان الذي عقد مؤتمره العام اول من امس بمدينة اركويت شرق البلاد، من خطورة قرار ضرار، ووصفته بالفرقعة الاعلامية. واعتبرت ضرار في تصريح لـ«الشرق الاوسط» ان «الخطوة توجه نحو المؤسسية حتى يستطيع الحزب خوض الانتخابات المقبلة وصناعة تحالفاته دون وصاية من احد». وانتقدت القصور الواضح وضعف تنفيذ اتفاق سلام الشرق في محاور السلطة، الثروة، الترتيبات الامنية، وقالت ان اتهامها بانها تعمل لصالح المؤتمر الوطني الحاكم «مردود» وان «المجموعة الاخرى هي التي تعمل لصالح حزب (الرئيس) البشير»، وتابعت «سبق ان اتهموني قبل عامين  بالانتماء الى الحزب الشيوعي والان بالمؤتمر الوطني الذي لن انتسب اليه في يوم من الايام». ووصفت توجهات موسى محمد احمد بالقبلية، وقالت «ما كان يطرح في خمسينيات وستينيات القرن الماضي لا يمكن ان يتماشي مع الالفية الثانية»، ولوحت بتجميد عضوية موسى من مؤسسة الرئاسة التي يشغل فيها منصب مساعد للرئيس، وقللت من وقوف الامين العام لجبهة الشرق وزير الدولة للطرق، مبروك مبارك سليم الذي كان يتزعم حركة «الاسود الحرة» وينتمي الى قبيلة الرشايدة ذات الاصول العربية، وقالت ان «جبهة الشرق فيها العديد من الاثنيات في شرق البلاد»، واضافت ان تجميد موسى لن يؤثر على اتفاقية الشرق التي وقعتها الجبهة، العام قبل الماضي، باسمرا مع الحكومة السودانية.

من جهته قال أحمد رئيس تنظيم مؤتمر البجا في خطابه امام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر «ننبه لخطورة الأوضاع غير المستقرة في منطقة الفشقة جنوب القضارف وركود ملف النزاع حول مثلث حلايب». واضاف ان ذلك «جلب للمواطنين المعاناة وعدم الاستقرار»، وتابع «ندعو الآن الا تتحول تلك النزاعات الى بؤر للاحتراب والاحتقان بين الاشقاء».

وحول التحالفات في الانتخابات المقبلة قال ان حزبهم على استعداد تام للدخول في اية تحالفات ايجابية مع القوى الوطنية واشترط لذلك تحقيق مصلحة الممارسة الديمقراطية والمصلحة الوطنية. ووجه موسى أحمد الحزب بتبني قضية غلاء المعيشة، واكد التزامه بالفيدرالية ومنح سلطات الحكم الذاتي بصلاحيات واسعة مع الارتكاز على الأسس الديمقراطية باحترام حقوق الانسان وتنفيذ الاتفاقيات التي وقعتها الحكومة في نيفاشا والقاهرة وابوجا واسمرا واعتبارها جزءاً من الدستور. ودعا لاحترام رغبات سكان دارفور واعادة اللاجئين والنازحين لقراهم. واشار في ذات الوقت الى عدم تلبية اتفاقية الشرق لكافة طموحاتهم لعدم امتلاكهم لنواصي القرار والامكانيات بما يتوقعه المواطنون، وردد: «نكون مشلولين احياناً عن أداء أقل القليل»، واعترف بعدم كمال أداء الدولة.