الأيام الأخيرة لمشرف: لم يتخذ قراره إلا قبل ساعات من الخطاب

الرئيس الباكستاني ينوي البقاء في بلاده ويجدد منزله الخاص

TT

قال مقرب من الرئيس الباكستاني المستقيل، برويز مشرف، إن القرار النهائي بتقديم استقالته لم يتوصل اليه سوى قبل ساعات من الخطاب الذي وجهه وأعلن فيه تنحيه أي فجر أمس، وانه بدأ كتابة خطابه قبل يومين ولكن المسودة الاخيرة لم تكتمل سوى يوم أمس. وحسب المقرب فإن مشرف ينوي البقاء في باكستان ليعيش في منزله الخاص، ولكن نظرا لان المنزل لا يزال يخضع للتجديد فانه سيبقى في روالبندي لبعض الوقت.

وحسب اوساط مشرف فانه حتى مساء يوم السبت لم يكن ينوي التقدم باستقالته. في الواقع، وعندما تحدثت إلى أحد المستشارين المقربين إلى مشرف أثناء حفلة كان يقيمها بمنزله حول هذه القضية، استبعدت أسرته تماماً إمكانية استقالته. وظل المناخ العام داخل مكتب الرئيس متذبذبا حتى تقدم باستقالته في نهاية الأمر يوم الاثنين الموافق 18 أغسطس (آب). في بداية إعلان الحكومة عن عزمها سحب الثقة من الرئيس، بدا مشرف وكأنه تعرض للحصار بدون غطاء يحميه، وشرع هو ومستشاروه المقربون في عقد جولة من المحادثات داخل وخارج باكستان. ولم يأت عامل المفاجأة من جانب الأخوين نواز، وشهباز شريف، وهما من قيادات حزب الرابطة الإسلامي الباكستاني، حيث شددا دوماً وبوضوح على رغبتهما في الإطاحة بالرئيس مشرف من السلطة. لكن المفاجأة الحقيقية جاءت من جانب زوج الراحلة بي نظير بوتو، آصف علي زرداري، الذي تولى زعامة حزب الشعب الباكستاني في أعقاب اغتيال زوجته. يذكر أن بوتو سبق أن أبرمت اتفاقاً مع مشرف أصرت خلاله على إسقاط جميع الاتهامات المزعومة ضدها وزوجها وأن يتم إصدار عفو بحقهما. واضطر مشرف لقبول هذا الاتفاق بسبب الضغوط الأميركية عليه الرامية لدفعه للتعاون مع بوتو. إلا أن هذا الاتفاق أسفر عن خلق صدع كبير بين بوتو والأخوين شريف . ومنذ أن شكل زرداري وشريف ائتلافهما الحاكم في بداية أبريل (نيسان) السابق، عجزا عن التوصل إلى اتفاق فيما بينهما بشأن قضيتين: الإطاحة بالرئيس، والأهم من ذلك، إعادة القضاة الذين طردهم مشرف إلى مناصبهم. وقد تمسك شريف وحزبه بهذين المطلبين على مدار فترة طويلة، بينما أصدر زرداري وعوداً بشأنهما، لكن تجمدت الجهود لتنفيذ هذه الجهود لبعض الوقت. وفور إعلان زرداري وشريف عزمهما إعداد عريضة اتهامات ضد مشرف تمهيداً لسحب الثقة منه، ساد الاضطراب معسكر مشرف. ففي بداية الامر عجزوا عن الاتفاق حول ما إذا كان يتعين على مشرف الإعلان على الفور عدم عزمه تقديم الاستقالة واستعداده لخوض عملية التصويت على سحب الثقة منه، أم من الأفضل ألا يصدر أي إعلانات على الإطلاق. إلا أنه بعد ذلك، أجرت صحيفة «صنداي تايمز» الإنجليزية لقاءً مع زرداري زعم خلاله أن مشرف تلقى مساعدة سنوية من الولايات المتحدة بلغت مليار دولار. لكن ربع مليار فقط معروف مصيرها، وأثار هذا الاتهام غضب مشرف لان نظافة اليد وعدم التورط في الفساد شكلا دوماً العنصر الذي يتباهى به. وعندما اتصلت بالمكتب الرئاسي حينذاك، تحولت النبرة المترددة إلى أخرى حاسمة، حيث تم عقد الرأي على أن يتصدى مشرف لعملية سحب الثقة ليدافع عن نفسه ضد مزاعم زرداري وتأهب معسكر مشرف للحرب!. وفي لقاء صحافي مع إحدى وسائل الإعلام الباكستانية، اضطر زرداري إلى تصحيح ادعاءاته. خلال عطلة نهاية الأسبوع، ورغم حديث وسائل الإعلام حول احتمالات استقالة مشرف، لم يكن هذا الخيار مطروحا أمامه. وشعر معسكر مشرف أن كل هذا الحديث ليس سوى وسيلة أخرى للضغط عليه كي يتقدم باستقالته. وحتى مساء يوم السبت، استبعد معسكر مشرف تماماً مسألة الاستقالة. لكن مساء الأحد، أي قبل إعلان الاستقالة بحوالي 12 ساعة، كانت هناك شكوك داخل معسكر مشرف حول ماذا كان نواز شريف سيحترم بالفعل أي اتفاق سيتم التوصل إليه أم أنه سيطالب بالمضي قدماً في الإجراءات القضائية؟ إذاً ما الذي دفع مشرف لاتخاذ قرار الاستقالة؟ من الواضح أن القرار جاء بناءً على نصائح من جانب أسرته، خاصة زوجته ووالدته، وهم لهم نفوذ قوي على مشرف.