عواصم العالم تقيم استقالة مشرف حسب تأثيرها على «الحرب على الإرهاب»

واشنطن تشيد به «صديقاً» وتعد بمواصلة دعم إسلام آباد وكابل تعبر عن ارتياحها

المحامون الباكستانيون يحتفلون بأستقاله برويز مشرف أمس (أ ف ب)
TT

تباينت ردود الأفعال حول استقالة الرئيس الباكستاني، برويز مشرف، أمس بين الحذر والترحيب، ولكن أجمعت الدول المعنية في دعواتها الى استقرار باكستان وأهمية ذلك في مواجهة التطرف. فمن جهة كانت هناك اشادة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس له «صديقاً» في مكافحة «الارهاب»، ومن جهة أخرى اعتبار الحكومة الافغانية الخطوة «تعزيزاً للديمقراطية» ودعماً لـ«الحرب ضد الإرهاب».

وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جورج بوش سيواصل العمل مع باكستان في مكافحة الإرهاب وملفات أخرى. وقال الناطق باسم البيت الأبيض، غوردن جوندرو، في بيان ان «الرئيس بوش ملتزم العمل مع باكستان قوية تواصل جهودها لتعزيز الديمقراطية والقتال ضد الارهاب». وأكدت رايس من جهتها أمس ان الولايات المتحدة ستواصل مساعدة الحكومة الباكستانية في قتال المتشددين. واشادت بمشرف لـ«اختياره الحاسم» بالانضمام الى المعركة ضد تنظيم «القاعدة» وطالبان ومتشددين اخرين. وأضافت انه كان صديقاً الولايات المتحدة وواحد من اكثر الشركاء في العالم التزاما في الحرب ضد الإرهاب، موضحة: «لهذا .. نحن ممتنون جدا له».

وأعلنت رايس في بيان: «سنواصل العمل مع الحكومة الباكستانية والزعماء السياسيين وحثهم على مضاعفة تركيزهم على مستقبل باكستان وحاجاتها الأكثر إلحاحا بما فيه وقف تنامي التطرف والتعامل مع مشاكل نقص الغذاء والطاقة وتحسين الاستقرار الاقتصادي». وأضافت: «ستساعد الولايات المتحدة في هذه الجهود لرؤية باكستان تحقق هدفها بان تصبح امة مسلمة مستقرة مزدهرة ديمقراطية وحديثة». ومن جهة أخرى، اكدت رايس دعم الولايات المتحدة للحكومة المدنية الجديدة المنتخبة ديمقراطيا في ما قالت انه رغبتها في تحديث وبناء مؤسسات ديمقراطية. وقالت: «تدعم الولايات المتحدة التحول الى حكومة ديمقراطية في باكستان وتحترم نتائج الانتخابات. ونعتقد ان احترام العمليات الديمقراطية والدستورية في ذلك البلد امر مهم لمستقبل باكستان وكفاحها ضد الارهاب». وفي بريطانيا، التي اعلنت باكستان استقلالها عنها عام 1947، دعا وزير الخارجية ديفيد مليباند الى الوحدة داخل القيادة السياسية في اسلام اباد. واشاد ميليباند في بيان أمس بـ«المكاسب الكبيرة» التي تحققت اثناء حكم مشرف في ما يتعلق بالاقتصاد والحرب على الارهاب ومحاربة الفساد وتعزيز الحوار مع الهند. ورغم ذلك، قال: «ولكن الاصلاح يعتمد فوق كل شيء على الشرعية، ولهذا السبب جهدت بريطانيا للتأكيد على اهمية وجود مؤسسات قوية بدلا من افراد اقوياء في باكستان، ولهذا نعتقد ان وجود ديمقراطية قوية امر مهم». واضاف: «أتطلع الى انتخاب مبكر لرئيس جديد في باكستان لدفع العمل المشترك المهم الذي يربط بين البلدين الى الأمام».

وكانت غالبية ردود الأفعال تتمحور على تأثير استقالة مشرف على استقرار باكستان والمناطق المحيطة بها. وأعربت الحكومة الافغانية أمس عن املها في ان يساهم اعلان مشرف استقالته في تعزيز الديمقراطية والاستقرار في باكستان. وقال الناطق باسم الخارجية الافغانية، سلطان احمد بهين:«نأمل ان تعزز استقالة مشرف الديمقراطية والحكومة المدنية في باكستان». ونقلت وكالة الأنباء الالمانية عن باهين قوله: «نأمل في أن تكون هذه فرصة طيبة لتعاوننا في الحرب ضد الإرهاب والتخلص من القواعد الإرهابية في الجانب الآخر من خط الحدود بين البلدين. كما اكد الناطق باسم الرئاسة الافغانية ان افغانستان ستواصل التعاون مع اسلام اباد لمكافحة الارهاب. وقال همايون حميد زاده «نقيم علاقات جيدة مع الحكومة المدنية الباكستانية المنبثقة عن انتخابات. وسنواصل العمل مع الحكومة الباكستانية لمكافحة الارهاب الذي يشكل تحديا جديا للبلدين». ويذكر ان العلاقات بين مشرف ونظيره الأفغاني حميد كرزاي عادة ما تتسم بالتوتر، وقد اتهمت كابل عناصر باكستانية بتغذية الإرهاب في السابق. ولم يرد موقف رسمي من الهند، جارة باكستان النووية، على قرار مشرف، ووصفت وزارة الداخلية الهندية القرار بأنه «شأن داخلي» باكستاني. ولكن نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر مسؤول بوادر قلق من تبعات استقالة مشرف على مواجهة التطرف. ونقلت الوكالة عن مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الهندية قوله: «علينا الانتظار لنرى كيف ستتعامل الحكومة المدنية مع العناصر المتطرفة». وفي طوكيو، قال رئيس الوزراء الياباني، ياسو فوكودا، انه لا يتوقع تغييرا فوريا في «الحرب على الإرهاب» التي تقودها الولايات المتحدة عقب استقالة مشرف. وصرح فوكودا للصحافيين «ما هي التغيرات التي سيحدثها ذلك على الحرب على الإرهاب والوضع في افغانستان؟ لا اتوقع اية تغييرات كبيرة في الوقت الحالي». واضاف «اتوقع حدوث امور مختلفة لاحقا. ولكن الوقت ليس مناسبا لكي نطلق التوقعات ونبحثها معكم». وتعتبر اليابان من اكبر الدول المانحة لباكستان، الحليف القوي للجهود التي تقودها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في افغانستان، رغم مخاوف بشان ترسانة إسلام آباد النووية والاضطرابات والعملية السياسية في البلاد. ووصف وزير الخارجية الألماني فرانك ـ فالتر شتاينماير استقالة الرئيس الباكستاني «لم تكن مفاجئة». ولكنه اردف قائلاً: «آمل أن يؤدي ذلك إلى تهدئة الوضع السياسي في باكستان لأننا نحتاج باكستان شريكا لتحقيق الاستقرار في المنطقة خاصة في أفغانستان». وقالت برلين انها تتوقع ان يساعد الرئيس الباكستاني المقبل على استقرار افغانستان المجاورة ويكافح الارهاب ويعزز الديمقراطية، حسب ناطق باسم الخارجية الالمانية. وقال ستيفان بردول في مؤتمر صحافي حكومي معتاد انه من «المهم جدا» للغرب ان تكون اسلام آباد شريكة تساهم في سلام وتطور المنطقة. وقال «نتوقع اننا سنواصل التعامل مع الحكومة الباكستانية والرئيس الباكستاني في المستقبل».

أما روسيا، فقد أعربت عن املها في ألا تتسبب استقالة مشرف في زعزعة استقرار البلاد. وذكرت وزارة الخارجية في بيان ان «روسيا تأمل في الا تكون لاستقالة مشرف انعكاسات سلبية على الاستقرار السياسي الداخلي لهذه الدولة الآسيوية المهمة».

وفي بروكسل، قالت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذي للاتحاد الاوروبي، ان استقالة مشرف «هي شأن يتعلق بالسياسة الداخلية»، فيما كررت فرنسا، الرئيسة الحالية للاتحاد الاوروبي، دعوة بريطانيا الى الوحدة في باكستان، وقالت وزارة الخارجية الفرنسية «نريد من الرئيس المقبل والحكومة الباكستانية العمل معا في جو بناء وفي احترام للمؤسسات لمعالجة العديد من التحديات التي تواجه باكستان».