أزمة ائتلافية جديدة في إسرائيل وأولمرت يهدد بإقالة وزير دفاعه

سببها ميزانية 2009 وخلاف حول تقليص ميزانية الجيش

TT

تشهد الحكومة الاسرائيلية أزمة ائتلافية جديدة على خلفية النقاشات الحادة حول الموازنة العامة لسنة 2009، بلغت حد توجيه تهديد من مكتب رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، بإقالة وزير الدفاع، ايهود باراك، من الحكومة.

وتعود هذه الأزمة الى جذور الخلافات بين أولمرت وقيادة الجيش، منذ أن قرر تقليص ميزانية الجيش قبل أكثر من سنتين، وتمتد الى الخلافات مع باراك، منذ انفجار قضية التحقيقات مع أولمرت في قضايا الفساد. لكن موضوعها هذه المرة يتعلق في قضية موازنة عام 2009. فهذه الموازنة كانت تشتمل في الأصل على زيادة في ميزانية الجيش بقيمة مليار دولار اضافة الى 13 مليار دولار في ميزانية 2008. وأعلن وزير المالية، روني بار أون، وهو من حزب «كديما» ومقربا من أولمرت، انه مضطر الى تقليص الموازنة العامة بقيمة 900 مليون دولار. ولكي لا يقع تحت طائلة الاتهامات من أطراف الخريطة الحزبية في الحكومة والكنيست (البرلمان الاسرائيلي)، خير بار أون الوزراء بين تقليص المبالغ المقررة من ميزانية الجيش أو من ميزانية الرفاه. ففي العرض الأول يقترح تقليص الزيادة في ميزانية الجيش بمبلغ 650 مليون دولار، لتصبح الزيادة بقيمة 250 مليون دولار «فقط»، على أن تقلص ميزانية الرفاه الاجتماعي بالمبلغ المتبقي (وهو 250 مليون دولار)، وفي العرض الثاني يقترح الوزير تقليص الزيادة في ميزانية الجيش الى 650 مليونا، على أن يكون التقليص الكبير من ميزانية الرفاه الاجتماعي.

وشعر الوزراء ان بار أون يحاول تحميلهم مسؤولية فوق طاقتهم. فمن يجرؤ على الدخول في مواجهة مع الجيش؟! ومن الجهة الأخرى، من يجرؤ على تقليص ميزانية الرفاه والتأمينات والمخصصات الأخرى للشيوخ والعجزة والعائلات كثيرة الأولاد؟! لذلك اقترح حزب العمل رفض الميزانيتين والتقدم بمشروع ميزانية ثالث، لا تقلص فيه ميزانية الجيش أو الرفاه. ولكن أولمرت وقف في صف وزير المالية واتهم حزب العمل بالتهرب من المسؤولية الوطنية لصالح حسابات حزبية وانتخابية ضيقة. ورفض التصويت على مشروع حزب العمل. وقرر تأجيل البت في الموضوع حتى جلسة الحكومة القادمة، الأحد المقبل.

ورد حزب العمل على هذا القرار بعقد جلسة لكتلته البرلمانية تقرر فيها التصويت ضد مشروع الميزانية المقدم من وزير المالية. ولما كان الحزبان الآخران في الحكومة قد أعلنا رفضهما للموازنة، حزب شاس لليهود الشرقيين المتدينين الذي يرفض تقليص ميزانية مخصصات الرفاه وحزب المتقاعدين يرفض التقليص الذي يمس بالمتقاعدين، فقد أصبح واضحا ان مشروع الميزانية سيسقط في الحكومة. وأثار هذا غضب أولمرت. فاتهم باراك بالتلاعب بالمصلحة الوطنية الاسرائيلية لحساباته الانتخابية. ورد باراك بالقول ان «أولمرت آخر من يحق له التكلم عن التلاعب. فالميزانية العسكرية هي أمر حساس لأننا لا نزال نلعق الجراح التي خلفتها حرب لبنان الأخيرة، والتي تجلى فيها كم كان أولمرت يتمتع بالمسؤولية الوطنية».

وأثر هذا التراشق تسرب التهديد من مكتب أولمرت انه يفكر في اقالة باراك. ومع ان مكتب أولمرت نفى بشكل رسمي توجيه هذا التهديد، إلا أن أكثر من جهة مقربة منه أكدت وجوده. وراحوا يصدرون التحليلات التي تقول ان أولمرت يستطيع اقالة باراك، وقد يؤدي هذا الى سقوط الحكومة وحل الكنيست. ومثل هذا التطور يلزم بإجراء انتخابات بعد 90 يوما، فيبقى أولمرت رئيسا للحكومة خلال هذه المدة وحتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل على الأقل. يذكر ان أولمرت تعهد في بداية دورة هذه الحكومة، في مايو (أيار) 2006، بتقليص ميزانية الجيش بمبلغ 1.2 مليار دولار. ووضع هذا التعهد ضمن برنامج الحكومة بالاتفاق مع رئيس حزب العمل السابق عمير بيرتس. وفي حينه جر الجيش الحكومة الى الحرب ـ كما ورد في تقرير لجنة فينوغراد ـ وبعد الحرب ألغي هذا البند واستبدل ببند آخر يقضي بزيادة ميزانية الجيش بقيمة 3 مليارات دولار اضافية. ويواصل الجيش طرح المطالب بزيادة ميزانيته. وأقيمت لجنة خاصة من الخبراء العسكريين والاقتصاديين للبحث في هذه الميزانية وضرورة وقف التبذير في الجيش. لكن قيادة الجيش أقنعت هذه اللجنة بضرورة زيادة الميزانية العسكرية بثلاثة مليارات دولار اضافية خلال السنوات العشر المقبلة. وطالبت بأن يبلغ حجم الدفعة الأولى 900 مليون دولار. واتخذ باراك موقفا مناصرا لطلب الجيش وتصدى لمخطط المالية وعرض ميزانية جديدة تنطوي على زيادة العجز في الموازنة والامتناع عن تقليص ميزانية الرفاه أو تقليص الزيادة في ميزانية الجيش. وعلى هذه الخلفية انفجرت الأزمة الائتلافية الجديدة.