مقتل 10 جنود فرنسيين في أفغانستان.. وباريس تعتبر الخسارة هي الأكبر بعد اعتداء بيروت عام 1983

ساركوزي يتوجه إلى كابل ويتعهد بمواصلة الحرب على الإرهاب

مدرعة فرنسية تتجه الى مكان الانفجار الذي استهدف الجنود الفرنسيين في سوروبي بأفغانستان (أ.ب)
TT

منيت القوات الفرنسية العاملة في أفغانستان في إطار قوات الحلف الأطلسي بضربة قاسية، حيث خسرت في كمين أعقبته معارك ضارية مع قوات طالبان يومي أمس وأول من أمس 10 قتلى و21 جريحا.

وبالنظر الى فداحة الخسائر، وهي الأكبر التي تمنى بها القوات الفرنسية منذ بداية مشاركتها في العمليات العسكرية في أفغانستان في العام 2002، فقد قطع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إجازته الخاصة التي كان يمضيها مع زوجته عارضة الازياء كارلا بروني في جنوب فرنسا على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وتوجه الى افغانستان برفقة وزير الدفاع هيرفيه موران مساء أمس، فيما وصلت طائرة طبية فرنسية الى كابل لنقل الجرحى الى المستشفيات الفرنسية.

وأصدر ساكوزي ظهر أمس بيانا قال فيه: «أصيبت فرنسا بضرية قاسية في حربها على الإرهاب، حيث كانت قواتها تقوم بمهمة استطلاعية مشتركة مع قوة أفغانية وأميركية في منطقة تقع على مسافة خمسين كلم شرق العاصمة كابل التي توجد فيها القوات الفرنسية منذ عام 2002».

غير أنه أكد أن فرنسا مستمرة في أداء واجبها رغم الخسائر الأخيرة. وقال: «إن عزيمتي لن تلين وفرنسا عازمة على الاستمرار في حربها على الإرهاب ومن أجل الديموقراطية والحرية إذ أن القضية عادلة وشرف فرنسا وجيوشها هما في الدفاع عنها». وحيا ساركوزي شجاعة الجنود الفرنسيين الذين «أدوا واجبهم حتى التضحية الكبرى».

وتأتي الخسارة التي أصابت القوة الفرنسية بعد أسبوعين فقط على انتقال قيادة المنطقة الوسطى الأفغانية من إيطاليا الى فرنسا. وبحسب مصادر وزارة الدفاع الفرنسية فإن مقتل عشرة جنود من مظليي الفرقة الثامنة لمشاة البحرية ومن القطع الأخرى، يمثل اكبر خسارة منيت بها القوات الفرنسية منذ مقتل 57 من جنودها في بيروت في العام 1983 بتفجير مقر دراكار في العاصمة اللبنانية.

وفي مؤتمر صحافي عقد عصرا في مقر وزارة الدفاع بحضور وزير الدفاع ورئيس أركان القوات الفرنسية الجنرال جيرجولان، شرح الأخير الظروف التي حصلت فيها المعارك بين القوة الفرنسية التي كانت تقوم بمهمة استطلاعية، مدعومة بعناصر من الجيش الأفغاني ومن القوات الخاصة الأميركية، وبين مجموعة من طالبان تقدر بمائة رجل. وبحسب جيرجولان، فإن القتلى والجرحى الفرنسيين وقعوا في الدقائق الأولى عندما هاجم الطالبان في وقت واحد طليعة القوة الفرنسية وقوة الإسناد التي كانت تتبعها مباشرة وقوة الحماية في مؤخرة الدورية. ونفى الجنرال الفرنسي أن يكون جنوده الذين سقطوا في كمين وصفه بـ «المحكم» قد قتلوا بألغام مزروعة على جانبي الطريق أو أن يكون قد وقع منهم أسرى بأيدي طالبان. واستبعد رئيس الأركان الفرنسي أن تكون قواته قد ارتكبت «خطأ» عسكريا أو تكتيكيا ما، مذكرا بأن القوات الأميركية نفسها منيت مؤخرا بخسائر كبرى في الأسابيع الأخيرة. وأشار الى أن طالبان حسنت من آدائها ومن قدرتها على التحرك كما أنه لا يبدو أنها تعاني من مشكلة التزود بالذخائر، التي استعملت في المعارك بكميات كبيرة. وكشف الجنرال الفرنسي أن من بين الجرحى أحد كبار قادة طالبان. وقدر جيرجولان قتلى طالبان بثلاثين إضافة الى عشرين جريحا. وساهمت الطوافات الفرنسية في إخلاء الجرحى فيما قدم سلاح الجو الأميركي دعما ميدانيا للقوة الفرنسية لإخراجها من الكمين.

ومن جانبه، شدد وزير الدفاع على أهمية الحضور العسكري الفرنسي في افغانستان.

وتشارك فرنسا بـ2600 رجل في القوة الأطلسية العاملة في أفغانستان. وفي الربيع الماضي، قرر ساركوزي، في إطار تقاربه مع واشنطن ورغبته في العودة الى القيادة العسكرية الموحدة للحلف الأطلسي إرسال 700 رجل إضافي الى أفغانستان. وتشارك باريس ايضا في عمليات الاستطلاع والإسناد الجوي حيث يرابط سرب من طائراتها في مطار قندهار، جنوب افغانستان.

واعتبر موران أن ما تدافع فرنسا عنه في أفغانستان ليس فقط حقوق الإنسان والمرأة والحرية والديموقراطية بل ايضا «أمن فرنسا القومي» ومنع عودة أفغانستان «مصدرا للإرهاب العالمي، ومن هذا المنطلق، فلا حق لنا بالهزيمة أو التراجع». وخلص موران الى القول: إن مستقبل السلام والاستقرار في العالم مرهون في جانب منه بما يجري في أفغانستان. وفي السنوات الست الماضية خسرت فرنسا 14 جنديا إن في مهمات قتالية أو في حوادث مختلفة.