باكستان: خلافات حادة بين قادة الاتئلاف الحاكم حول إعادة القضاة المقالين وخلف مشرف

إعلان تشكيل لجنة للحوار بين حزب الشعب وحليفه حزب الرابطة الإسلامية

محامون باكستانيون يحتفلون باستقالة مشرف في لاهور أمس (رويترز)
TT

على الرغم من المحادثات التي استمرت على مدار يومين أخفق قادة الاتئلاف الحاكم في باكستان (حزب الشعب الباكستاني وحزب الرابطة الإسلامية ـ نواز شريف)، في حل خلافاتهما حول مسألة إعادة 61 قاضيًا من المحاكم العليا الذين أقالهم برويز مشرف في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2007.

وكانت المشاورات قد انتهت بين زعيمي الحزبين الرئيسيين في التحالف الحاكم أمس من دون التوصل إلى أي صيغة تفاهم حول إعادة هؤلاء القضاة. وقد حضر الاجتماع آصف على زرداري رئيس حزب الشعب الباكستاني، ونواز شريف رئيس الوزراء الأسبق رئيس حزب الرابطة الإسلامية ورئيس الوزراء الأسبق ومولانا فضل الرحمن من جماعة أمة الإسلام واسفندياري ولي خان رئيس حزب عوام الوطني. وكان آصف علي زرداري قد دعا إلى هذا الاجتماع للبحث في الموقف السياسي القادم بالنسبة لمشرف بعد تنحيه عن السلطة، وقال: «ناقش الاجتماع ثلاث قضايا، الأولى قضية إعادة القضاة الـ 61 الذين أقالهم مشرف، والثانية النظر في أسماء المرشحين لتولي منصب الرئاسة والثالثة تحديد مصير الرئيس مشرف فيما إذا كان سيقدم إلى المحاكمة أم لا».

وقد نشبت خلافات حادة بين حزب الشعب وحزب الرابطة الاسلامية حول هذه القضايا، حيث فشل الاثنان في تسوية خلافاتهما حول كيفية معاملة مشرف في أعقاب استقالته وكيفية إعادة القضاة. وأعرب خواجة سعد رافقي، أحد قادة حزب الرابطة الإسلامية، خلال جلسة البرلمان التي عقدت امس، أن حزبه لن يوافق على خطة الحكومة تأمين مخرج آمن لمشرف بالقول: «يجب أن يحاكم على أخطائه».

وقالت مصادر مطلعة إن نواز شريف رئيس الحزب اتخذ نفس الموقف المتشدد حول قضية محاكمة مشرف خلال اجتماع قادة الحزب. أما آصف زرداري، فقال أمام الاجتماع إن الحكومة لن تتمكن من تقديم مشرف إلى القضاء لأنها قدمت تعهدات لحلفائها الأجانب بأنها لن تفعل ذلك.

أما الأمر الثاني الذي أدى إلى تعميق هوة الخلافات بين الحزبين، فكانت إعادة 61 قاضيًا من قضاة المحاكم العليا الذين أقالهم مشرف عندما كانت المحكمة العليا تنظر في قضية تتعلق بأهلية مشرف للترشح للانتخابات الرئاسية في أكتوبر (تشرين الاول) 2007.

وفي أعقاب الاجتماع قال نواز شريف للصحافيين إن حزبه يرغب في إعادة القضاة الذين أقالهم مشرف في غضون أربع وعشرين ساعة وأن هذه المسألة تعد حساسة بذات القدر الذي تشغله قضية استقالة الرئيس.

وعندما سئلت وزيرة الإعلام شيري رحمن، التي تنتمي الى حزب الشعب، عن تعليقها على ما قاله نواز شريف، قالت: «لا اعتقد أنه يمكن أن يقول مثل هذا الكلام أو ان يستخدم مثل تلك اللهجة، ولست على يقين من هذه المهلة التي حددها (نواز شريف)، لكنني واثقة تمامًا من ان أحدًا لن يقول ذلك لشريكه في الائتلاف الحاكم».

ويعتقد نواز شريف وحزبه أن الشعب الباكستاني منحهم أصواته في البرلمان لتعهدهم بإعادة القضاة الذين أقالهم مشرف.

وعلى الجبهة الأخرى يبدو زرداري غير متحمس لتلك الفكرة.

وفي ختام اجتماع أمس، عينت لجنة لتسوية الخلافات بين الحزبين، وقال مولانا فضل الرحمن أحد قادة التحالف الحاكم: «لقد عينت للقاء نواز شريف وآصف زرداري لأناقش معهما مسألة إعادة القضاة ولموقف السياسي في البلاد، وإننا على ثقة من قدرتنا على التوصل إلى قرار في خلال الساعات الـ 74 المقبلة». وكان وزير العدل الباكستاني فاروق نائق قد قال للصحافيين قبل بدء اجتماع الائتلاف الحاكم، بأنه لا يوجد اتفاق مع مشرف بشأن استقالته.

وقال: «لم يكن هناك اتفاق او أي شيء آخر. رئيس باكستان استقال طوعا. وفيما يتعلق بمحاسبته قلت بالفعل ان ذلك سيتقرر من قبل شركاء الائتلاف».

وقالت الصحف الباكستانية الصادرة أمس إنه يتعين على قادة الائتلاف ان يتفقوا على مرشح مشترك لمنصب الرئيس ويتجنبوا المشاحنة حول المنصب. كما يمثل الأمن ايضا كبرى المشاكل وهو ما اتضح بعد انفجار قنبلة في مستشفى ببلدة ديرا اسماعيل خان. ودعا اسفنديار والي خان، رئيس حزب رابطة عوامي، وهو شريك في الائتلاف يحكم الاقليم الشمالي الحدودي الغربي المضطرب، الى اتخاذ قرارات عقلانية. وقال خان وهو يحرك يده بين قلبه ورأسه: «هذا وقت لنتخذ القرارات من هنا (يشير الى رأسه) وليس من هنا (يشير الى قلبه). لو اتخذنا القرارات من القلب بدلا من العقل ستكون النتائج خطيرة للغاية ومريعة بالنسبة للبلاد».

الى ذلك، قالت الصين إنها تتوقع ان تبقى روابطها مع باكستان قوية في اعقاب استقالة مشرف الذي أشادت به بكين لسعيه من أجل النهوض بالعلاقات بين البلدين. وترتبط باكستان والصين بعلاقات شراكة وثيقة منذ وقت طويل ويسعى البلدان الى التصدي للهند، وزار مشرف بكين عدة مرات لتوطيد الروابط الدبلوماسية والاقتصادية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، كين جانغ، انه يتوقع ان تبقى العلاقات الوثيقة في عهد خلفاء مشرف. وقال كين في بيان نشر في موقع الوزارة على شبكة الانترنت: «نأمل ونعتقد انه من خلال الجهود المشتركة للصين وباكستان سيستمر التعاون الودي بين البلدين في التقدم». واضاف البيان: «في عهده رئيسا لباكستان لعب مشرف دورا مهما في تطوير العلاقات الصينية الباكستانية، وأشاد الجانب الصيني بذلك». والصين مورد رئيسي للسلاح الى باكستان وساعدتها ايضا في بناء محطات نووية مدنية. ووقع البلدان اتفاقا للتجارة الحرة في عام 2006 ويأملان زيادة التبادل التجاري الى 15 مليار دولار خلال الخمسة الاعوام المقبلة.