الأسد في موسكو: شراء أسلحة روسية أمر أساسي.. والأزمة «الجورجية» هي المدخل

طالب روسيا بوقف التقارب مع الغرب وقال إنه سينظر في نشر صواريخ روسية في بلاده.. إذا طلب مدفيديف

TT

استبق الرئيس السوري بشار الاسد زيارته التي بدأها امس لروسيا باطلاق تصريحات، في وسائل الاعلام الروسية، أعلن تأييده فيها، لما قامت به القوات الروسية في أوسيتيا الجنوبية، كما أشار الى انه سيسعى لاستغلال صراع روسيا مع جورجيا الذي تقول فيه موسكو ان هذه الاخيرة استخدمت معدات عسكرية زودتها بها اسرائيل، لتأكيد الحاجة لتعزيز روسيا تعاونها العسكري مع بلاده، كرد على الخطوة الاسرائيلية.

وتفاقمت أزمة العلاقات بين روسيا واسرائيل، في الأيام الأخيرة، على خلفية الصراع في جورجيا وزيارة الرئيس السوري، بشار الأسد، الى موسكو. وأعربت أوساط اسرائيلية رفيعة، أمس، عن مخاوفها من تدهور العلاقات لدرجة تجعل روسيا تنتقم من اسرائيل بواسطة تقديم أسلحة حديثة ومتطورة الى سورية. ووصل الرئيس الاسد، مساء أمس الى مدينة سوتشي السياحية الروسية على البحر الاسود، يرافقه خاصة وزير خارجيته وليد المعلم ومن المقرر ان يجري اليوم مباحثات مع نظيره الروسي ديمتري مدفيديف. وقال الاسد لصحيفة «كوميرسانت» الروسية بالطبع التعاون العسكري والفني هو القضية الاساسية ومشتريات الاسلحة مسألة بالغة الاهمية». معتبرا ان الوضع الناجم عن النزاع الروسي الجورجي سيكون مدخلا مناسبا، ويمكن ان يساعد مشاريعه هذه. وقال الاسد ان «التعاون الفني والعسكري امر اساسي ومشتريات الاسلحة في غاية الاهمية» مشيرا الى ان «الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة واسرائيل» على روسيا لمنعها من بيع الاسلحة الى سورية «لا تتوقف». لكن الرئيس السوري اعتبر انه «بما ان دور اسرائيل ومستشاريها العسكريين في الازمة الجورجية اصبح الان معروفا للجميع» فان هذه الضغوط لن يكون لها تأثير على العلاقات بين موسكو ودمشق في هذا المجال.

وقال رسلان بوخوف مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات لوكالة الصحافة الفرنسية ان «سورية تريد دائما شراء احدث وأقوى الاسلحة الروسية سواء الهجومية منها أو الدفاعية». وكانت الضغوط الاميركية والاسرائيلية السبب جزئيا في عدول موسكو عن بيع دمشق صواريخ اس ـ 300 المضادة للطائرات والمماثلة لصواريخ باتريوت الاميركية وايضا الغاء عقد لبيعها صواريخ اسكندر الباليستية قصيرة المدى. وقال المحلل ان «سورية تشتري منا انظمة بانتسير المضادة للطائرات وتريد شراء انظمة بوك ـ ام2 متوسطة المدى».

واستنادا الى وسائل الاعلام الروسية فان صواريخ بوك من الطراز الاقدم (بوك ـ ام1) اثبتت فاعليتها خلال النزاع الجورجي الروسي القصير. فقد اتاحت هذه الصواريخ التي حصلت عليها جورجيا من اوكرانيا اسقاط اربع طائرات روسية. وقال بوخوف «من الممكن في سياق التوتر المتفاقم بين روسيا والغرب ان تقرر موسكو ان تبيع لدمشق ما تريده» متوقعا ان يستخدم الاسد الاتفاق الاميركي البولندي بشأن الدرع المضادة للصواريخ كذريعة لاقناع محدثيه الروس.

واعرب الاسد عن امله في توقف روسيا عن المضي في محاولاتها للتقارب مع الغرب والشراكة مع بلدان الناتو، مشيرا الى حالة الجمود التي سبق واصابتها ابان حقبة تسعينيات القرن الماضي، وما شهدته سياستها الخارجية من تطورات ديناميكية مع بداية القرن الحادي والعشرين والتي يقصد بها سنوات حكم الرئيس السابق فلاديمير بوتين.

وقال الأسد ان التقديرات المبدئية للاحداث الاخيرة في أوسيتيا الجنوبية مثال صارخ على المعايير المزدوجة مشيرا الى ما تشدق به الغرب عن حق تقرير المصير بالنسبة لكوسوفو. واشار الى ان جورجيا هي التي بدأت الازمة فيما يتهم الغرب روسيا بمسؤولية اشعالها. وأعرب عن امله في ان يستطلع الكثير من تفاصيل ما جرى من احداث خلال لقائه مع الرئيس الروسي دميتري مدفيديف اليوم، الخميس، مؤكدا ان سورية تقف تماما الى جانب روسيا على حد تعبيره الذي نشرته شبكة «غازيتا رو» الالكترونية. وقال انه سيحاول من جانبه في هذا اللقاء ان يشرح ماهية الدور الذي لعبته اسرائيل في هذه الحرب.

واشار الاسد الى ان المحاولات التي تستهدف عزل روسيا تتواصل على مدى العديد من الاعوام وان هناك القوى التي تسعى من اجل تقويض اقتصادها والتدخل في شؤونها الداخلية في الوقت الذي تواصل فيه نشر عناصر الدرع الصاروخي في اوروبا. وقال ان تحريض جورجيا على تصعيد النزاع خطوة على طريق محاولات فرض العزلة الدولية حول روسيا مؤكدا ان مواصلتها اداء دور الدولة العظمى لا بد وان يسفر عن فشل هذه المحاولات. واشار الى ان احدا لم يستشره بعد في مسألة نشر منظومات الصواريخ من طراز «اسكندر» في سورية ردا على نشر منظومات الدرع الصاروخي الاميركي في شرق اوروبا وإن اعرب عن استعداده للنظر في هذا الاقتراح في حال التقدم به. واذ اعرب عن استعداد سورية لبحث أوسع اشكال التعاون مع روسيا بما في ذلك ما يتعلق بميناء طرطوس على البحر الابيض، قال بضرورة الانتظار الى ما بعد مباحثاته مع الرئيس الروسي والتي اشارت مصادر دبلوماسية انها ستتناول مختلف قضايا العلاقات الثنائية بما فيها التعاون العسكري الى جانب الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط ومنها لبنان والعراق وايران.

وعلى صعيد آخر تنتظر العاصمة الروسية زيارة اخرى من جانب عاهل المملكة الاردنية الهاشمية الملك عبد الله الثاني، فيما تقول المصادر ايضا باحتمالات زيارة ثالثة من جانب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح. وفي سياق تحسن العلاقات السورية الروسية في السنوات الاخيرة والذي تجلى خاصة بالغاء جزء من الديون السورية لموسكو اشارت وسائل الاعلام الروسية ايضا الى بيع طائرات حربية روسية الى دمشق. وقيل ان ايران هي الممول لصفقات الشراء هذه الا ان السلطات الروسية نفت ذلك.

ويمكن ان تدفع القيود التي فرضتها اوكرانيا على تحركات السفن الروسية الراسية في ميناء سيباستوبول روسيا الى التفكير في اقامة قاعدة بحرية في سورية حيث كان للاتحاد السوفياتي واحدة في ميناء طرطوس. الا ان موسكو نفت دائما هذه المشاريع التي تتحدث عنها الصحف من حين لاخر. وقال بوخوف «من المؤكد ان الاسد سيعرض علينا فكرة هذه القاعدة كما فعل شافيز (الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز)». لكن «روسيا ليست حقيقة في حاجة لذلك حيث ان اقامة قاعدة في سوخومي (على البحر الاسود في جمهورية ابخازيا الجورجية الانفصالية) تبدو اكثر واقعية واكثر فائدة».