إخماد حريق «الشورى المصري» وتبرعات بـ20 مليون جنيه من النواب لإعادة بنائه

استمر 14 ساعة مخلفا قتيلا و17 مصابا أغلبهم من رجال الإطفاء ومبنى مدمرا بالكامل

الدخان يستمر في التصاعد أمس من مبنى البرلمان المصري المحترق في وسط القاهرة (أ.ف.ب)
TT

بعد ليلة عصيبة لم تنم فيها القاهرة، تمكن رجال الإطفاء في التاسعة من صباح أمس من إخماد الحريق المروع الذي شب في مبنى مجلس الشورى المصري، بعد أن ظلت النيران مشتعلة فيه على مدى 14 ساعة متواصلة أتت خلالها على المبنى بأكمله، وأدت إلى انهيار المبنى الملاصق لمبنى «الشورى» ومبنى رئاسة الوزراء.

وبينما واصلت النيابة طوال أمس تحقيقاتها في ملابسات الحادث، استنفرت أجهزة البحث الجنائي كافة طاقاتها للوقوف على السبب المباشر للحريق. وقاد النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود فريقاً من رؤساء ووكلاء النيابة للبحث في الملابسات. ورغم عدم الإعلان رسمياً عن أي نتائج للتحقيقات الأولية، إلا أن مصادر الشرطة تحدثت أمس عن احتمال قوي لوقوع ماس كهربائي تسبب في الحريق، مستبعدة شبهة العمل الجنائي.

وفي حين أكدت مصادر طبية مصرية استقرار حالة معظم المصابين في الحادث والبالغ عددهم 17 مصابا، أغلبهم من رجال الأطفاء الذين تم نقلهم إلى مستشفى الشرطة بحي العجوزة (غرب القاهرة)، أعلنت وزارة الداخلية المصرية العثور على جثة جندي اطفاء اسمه فؤاد نصار كان مفقودا داخل المبنى المحترق، ليكون بذلك أول ضحية للحريق.

وعاشت القاهرة طوال الليلة قبل الماضية في حالة تأهب واستنفار تحسبا لامتداد الحريق إلى المباني المجاورة لمجلس الشورى. وقطع الدوي المتصل لسيارات الإسعاف والإطفاء سكون الليل، بينما انتشر الدخان الكثيف في المنطقة. وأدى الخوف من تطاير الشرر من المبنى المحترق للمباني المجاورة، إلى قضاء عدد من سكان هذه المباني ليلتهم في الشوارع، فيما استعد العديد للفرار متذكرين حريق القاهرة الشهير في يناير (كانون الثاني) 1952.

وعلى الصعيد الرسمي، عقد الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى عدة اجتماعات مكثفة مع الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء، والمشير حسين طنطاوي وزير الدفاع واللواء حبيب العادلي وزير الداخلية، والدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة، والمهندس إبراهيم محلب رئيس شركة «المقاولون العرب» التي ستتولى إعادة بناء المبنى المحترق، في ما تفقد نظيف والعادلي موقع الحريق. وطالب وزير الداخلية رجال الإطفاء بسرعة الانتهاء من عملهم لإتاحة الفرصة لرجال النيابة والمعمل الجنائي لمباشرة عملهم وتحديد سبب الحريق، وحصر الخسائر الناجمة عنه.

وقال الشريف إنه اتفق مع المهندس إبراهيم محلب على ضرورة الاحتفاظ بالشكل التاريخي للمبنى وقاعاته التاريخية عند إعادة البناء، مشيرا إلى أن المهندسين التابعين لشركة «المقاولون العرب» بدأوا في صلب الحوائط الخارجية للمبنى لمنعها من الانهيار هي الأخرى، بعدما انهار المبنى من الداخل.

وأشار الشريف إلى أنه والدكتور فتحي سرور سيعقدان اليوم اجتماعات مع رئيس الوزراء وعدد من الفنيين لبحث أمور إعادة البناء، فيما سيعقد أمينا مجلسي الشعب والشورى سلسلة اجتماعات للتوصل إلى الصيغة المثلى للتنسيق في إعادة البناء.

وأشار الشريف إلى أنه اتفق مع سرور على أن يعقد مجلس الشورى جلساته في قاعة مجلس الشعب بالتناوب، لحين الانتهاء من إعادة بناء مبنى مجلس الشورى.

وفي سياق المشهد نفسه، تفقد المستشار عبد المجيد محمود النائب العام المصري أمس يرافقه عدد من أعضاء نيابتي وسط القاهرة وقصر النيل موقع الحريق، حيث طلب تشكيل لجنة من الدفاع المدني والأمن الصناعي لبحث مدى توافر وسائل السلامة المهنية والإطفاء بالمبنى من عدمه.

وقال مصدر أمنى مسؤول إنه لم تتوافر أي مؤشرات لوجود قصد جنائي وراء الحريق، مرجحا أن يكون الحريق نتج عن أعمال الصيانة التي كانت تجري منذ يوليو (تموز) الماضي بالمبنى وتجهيزاته بالكامل استعدادا لافتتاح الدورة البرلمانية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وأشار المصدر إلى أنه شارك في إطفاء الحريق 55 سيارة إطفاء وسلمين هيدروليكيين تابعين لشرطة الحماية المدنية فضلا عن 15 سيارة إطفاء تابعة للقوات المسلحة و3 طائرات هليوكوبتر تابعة للقوات المسلحة و13 من سيارات خزانات المياه بالإضافة إلى 6 سيارات وخزانات تابعة لقطاع البترول. وأوضح المصدر أن سبب انتشار الحريق بسرعة كبيرة أن معظم مكونات المبنى من الأخشاب فضلا عن المواد سريعة الاشتعال المستخدمة في أعمال الصيانة وتزايد حركة الهواء، فيما أكد اللواء محمد نصير مدير إدارة الدفاع المدني والحريق أن عمليات تبريد مجلس الشورى بعد حريق الأمس ستستمر لمدة يومين للتأكد تماما من تحقيق الأمان داخل المبنى وعدم عودة النيران للاشتعال مرة أخرى. وعلمت «الشرق الأوسط» أن التبرعات بدأت تنهال على مجلس الشورى لإعادة بناء المبنى، بلغت عشرين مليون جنيه من النواب من رجال الأعمال.

وعلى خلفية الحريق، قامت شركة ميناء القاهرة الجوى بالتعاون مع السلطات الأمنية أمس بمراجعة جميع وسائل الإطفاء والإنقاذ والخطط المعدة مسبقا لمواجهة الحرائق والحوادث في مختلف قطاعات المطار.