حكومتا لبنان وسورية تقران اليوم في خطوة تاريخية التبادل الدبلوماسي الأول

سليمان للأسد: لا يمكن التشكيك بعروبة السنيورة.. خلافات أدت إلى تأجيل تعيين قائد جديد للجيش

قائد قوات الامم المتحدة في لبنان (يونفيل) الجنرال كلاوديو غرازينو يمنح ميداليات لعناصر من القوات الاندونيسية خلال احتفالها بيوم الاستقلال امس (أ.ف.ب)
TT

يجتمع مجلسا الوزراء في لبنان وسورية اليوم لاتخاذ «خطوة تاريخية» تتمثل باقرار التبادل الدبلوماسي لأول مرة بين البلدين بما يطوي صفحة من تاريخ العلاقات المتوترة بين البلدين على خلفية الخوف اللبناني من عدم الاعتراف السوري بكيان لبنان كدولة مستقلة. وهو هاجس يلازم اللبنانيين منذ تأسيس دولة لبنان الكبير عام 1924 وضم الاقضية الاربعة اليه (بيروت والشمال والبقاع والجنوب). كما انها ستنقل العلاقة بين البلدين الى مرحلة جديدة تمنع عنها تأثير التوترات السياسية كما جرى في السنوات الثلاث الماضية عندما ادى «الجفاء السياسي» بين البلدين الى مصاعب ومشاكل تقنية كبيرة.

وبالتزامن مع هذا الاقرار ستتواصل الاتصالات بين الجانبين على مستوى وزراء الخارجية أو من يمثلهم لوضع الاتفاق موضع التنفيذ والذي يتوقع ان يتم خلال 3 اشهر، وفق مصادر وزارية لبنانية واسعة الاطلاع. وتصف هذه المصادر أهمية التبادل الدبلوماسي بأنه «يضع العلاقات بين الدولتين بمصاف الممتاز من الباب الدبلوماسي» مشيرة الى أنه «عند قيام السفارات هناك الكثير من الامور الشائكة التي ستحل تلقائيا بين البلدين».

وتؤكد المصادر الوزارية أن التبادل الدبلوماسي لن يؤدي الى الغاء فوري للمجلس الاعلى اللبناني ـ السوري «لأن السفارات لن تتمكن من رعاية الاتفاقات الموقعة بين البلدين». لكنها تشير الى ان «كل ما هو من اختصاص السفارات سينتزع من صلاحيات المجلس الاعلى الذي سيتفرغ لإعادة قراءة الاتفاقات الثنائية بين البلدين والتي لا مشكلة للطرفين حول الكثير منها. فيما يحتاج بعضها لاعادة نظر وفقا لما يراه احد البلدين من اجحاف فيها. مشيرة الى ان «دور المجلس سيتلاشى تلقائيا مع تلاشي دوره وبشكل طبيعي».

ونقلت المصادر لـ«الشرق الاوسط» عن الرئيس سليمان قوله إن التبادل الدبلوماسي «يؤسس لعلاقة ثقة ومحبة بين البلدين»، مشيرة الى أن نتائج ايجابية كبيرة تمخضت عنها زيارته الاخيرة الى دمشق، والتي كان فيها الرئيس سليمان على مستوى عال من الصراحة في مقاربة العلاقات بين البلدين وهو ما قوبل بتقدير كبير من القيادة السورية وتحديدا من الرئيس بشار الاسد. وذكرت ان الرئيس سليمان خصص نحو نصف الاجتماع المطول الذي عقد مع الرئيس الاسد لطرح قضية المفقودين، فتكلم عنها لنحو ساعة ونصف ساعة من اصل 3 ساعات «بحث خلالها الطرفان بعمق في كل القضايا» موضحة ان الطرفين ادليا بما لديهما في هذا الملف واتفقا على استمرار البحث فيه من اجل اقفاله بشكل نهائي عبر ايجاد آلية جديدة بعيدة عن التجاذبات.

ونقلت المصادر عن الرئيس سليمان قوله إن هذا الموضوع «لا يقفل بكبسة زر. وهو عمل يحتاج الى وقت وبعض الصبر». وتأكيده أنه لن يترك هذا الموضوع. حتى ان الرئيس الاسد قال له: «لأول مرة نسمع هذه التفاصيل». وأكد له أن لا احد تكلم معه في هذا الموضوع سابقا «الا الرئيس (السابق للحكومة) نجيب ميقاتي الذي طرحه بالعناوين العريضة. فيما انت (الرئيس سليمان) تكلمت بتفاصيل مذهلة».

وأشارت المصادر الوزارية الى ان الرئيس سليمان تكلم بايجابية كبيرة عن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في دمشق، مؤكدا امام الرئيس الاسد ان السنيورة «ليس في موقع عدائي لسورية» وأنه «شخص لا يمكن ابداً التشكيك بعروبته، ويحمل ثوابت قومية عربية ولم يتغير». لكنه اشار الى أن العلاقة الخاصة التي جمعته (السنيورة) بالرئيس الراحل رفيق الحريري جعلته يتموضع سياسيا، من دون ان يلغي ذلك استعداده وانفتاحه على زيارة سورية اذا وجهت اليه الدعوة وأنه في كل مواقفه يؤكد على العلاقة الايجابية بين البلدين.

الى ذلك، سيغيب ملف التعيينات عن طاولة مجلس الوزراء بعد تعثر التوافق على اسم قائد جديد للجيش اللبناني على رغم «حصر الخيارات بمرشحين»، وذلك بعد جولة قام بها وزير الدفاع الياس المر على عدد من القيادات المعنية بالملفين.

وقد شهدت الساحة السياسية أول من أمس جولة اتصالات مكثفة أفضت الى سحب ملف تعيين قائد جديد للجيش، بالاضافة الى ملف تعيين نواب لحاكم مصرف لبنان بدلا من الذين انتهت ولايتهم، حيث يجري البحث في مبدأ تجديد ولاية هؤلاء أو تعيين اخرين. واستبعد وزير الدولة وائل ابو فاعور أمس اجراء اي تعيينات خلال الجلسة المقررة اليوم «لأن الاتصالات السياسية لم تنضج حلا أو اتفاقا بعد». وقال لـ«الشرق الاوسط» إنه يدعو السياسيين الى ابقاء الجيش وقيادته خارج التداول السياسي حفاظا على المؤسسة ودورها، مطالبا اياهم بـ«الاقتصاد في تناول هذا الملف إعلاميا». وفي الإطار نفسه، دعت قيادة الجيش وسائل الاعلام، خصوصا المرئي منها، الى «عدم تصنيف الضباط وفقا لمعايير سياسية مختلفة في معرض استعراض الاسماء التي يحتمل ان تتم تسمية احدها قائدا للجيش». ورأت القيادة ان «هذا التصنيف لا يستند الى الحقيقة وهو تدخل غير مبرر في الشؤون الداخلية للمؤسسة العسكرية ويمثل تنكرا واضحا لدورها الوطني الجامع ولمناقبية ضباطها.