فرنسا تكرم اليوم القتلى الـ10 في أفغانستان وجدل حول جدوى المساهمة العسكرية الفرنسية

TT

تتحضر الدولة الفرنسية اليوم لتكريم المظليين العشرة، الذين قتلوا الاثنين في كمين ومعارك مع مقاتلي طالبان في ولاية ساروبي، على بعد خمسين كلم شرق العاصمة كابل. وسيقام احتفال اليوم في قصر الأنفاليد، حيث مرقد الإمبراطور نابوليون الأولإ الذي يضم حاكمية باريس العسكرية، وذلك بحضور الرئيس نيكولا ساركوزي وكبار رجال الدولة الفرنسية. وتأتي عملية التكريم في إطار الخطوات الرمزية التي تقوم بها السلطات الرسمية، للتأكيد على دعم الدولة الفرنسية لجنودها الـ2600 العاملين في إطار القوات الأطلسية في أفغانستان، ولإظهار تضامن كافة الفرنسيين معهم، في الوقت الذي بدأ الجدل يطل برأسه حول صحة السياسة التي تتبعها الحكومة الفرنسية في أفغانستان، وخصوصا زيادة عديد القوة الفرنسية المنتشرة، وهو القرار الذي اتخذه ساركوزي في الربيع الماضي، حيث استجاب للطلب الأميركي، وأرسل 700 جندي إضافي انتشروا شمال شرق كابل. وأمس قبيل الظهر، وصل الى مطار أورلي القريب من باريس 11 جنديا من أصل 21 جنديا، أصيبوا في الاشتباكات مع طالبان على متن طائرة طبية، فيما عاد الباقون على متن طائرة الصحافيين الذين رافقوا الرئيس الفرنسي في زيارته الخاطفة الى كابل صباح أمس. كذلك نقلت طائرة الصحافيين جثامين المظليين العشرة. وبعد الظهر عاد رئيس الحكومة فرنسوا فيون بمعية سكرتير الدولة لشؤون الدفاع جان ماري بوكيل الجنود الجرحى الذين وزعوا على المستشفيات العسكرية في منطقة العاصمة. وكما في ردة فعل رئاسة الجمهورية الرسمية الأولى على الضربة التي أصابت القوات الفرنسية العاملة في أفغانستان، فقد حرص ساركوزي على التزام موقف حازم لجهة بقاء القوات الفرنسية في أفغانستان الى جانب القوات الأميركية والأطلسية، واستمرارها في الحرب على الإرهاب رغم الخسائر الكبيرة التي منيت بها وهي الأكبر منذ عام 1983. ولم يبق ساركوزي في العاصمة الأفغانية سوى ساعات قليلة، انحنى خلالها أمام الجنود القتلى، وعاد الجرحى والتقى الضباط والجنود الذين شاركوا في المعارك، واجتمع مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي.

وفي الكلمة التي ألقاها في مقر قيادة القوة الفرنسية المعروف باسم «ويرهاوس» في إحدى ضواحي كابل، سعى ساركوزي الى رفع معنويات الجنود والى تبرير وجودهم في أفغانستان. وقال الرئيس الفرنسي: «إنني حريص على أن اقول لكم إن العمل الذي تقومون به هنا لا غنى عنه، إذ تخاض هنا الحرب على الإرهاب».

وأفردت الصحافة الفرنسية مساحات واسعة لتغطية الحدث والتعليق عليه، فيما بقيت الانتقادات لسياسة ساركوزي في حدودها الدنيا، بسبب حالة التأثر التي اصابت الرأي العام، وهو حال السياسيين. فالحزب الاشتراكي المعارض الذي سعى الربيع الماضي الى إعاقة مشاريع ساركوزي بإرسال قوة إضافية الى أفغانستان منددا بسياسة «التبعية» لواشنطن والحلف الأطلسي اكتفى بالمطالبة بانعقاد جلسة للجنتي الخارجية والشؤون الدفاعية في مجلس النواب. وقال أمينه العام فرنسوا هولند، إنه من الضروري إعادة تحديد مهمة القوة الفرنسية في أفغانستان، فيما اعتبر النائب الاشتراكي والوزير السابق بيار موسكوفيتسي، أن فرنسا عسكريا واقعة في طريق مسدود تماما وبشكل دائم. وكان رئيس الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة جان ماري لوبن، الوحيد الذي انتقد بشكل مفتوح ساركوزي حين تساءل عن جدوى سقوط قتلى فرنسيين «لإرضاء العم سام» الأميركي. وأجمعت الصحافة الفرنسية في تحليلاتها على تأكيد أن «الحل الأسوأ هو الانسحاب»، كما كتبت صحيفة «ليبراسيون» اليسارية في افتتاحيتها أمس. وتساءلت الصحيفة: «هل ثمة من يريد أن يعطي الإسلاميين المتشددين نصرا بينا؟». غير أنها رأت أن الحل لا يمكن أن يكون إلا سياسيا، داعية بشكل غير مباشر الى البحث في اساليب سياسية جديدة في العمل، ومنها فتح حوار مع بعض مجموعات المتمردين، على غرار ما فعله الأميركيون في العراق.