القيادة الجديدة تواجه امتحان إقناع الأميركيين بالتزامها الحرب على الإرهاب

حزب الشعب يعتبر الحرب على المتطرفين وعدا لبوتو.. و شريف يريد تغيير السياسة نحوهم

TT

بعد استقالة الرئيس الباكستاني برويز مشرف، تجد القيادة السياسية والعسكرية في باكستان نفسها أمام مشكلة حقيقية تتمثل في إقناع الإدارة الأميركية بأنها تولي نفس القدر من الجدية والالتزام بالحرب ضد الإرهاب كما كان يفعل الرئيس مشرف. فبعد مرور يوم واحد فقط على استقالة مشرف، وصل رئيس الأركان الجنرال اشفاق كياني إلى العاصمة الأفغانية كابل لمقابلة مسؤولين في الجيش الأميركي والأفغاني لمناقشة الوضع في منطقة القبائل الباكستانية. ومن المنتظر أن يشارك الجنرال كياني في اجتماع اللجنة العسكرية الثلاثية الباكستانية ـ الأفغانية ـ الأميركية والمكلفة بمتابعة الجهود المشتركة المبذولة في الحرب على الإرهاب والتي تعقد اجتماعاتها كل ثلاثة أشهر. وقبل زيارة كياني كانت باكستان تشارك في اجتماعات اللجنة الثلاثية بمسؤول أقل رتبة، وعادة ما كانت توفد ضابطا برتبة لواء بالجيش. ورفعت القيادة الباكستانية السياسية من وتيرة اتصالاتها مع الدبلوماسيين الغربيين في باكستان لإبلاغهم أنها تنظر إلى «الحرب على الإرهاب على أنها حربها الخاصة». وقال مسؤول بارز في الحكومة الائتلافية التي يتزعمها حزب الشعب الباكستاني: «في الواقع، قلنا للأميركيين إننا ننظر للحرب على الإرهاب على أنها حرب بي نظير بوتو ويجب علينا الاستمرار فيها». وتتوقع الحكومة الائتلافية زيارة مسؤول بارز في إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش كما أعلن البيت الأبيض في أعقاب استقالة مشرف. وكان بعض المسؤولين في واشنطن قد عبروا عن شكوكهم في أن الحكومة الباكستانية لن يكون لها نفس القدر من الاهتمام بالحرب على الإرهاب في أعقاب استقالة مشرف. وقال مسؤول بارز في الجيش: «هذا الانطباع ليس صحيحا، وسنتأكد من أن الأميركيين يفهمون مدى التزامنا في الحرب على الإرهاب». ويقول محللون أمنيون إن ثمة تفاهماً بين الحكومة الائتلافية الباكستانية وإدارة بوش بشأن استمرار الحرب على الإرهاب بدون أية معوقات. وقال الدكتور تنوير أحمد خان، المدير العام لمعهد الدراسات الإستراتيجية بإسلام آباد: «لن تتغير سياسة باكستان، لأنه (مشرف) رحل عندما سحبت الولايات المتحدة دعمها».

وتبذل القوى السياسية المؤيدة لمشرف جهودا من أجل تبديد الانطباع بأن المعارضة سوف تقوم بأي تغيير في السياسة فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب. ويقول مشاهد حسين، السكرتير العام للرابطة الإسلامية الموالية لمشرف: «حتى الآن، لم تظهر الحكومة الائتلافية بزعامة حزب الشعب الباكستاني أي إشارات على أن سياستها في الحرب على الإرهاب وفي التعامل مع المسلحين والمتطرفين الدينيين بمنطقة القبائل ستختلف عما كان يقوم به الرئيس السابق برويز مشرف». ومع ذلك، يرى معظم المحللين السياسيين أنه سيكون من الصعوبة بمكان على الحكومة الائتلافية المحافظة على تركيزها على الحرب ضد الإرهاب في ظل تنامي المشاكل الداخلية، بما فيها الجدل السياسي والتراجع الاقتصادي. وتقضي قيادات الحكومة المحلية أغلب وقتها في النظر في قضايا سياسية محلية مثل مشكلة إعادة القضاة إلى مناصبهم وارتفاع الأسعار والتراجع الاقتصادي. وبالإضافة إلى ذلك، يدعو حزب الرابطة الإسلامية، الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق نواز شريف، وهو حزب مشارك في الحكومة الائتلافية، صراحة إلى تغيير السياسة المتبعة مع المقاتلين القبليين والمتطرفين. ويقول السكرتير العام للحزب ظفر إقبال: «هذه ليست حربنا (الحرب على الإرهاب)، سوف تلاحظ تغيرا في سياسة الحكومة خلال الأيام المقبلة».ويضيف ظفر إقبال: «كانت سياسة مشرف تعتمد على تلقي الأوامر، ولكن سياستنا ستكون مختلفة عن سياسته».

يذكر أن طالبان الباكستانية أعربت عن سعادتها بعد استقالة مشرف وعرضت على الحكومة الائتلافية وقف الهجمات الانتحارية إذا ما أحدثت الحكومة تغيرا في السياسات التي كانت متبعة في فترة حكم مشرف. ويقول الدكتور تنفير أحمد خان أنه إذا ما أثبتت قيادات حكومة حزب الشعب الباكستاني أنها ذكية بالقدر الكافي، يمكن أن تخف حدة العداء الشديد بين المسلحين والأمن الباكستاني. ويضيف خان: «كما ترى كان مشرف شخصية مكروهة، ويمكن لآصف علي زرداري ورئيس الوزراء رضا يوسف جيلاني أن يقدما نفسيهما بطريقة تمكنهما من التلطيف من حدة العداء».