سائق الحافلة: عانيت كثيراً من البطالة ولما وجدت شغلا استهدفني المسلحون

مستشفى البويرة يسعى جاهداً لإسعاف الجرحى .. والسكان يتدفقون للتبرع بالدم

TT

سعى القائمون على مستشفى محمد بوضياف بمدينة البويرة الجزائرية لإسعاف عشرات الجرحى الذين أصيبوا في اعتداء امس، فيما تدفق الكثير من السكان إلى المستشفى للاطمئنان على ذويهم المصابين. فقد كان المنظر داخل المستشفى رهيباً، إذ بدا عشرات المواطنين واقفين ينتظرون أخباراً عن مصير الضحايا، وقدم آخرون ليتبرعوا بدمائهم للمصابين. وفي خضم ذلك، كان صياح النسوة والحزن مخيمين على المشهد.

وفي قسم الجرحى، التقت «الشرق الأوسط»، ليمام محمد، سائق الحافلة التي استهدفها التفجير الأول بالبويرة، والذي نجا من الموت بأعجوبة. كان محمد ممتدا على فراشه يقاوم الألم. ولدى سؤاله عن حالته ووضعه الاجتماعي، حمد الله ثم تنهد وقال: «كما ترى أنا شاب بسيط عانيت كثيراً من البطالة إلى أن حصلت على هذا الشغل (سائق حافلة) لأعيل عائلتي. كنت كل صباح آتي إلى مكان وقوع العملية لأنقل عمالاً بسطاء مثلي إلى مقر عملهم وهاهم من يدعون أنهم مجاهدون يستهدفوننا نحن البسطاء».

ثم ذرفت عيناه الدموع وواصل قائلاً: «صدقوني لم أخش على نفسي وإنما على أبنائي، فماذا سيكون مصيرهم لو إني قتلت؟». ثم يجهش ثانية بالبكاء وواصل متسائلاً: «أي ذنب اقترفته حتى يستهدفني هؤلاء؟ فأنا عامل بسيط ولا أنتمي إلى مصالح الأمن ولا أتدخل في السياسة. اسألوا عن هوية القتلى، كلهم مثلي».

وفي السرير المقابل كان يستلقي محفوظ، 34 سنة، وقد أصيب بجروح بليغة في الرأس والأطراف. وعندما سألته «الشرق الأوسط» عن أحواله رد بصوت خافت يتضح من خلاله أنه كان عاجزاً عن الكلام. ولدى سؤاله عن قصته قال: «أنا زوالي، (أي بسيط بالتعبير الشعبي الجزائري). قدمت من ولاية المدية التي تبعد أكثر من 170 كيلومتراً عن هذه المدينة باحثا عن عمل أعيل به نفسي ولما شاء القدر وعينت كعامل بسيط في الشركة الكندية المكلفة إنجاز محطة لتحلية ومعالجة المياه، وجدت نفسي هنا، دون أن اعلم السبب». ثم أضاف: «أسأل الله ان يهديهم (منفذي الاعتداء). إن قتل أشخاص من أمثالي لا يفيدهم في شيء، إنهم يشوهون ديننا الحنيف».

ولدى دخول غرفة ثانية، كانت هناك امرأة في الأربعين من العمر، تبكي وهي تحتضن ابنها الذي لم يتجاوز الخمسة أشهر. ومن خلال الحديث معها، اتضح أنها تسكن في منزل يبعد نحو 100 متر عن مبنى القطاع العسكري الذي استهدفته عملية أمس. وقالت: «بعدما سمعنا دوي الانفجار الأول خرجت رفقة زوجي لنتقصى الأمر من شرفة البيت ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى دوى انفجار أقوى يبدو انه كان قريبا من مسكننا». واضافت: «سقطنا على أثر الانفجار أرضاً ولما عدت إلى غرفتي وجدت الصبي مغمى عليه والدماء تسيل من رأسه، يبدو أن إحدى الشظايا اخترقت النافذة وأصابته لكن الحمد لله فقد طمأنني الأطباء عن حالته».

وأفاد مسؤولون طبيون بأن مستشفى البويرة استقبل العشرات من سكان المدينة الذين أصيبوا بالصدمة من هول ما حدث أمس.