ساركوزي في تأبين الجنود الفرنسيين: حربكم هي على البربرية ولأجل الحرية

TT

خصت فرنسا مظلييها العشرة الذين قتلوا الإثنين الماضي في معارك مع طالبان شرق العاصمة كابل، بتكريم وطني استثنائي أجري في ساحة قصر الأنفاليد في باريس بحضور رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي، ورئيس الحكومة، والوزراء وكبار رجالات الدولة، وقادة القوى المسلحة، وممثلين عن القطاعات التي كان ينتمي اليها الجنود القتلى.

وفي جو غلب عليه الحزن والأسى، وبعد قداس وجناز أقيما في كنيسة القديس لويس في الأنفاليد التي سجيت في وسطها نعوش الجنود العشرة مجللة بالعلم الفرنسي، جرى احتفال تكريمي عسكري في باحة الأنفاليد ألقى خلاله الرئيس الفرنسي كلمة مطولة دافع فيها عن وجود القوات الفرنسية في أفغانستان ومشاركتها في الحرب على الإرهاب. وأشاد الرئيس الفرنسي بتضحيات الجنود «الكبرى»، غير أن الجزء الأهم من كلمته خصصه لتبرير المشاركة الفرنسية في الحرب في أفغانستان. وشدد على اعتبار أن الحرب هي «حرب على البربرية والظلامية والإرهاب». وقال: «ليس لنا الحق في أن نخسر الحرب هناك، ولا أن نتخلى عن قيمنا أو أن نترك البرابرة ينتصرون لأن انتصارهم في المقلب الآخر من العالم سندفع ثمنه على أراضي الجمهورية الفرنسية».

وفي اجتماع مجلس الوزراء صباحا في قصر الأليزيه، شدد ساركوزي الذي قرر الربيع الماضي إرسال 700 جندي إضافي الى أفغانستان بناء على طلب أميركي ـ اطلسي، على أن فرنسا «مستمرة في تحمل مسؤولياتها» في أفغانستان، ما يعني أن قواتها باقية هناك. وبموازاة ذلك، قال وزير الخارجية برنار كوشنير في معرض تبرير المشاركة الفرنسية أن 25 بلدا أوروبيا من أصل 27 يتشكل منها الاتحاد الأوروبي لديها قوات مقاتلة في افغانستان. وحرص على القول إن أيا من الدول الموجودة في افغانستان لا تنوي الانسحاب من هذا البلد.

ويأتي هذا الكلام على خلفية الجدل الذي اتسع نطاقه في الساعات الأخيرة حول معنى وجدوى مشاركة فرنسا في أفغانستان. وتزايدت الأسئلة حول مجريات المعارك التي قتل فيها المظليون العشرة، وفي هذا السياق، بدا ساركوزي منزعجا من الصحافيين الذين سألوه قبيل ظهر أمس في باحة الأليزيه عن حقيقة إصابة جنود فرنسيين بنيران صديقة، وقال بنفاد صبر: «ألا تخجلون من هذا الكلام؟». ونفى كذلك وزير الدفاع الأمر. إلا أن ذلك لم يبدد التساؤلات حول حقيقة ما جرى، وحول بطء وصول قوة الدعم التي أرسلت لنجدة القوة التي وقعت في الكمين. أما على الجبهة السياسية، فقد طالب الحزب الشيوعي واليسار المتطرف بسحب القوات الفرنسية فورا من أفغانستان منددين بـ«تبعية» ساركوزي لواشنطن، ودعا الحزب الاشتراكي، الذي يشكل عصب المعارضة الفرنسية، الى إعادة النظر في مهمات القوة الفرنسية. وإذا كان اليسار الاشتراكي، واليمين الداعم للحكومة، يعتبران أنه من الصعب ترك أفغانستان في الوقت الحاضر، فإن الجميع يطالب بإعادة النظر في استراتيجية الحلف الأطلسي والاستراتيجية الأميركية في افغانستان. وحذر وزير الدفاع الاشتراكي الأسبق بول كيلاس من أنه «إذا لم يحصل تغيير في الاستراتيجية فإننا متجهون الى الفشل». وذهب النائب اليميني بيار لولوش في السياق نفسه إذ اعتبر أن القوات الأطلسية في أفغانستان «غير كافية» للسيطرة الميدانية. ووصف ما يجري بأنه «غرق في رمال متحركة» محذرا من الفشل الذريع «في حال لم يغير الحلف الأطلسي خطته المدنية والعسكرية» في هذا البلد.