واشنطن تسعى لتوسيع شبكة بيانات الداخلين إلى الولايات المتحدة

مناصرو حقوق الإنسان يتخوفون من أن تورط التحليلات أبرياء

TT

اتجهت الحكومة الفيدرالية لاستخدام النظام المتبع على المعابر الحدودية في توسيع قاعدة بياناتها حول المسافرين الذين يدخلون الولايات المتحدة وذلك عن طريق جمع معلومات حول كل المواطنين الذين يدخلون البلاد باستخدام المعابر البرية، وسيتم الاحتفاظ بتلك البيانات لمدة 15 عاما ويمكن أن تستخدم في تحقيقات استخباراتية وجنائية. ويقول مسؤولون إن نظام بيانات عبور الحدود، الذي كشفت وزارة الأمن الداخلي الأميركية النقاب عنه الشهر الماضي، عبارة عن جزء من جهود أوسع تهدف إلى الوقاية من التهديدات الإرهابية. كما أنه يعكس العدد المتنامي من الأنظمة الحكومية التي تحتوي على معلومات شخصية حول الأميركيين والتي من الممكن أن تستخدم في أغراض استخباراتية وأخرى مرتبطة بتطبيق القانون، البعض منها مستثنى من المحاذير المدرجة بقانون السرية. وفي الوقت الذي يتم فيه تطبيق هذا النظام على المسافرين القادمين إلى الولايات المتحدة جوا، بدأ المسؤولون في إدارة الجمارك وحماية الحدود إدراج وصول كل المواطنين الأميركيين عبر المعابر البرية. وحتى فترة قريبة، لم يكن يتم جمع البيانات على تلك قاعدة البيانات بسبب العدد الكبير للمواطنين الذي يفدون إلى الولايات المتحدة برا. ومن الممكن حدوث ذلك في الوقت الحالي مع استخدام وثائق الهوية التي يمكن فحصها باستخدام أجهزة معينة، فبحلول يونيو (حزيران)، سيكون على كل المسافرين الذين يعبرون الحدود البرية تقديم وثيقة يمكن فحصها باستخدام أجهزة معينة، كأن تكون ضمن جواز سفر أو رخصة قيادة شريحة هوية فيها ترددات موجات راديو. وفي يناير (كانون الثاني) قام المسؤولون على المعابر الحدودية بإدخال البيانات الشخصية للمسافرين، الذين لا يملكون مثل تلك الوثائق، يدويا على قاعدة البيانات. ويقول مسؤولون إن الإعلان عن قاعدة البيانات هذه يأتي ضمن سلسلة من الإخطارات لجعل طريقة جمع البيانات التي تقوم بها وزارة الأمن الداخلي أكثر شفافية. ويقول البعض إن الخطوات تعطي مثالا على الجهود التي تبذلها إدارة الرئيس جورج بوش في أشهرها الأخيرة لتعزيز التوسعات غير المسبوقة في عملية جمع البيانات للأغراض الاستخباراتية وأغراض الأمن القومي. ويمكن أن تتعدى البيانات مجرد البت في إمكانية السماح لشخص ما بدخول الولايات المتحدة أم لا. فعلى سبيل المثال من الممكن أن تطلع هيئات أجنبية على تلك البيانات. ويتم جمع التعليقات على هذا النظام حتى يوم الاثنين، حيث سيدخل النظام الجديد حيز التنفيذ، حسبما أفاد الإخطار الذي صدر من وزارة الأمن الداخلي.

ويقول غريغ نويم، وهو مستشار بارز في مركز الديمقراطية والتقنية: «من المتوقع أن يتم فحص الناس عندما يفدون إلى البلاد، والأمر متروك للحكومة لتحديد ما إذا كان سيسمح له بالدخول أم لا. ما لا يتوقعونه هو أن تحتفظ الحكومة بسجلات البيانات لمدة 15 عاما».

ولكن يقول المتحدث باسم وزارة الأمن الداخلي روس نوك إن فترة الاحتفاظ بالسجلات لها ما يبررها، حيث يضيف: «بيِّن التاريخ أنه عندما نتحدث عن نشاط جنائي أو إرهابي، فإن التخطيط والتآمر والعلاقات بين المتآمرين يمكن أن يستمر على مدى أعوام. ويمكن أن تساعد سجلات السفر الأساسية ضباط الجبهة الأولى في ربط النقاط بعضها بعضا».

وأشارت الحكومة في الإخطار إلى أن النظام الجديد ترخص به القوانين التي صدرت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، بما فيها قانون إصلاحات تأشيرات المرور وتعزيز أمن الحدود لعام 2002 وقانون أمن المواصلات والطيران لعام 2001 وقانون محاربة الإرهاب والإصلاحات الاستخباراتية لعام 2004. ويقول نويم إنه على الرغم من أن اللوائح ترخص للحكومة إصدار وثائق سفر وفحص حالة الهجرة، فإنه لا يعتقد في أنها ترخص صراحة عمل قاعدة بيانات. ويقول: «قاعدة البيانات تلك أسوأ من قائمة ترقب الوصول، على الأقل أنه فيما يتعلق بقوائم ترقب الوصول تكون هناك أسباب تبرر إدراج الاسم على القائمة. أما في تلك القاعدة فإنك تكون محل اهتمام وزارة الأمن الداخلي لمجرد أنك تعبر الحدود بصورة قانونية، فالفكرة التي تكمن فيها هي تعقب كل شخص تحسبا لأي أمر».

ووفق هذا النظام، يقوم المسؤولون بتسجيل الاسم وتاريخ الميلاد والنوع وتاريخ ووقت العبور، مع صورة للمسافرين الأميركيين العائدين إلى الولايات المتحدة برا أو بحرا أو جوا. ويتم جمع نفس البيانات حول المسافرين الأجانب ولكن يحتفظ بها لمدة 75 عاما. وتقوم وزارة الأمن الداخلي وهيئات أخرى بجمع المزيد والمزيد من البيانات ويخضعونها لتحليل متطور. وأشارت وثيقة جمركية صدرت الشهر الماضي إلى أن الهيئة لا تقوم بنقل البيانات المجمعة على النقاط الحدودية لجمع العلاقات التي يمكن أن تدل على تهديد إرهابي أو خطر تهدد تطبيق القانون فقط. ولكن يقول الإخطار، الذي صدر في جريدة «فيدرال ريغستر» التي تنشر رسميا الإخطارات الحكومية، أنه من الممكن أن تتطلع الإدارات المحلية والإدارات داخل الولايات والإدارة الفيدرالية على تلك البيانات لاختبار «التقنية والنظم الجديدة التي تهدف إلى تعزيز أمن الحدود والوقوف على الانتهاكات التي ترتكب بحق القانون». ويقول مناصرو الحقوق الشخصية إن ذلك يثير مخاوف من أن التحليلات يمكن أن تتسبب في تورط أبرياء إذا لم تتخذ المحاذير المناسبة. ومن المقرر أن يتم ربط نظام البيانات على الحدود بقاعدة بيانات جديدة وهي نظام البيانات غير الفيدرالية، الذي يجرى العمل في إعداده حتى يتسنى الاحتفاظ بالبيانات الخاصة بكل السائقين في قاعدة بيانات خاصة بالولاية. وقد تسمح للولايات، التي لا ترخص لإدارة الجمارك جمع تلك المعلومات، لتلك الإدارات بالتشكيك في قواعد البيانات التي تحتوى على المعلومات الخاصة بالمسافرين. وبسبب المخاوف المرتبطة بخصوصية المواطنين، فضلت ولاية واشنطن هذا المنحى، واتخذت الحكومة الكندية قرارا مماثلا، بينما فضلت ولاية فرمونت السماح بالإطلاع على رخص السائقين بها لأن الولاية لا تستطيع ضمان ردود سريعة كما تريد وزارة الأمن الداخلي، حسبما قالت بوني روتليدج، المسؤولة بالولاية عن السيارات والدراجات البخارية، التي أشارت إلى أنه تم إخطار السائقين قبل بدء عملية المشاركة في البيانات. وتقول روتليدج: «سيتم جمع بيانات من يريد اجتياز الحدود، وسيتم حفظها بأية طريقة». ويشير الإخطار إلى أن الحكومة يمكنها السماح للهيئات الفيدرالية أو المحلية أو الحكومية الأجنبية أو الهيئات الموجودة داخل الولاية بالإطلاع على سجلات الحدود عندما ترى إدارة الجمارك أن تلك البيانات سوف تساعد في تطبيق القانون الجنائي أو المدني. ويمكن إتاحة المعلومات لمحكمة أو محامي في قضايا مدنية وللشركات أو المستشارين الفيدراليين إذا كان ذلك يساعد على إتمام مهمة إحدى الهيئات فيما يتعلق بالنظام، ويمكن إتاحة قواعد البيانات للهيئات الاستخباراتية أو الهيئات المختصة بمحاربة الإرهاب سواء كانت تلك الهيئة فيدرالية أو أجنبية إذا كان هناك تهديد إلى الأمن القومي أو الدولي أو للمساعدة في جهود محاربة الإرهاب، ويمكن إتاحة تلك البيانات أمام وسائل الإعلام الإخبارية أو الجمهور عندما يكون هناك حق مشروع للمواطنين في الكشف عن تلك البيانات. وتقترح وزارة الأمن الداخلي إعفاء البيانات من بعض النصوص المدرجة في قانون الخصوصية لعام 1974، بما فيه حق المواطن في معرفة ما إذا كانت إحدى هيئات الاستخبارات أو هيئات تطبيق القانون قد طلبت السجلات الخاصة. ومع ذلك يمكن للمسافر طلب الإطلاع على السجلات التي تعتمد على الوثاق التي قدمها المواطن على الحدود.

* خدمة «واشنطن بوست» خاصة بـ«الشرق الاوسط»