مصادر عراقية: حصر النقاط الخلافية في الاتفاقية الأمنية بالحصانة وجدولة الانسحاب

رايس في بغداد لـ«إزالة العقبات» أمام الاتفاقية.. ومجلس الأمن السياسي العراقي يدرسها اليوم

عراقية تبكي فيما يقتاد جنود عراقيون زوجها مقيد اليدين ومعصوب العينين بعد اعتقاله في سلسلة مداهمات غرب بغداد أمس (أ.ب)
TT

اكدت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس خلال زيارتها الى بغداد امس انه لم يتم التوصل بعد الى اتفاق أمني مع الحكومة العراقية، فيما كشفت مصادر عراقية مطلعة على سير المفاوضات ان النقاط الخلافية حول الاتفاقية باتت تنحصر في قضيتي الحصانة وجدولة الانسحاب. ورغم هذه النقاط الخلافية، قرر الفريق العراقي المفاوض طرح المسودة الاولية للاتفاقية للمداولة في مجلس الأمن السياسي العراقي اليوم. وتفيد المصادر بأن المفاوضات شبه متوقفة لتنطلق من جديد خلال الاسبوعين الاخيرين حيث تم الاتفاق على عدة نقاط. وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري اكد لـ«الشرق الاوسط» الاسبوع الماضي التوصل الى اتفاق حول المسودة الاولية. وتشمل هذه المسودة نقاطا تحسم صلاحيات القوات الاميركية في ما يخص توقيف العراقيين واعتقالهم ونقل المواد الى العراق وخارجه وغيرها من نقاط. وحسب المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها بسبب حساسية المفاوضات، فان النقاط الخلافية حول الاتفاقية التي ستنظم بقاء القوات الاميركية في العراق بعد انتهاء تفويض مجلس الامن لها نهاية العام الجاري محصورة في قضيتي الحصانة للقوات الاميركية وجدولة انسحاب هذه القوات من العراق. وعلى الرغم ان الفريقين يعملان الآن على «حلول وسط»، أفاد مصدر مطلع على المفاوضات بان «هذه النقاط مهمة وقد يؤدي عدم الاتفاق عليها إلى عدم المصادقة على الاتفاقية». من جهته، أكد مستشار رئيس الوزراء العراقي النائب في البرلمان العراقي حيدر العبادي لـ»الشرق الاوسط» ان مسودة الاتفاق تتضمن مواعيد محددة لجدولة انسحاب القوات الاميركية من العراق. واضاف «المسودة تشير الى تواريخ محددة، مثل تسليم العراق كل الملفات الامنية بحلول 30 يونيو (حزيران) 2009»، مشيراً الى وجود نقاشات حول الجداول الزمنية الاخرى مثل موعد سحب القوات الاميركية من العراق. وأفاد مصدران عراقيان مطلعان لـ«الشرق الاوسط» بانه ما زال هناك خلاف حول الموعد النهائي لسحب القوات الأميركية من العراق. فبينما يريد المفاوضون العراقيون تحديد نهاية عام 2010 موعدا لسحب كافة القوات القتالية الاميركية من العراق، يفضل الاميركيون نهاية 2011. وبينما تدفع الجهات العراقية الى تحديد هذا الموعد، يتحفظ المفاوضون الاميركيون على تحديد موعد شبيه بذلك الذي طرحه المرشح الديموقراطي للرئاسة الاميركية باراك اوباما. وفي ما يخص حصانة الجنود الاميركيين، اكدت المصادر العراقية ان هناك ثلاثة انواع من الحصانة، فتم الاتفاق على منح الحصانة للجنود الاميركيين اثناء عملية قتالية وداخل القواعد العسكرية، حيث يخضع الجندي للقانون الاميركي. اما النوع الثالث، فهو متعلق بحصانة الجندي الاميركي خارج القواعد العسكرية وفي حال خرقه القانون العراقي. وبينما يصر الجانب الاميركي على منح كافة الجنود الحصانة من القانون العراقي، يطالب العراقيون بفرض التشريع العراقي على الجنود. ولفت مصدر عراقي الى ان هناك «خلافاً عميقاً جداً» حول هذه النقطة، ولكنه رجح احتمال التوصل الى «حل وسط» وهو ان «تلتزم الولايات المتحدة بمحاكمة أي جندي في هذا الوضع في العراق ولكن بحسب القانون الاميركي. وسيكون على القاضي الاميركي اجراء المحاكمة في العراق ويمنح الحق للشهود العراقيين للشهادة في مثل هذه القضية، بالاضافة الى تعويض أي عراقي يتضرر من جراء عمل جندي اميركي يخرق القانون». ومن النقاط العالقة سابقاً والتي تم التوصل الى اتفاق عليها هي قضية الرقابة العراقية على ما يدخله الجيش الاميركي للعراق ويخرجه منه. وافادت مصادر عراقية بان بغداد كانت تطالب بصلاحية تفتيش كل ما يدخل الى العراق ويخرج منه، فيما اعربت واشنطن عن مشاكل لوجستية في مثل هذه الرقابة. واضافت المصادر ان الطرفين توصلا الى «حل وسط» وهو «تعهد الحكومة الاميركية بعدم ادخال أو اخراج أي مادة تخالف القانون العراقي، ومنح العراق صلاحية الاطلاع على وثائق كل ما يخرج من العراق أو يدخله». وبذلك، يحصل العراق على الرقابة على الشحنات الاميركية من دون تعطيلها. وتم الاتفاق ايضاً على منح القوات الاميركية حق «التوقيف وليس الاعتقال»، أي يمكن للقوات القتالية الاميركية توقيف عراقي مشتبه ولكن عليها نقله خلال يومين الى السلطات العراقية. واعلن زيباري امس ان مسودة اولية للاتفاق ستقدم اليوم الى المجلس السياسي للامن الوطني، الذي يضم رئيس الجمهورية ونائبيه ورئيس الوزراء ورؤساء الكتل البرلمانية الرئيسية في البلاد. وقال: «اننا قريبون جدا من الاتفاق وسيكون في صالح الشعب العراقي، ولصالح المنطقة». ويتحفظ الجانب الاميركي على التصريح علناً حول مجرى المفاوضات، واكتفت رايس بالقول ان «بغداد وواشنطن قريبتان جدا من اتفاق بشأن اتفاقية تنظيم الوجود العسكري الاميركي في العراق». واضافت في مؤتمر صحافي مشترك مع زيباري «لقد احرز المفاوضون تقدما نحو وضع اللمسات الاخيرة على الاتفاق لكن ليس هناك ما يدعو للاعتقاد ان هناك اتفاقا»، موضحة: «لا تزال هناك مسائل يجب تسويتها تتعلق بطريقة عمل قواتنا في المستقبل، وهذا أمر طبيعي».

وشرعت ادارة الرئيس جورج بوش في اجراء مفاوضات مع الحكومة العراقية منذ مارس (اذار) الماضي بغية التوصل بحلول نهاية يوليو (تموز) الماضي الى اتفاق ينظم هذا الوجود العسكري على المدى البعيد، لكنه لم يتم التوصل اليه بسبب المعارضة له من قبل السياسيين العراقيين. واجرت رايس محادثات مع المالكي ونائبي الرئيس العراقي طارق الهاشمي وعادل عبد المهدي وزيباري أمس. وقالت ناطقة باسم السفارة الأميركية ميرامبي ناتنغو ان «الحوار بناءً ولكن لم نتوصل الى اتفاق بعد»، مضيفة لـ«الشرق الاوسط»: «لا نريد التكهن حول متى أو كيف، ولكننا نأمل بالتوصل الى اتفاق يحمي ناسنا في العراق ويحترم السيادة العراقية».