سفينتا «غزة الحرة» و«الحرية» تنجحان في كسر حصار غزة

أمواج عالية وألغام بحرية وتشويش تعرقل وصول النشطاء إلى مياه غزة عدة ساعات.. واستقبال بالدموع

فلسطينيتان ضمن نحو 300، جاءوا لاستقبال ناشطين دوليين لدى وصولهم الى شواطئ غزة في مهمة لكسر الحصار (أ.ف.ب)
TT

نجح 44 من المتضامنين الدوليين على متن سفينتي «غزة الحرة» و«الحرية» بكسر الحصار الاسرائيلي المفروض على قطاع غزة لأول مرة، منذ فرضه، بعد سيطرة حماس على القطاع في يونيو (حزيران) الماضي. ووصل المتضامنون الأجانب الى شواطئ القطاع بشكل مفاجئ، مساء أمس. وخرج لاستقالبهم مئات الفلسطينيين، بينهم قياديون في حركة حماس والحكومة المقالة. كما خرج عشرات الفلسطينيين في زوارق صغيرة لاستقبال المتضامنين في عرض البحر، بينما ذهب آخرون لاستقبالهم سباحة. وأظهرت الصور فرحة كبيرة للمتضامنين والفلسطينيين الذين كانوا يبكون، ويهتفون في عرض البحر ويتعانقون. وقد قفز بعضهم الى ظهر إحدى السفن وسط مشاعر جياشة. ولم تستطع الشرطة التابعة لحماس منع الفلسطينيين من الوصول الى الشواطئ بسبب التدافع الكبير، وقال المواطنون إنهم يشعرون بأن الحصار قد تصدع على الأقل مع وصول السفينتين الى القطاع. واعتبرت حركة حماس أن وصول السفينتين، هو بداية لكسر الحصار وهو خطوة ستتلوها خطوات. وقال فوزي برهوم، الناطق باسم حماس، لـ«الشرق الأوسط»، ان «هذه الخطة يجب ان تكون مدعاة للحكام العرب لإنهاء الحصار». وطالب بخطوة عربية مماثلة. ورحبت السلطة الفلسطينية بقدرة المتضامنين على الوصول الى غزة، لكنها قللت من أهمية أن تكون الخطوة كسرا للحصار واعتبرتها كبيرة لكنها رمزية.

وقد أبحرت السفينتان أول من أمس من قبرص وعلى متنهما ناشطون من 17 دولة، بينهم يهود ومسلمون ومسيحيون وبوذيون، على أمل تسليط الضوء على الحصار المفروض على قطاع غزة الخاضع منذ يونيو 2007 لسيطرة حماس. وكانت اسرائيل حذرت سابقا الناشطين من الدخول الى المياه الإقليمية للقطاع لكنها عادت وسمحت لهم لاحقا بالمرور.

وواجه النشطاء الدوليون الذي كانوا في طريقهم الى قطاع غزة عبر البحر، لكسر الحصار الاسرائيلي عدة عقبات ومخاطر أجبرتهم على تغيير خطة مسارهم، ما أعاق وصولهم الى شواطئ غزة عدة ساعات. وقال النشطاء انهم واجهوا امواجا عالية، وتشويشات اسرائيلية عطلت الأنظمة الالكترونية للسفينتين، بعد ان كانوا على بعد ساعتين من شاطئ غزة صباح امس. وقد نفت اسرائيل التهمة.

وبعد تهديد اسرائيل بوقف السفينتين وإعلانها مياه غزة الإقليمية منظقة عسكرية مغلقة، قال مصدر سياسي اسرائيلي كبير ان تل أبيب قررت السماح للسفينتين بالوصول الى غزة لكي لا يتسنى لركابها تنفيذ خطتهم الاسنفزازية. وأوضح المصدر ان هذا القرار اتخذ بعد مشاورات جرت بين رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، ونائبيه وزيري الخارجية، تسيبي لفني، والدفاع، ايهود باراك، مساء الجمعة، تقرر خلالها السماح لهما بالاستمرار الى غزة «حتى لا ننجر وراء الاستفزاز». وأضاف ان السفينتين ستخضعان للتفتيش لدى مغادرتهما شواطئ غزة للتأكد من انهما لا تحملان وسائل قتالية او مخربين مطلوبين. وقال ناطق بلسان الحكومة ان السماح لهذين القاربين بالوصول الى غزة هو لمرة واحدة، وإذا حاولوا الوصول مرة أخرى فإنها ستبحث الأمر مجددا وتقرر فيه بشكل عيني. وقال جيف هلبر، 62 عاما، وهو المواطن الاسرائيلي الوحيد على متن القاربين، انه كإسرائيلي يخجل من تصرفات حكومته، التي تحاصر غزة وتهدد حياة سكانها، ولا تحتمل صرخة رجال سلام من مختلف أنحاء العالم، جاءوا للاحتجاج على ذلك. وقال ان اسرائيل لا تستطيع التهرب من مسؤوليتها عن قطاع غزة وكل عاقل يعرف انها ما زالت تحتل غزة بواسطة حصارها لها. وأضاف انه كيهودي، وابن لشعب تعرض لشتى صنوف العذاب خلال 2000 سنة، لا يطيق رؤية دولته تتسبب في معاناة مأساوية لشعب آخر.

وكان النشطاء فقدوا الاتصال بالعالم الخارجي لعدة ساعات كما اكد جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، متهما اسرائيل بالتشويش على أجهزة الاتصال «إلا أن المتضامنين استطاعوا استعادة الاتصال بغزة صباح السبت». واتهم الخضري «جهات» بمحاولة تعطيل رحلة السفينتين بنصب حقل ألغام بحري لهم في ساعات الفجر (أمس)، إلا أنهم استطاعوا النجاة منه. كما أشار الخضري إلى أن هؤلاء المتضامنين وذويهم «تلقوا تهديدات في حال واصلوا المضي إلى غزة لكسر حصارها، إلا أن هذه التهديدات لم تثنهم». وأصدر النشطاء بيانا قبل مغادرة قبرص أول من أمس، أعلنوا فيه أنهم سيسجلون احتجاجا قانونيا ضد اي محاولة يقوم بها الإسرائيليون لإلقاء القبض عليهم. وقالوا «اذا لجأت اسرائيل الى ايقاف قاربينا وتفتيشهما بالقوة، فلن نستخدم القوة لمقاومتها. وإذا القي القبض علينا ونقلنا الى اسرائيل فسنسجل احتجاجنا ونقاضي مختطفينا بالصيغة المناسبة. وهدفنا هو ان نظهر مدى قوة المواطنين العاديين عندما يقومون بتنظيم انفسهم ومواجهة الظلم». وكان عدد من الناشطين قد أكدوا تلقي تهديدات بالقتل لمنعهم من المشاركة في الرحلة، ورفعوا شارات النصر قبل الانطلاق في السفينتين. وقالت «حركة غزة الحرة» في بيان «لانتزاع اي ذريعة امنية من اسرائيل، خضعت سفينتانا لتفتيش وتدقيق السلطات القبرصية للتأكد من خلوها من الأسلحة أو المواد المهربة أيا كانت»، متوقعة ان تعترضها السلطات الاسرائيلية.

وصباح أمس، اجبر الجيش الاسرائيلي فلسطينيين أبحروا من غزة على متن 11 قاربا لاستقبال السفينتين بالتوقف على بعد 7 كيلومترات من شواطئ القطاع بعد ان أطلق النار تجاههم. وقال فلسطينيون على ظهر هذه القوارب لـ«الشرق الأوسط» إن اطلاق النار لم يكن مباشرا «واضطررنا للانسحاب». وتزين شاطئ غزة، امس، بعدد كبير من الرايات والأعلام الفلسطينية والشعارات التي تدين الحصار وترحب «بالأبطال».

واعتبرت حماس انه ليس أمام الاسرائيليين سوى السماح لهؤلاء الناشطين بدخول غزة، وقال فوزي برهوم، الناطق باسم حماس، لـ«الشرق الأوسط» إن «البديل عن وصولهم لغزة هو محاصرتهم لأيام في البحر، وهذا سيخلق ازمة كبيرة». وكان برهوم يتحدث مع دخول السفن للمياه الإقليمية لغزة. وأضاف «إنهم قد يوقفوهم في اللحظات الأخيرة. لكنهم على الأغلب سيصلون». وتشعر حماس بالمرارة لإقدام متضامنين أوروبيين على المخاطرة لكسر الحصار وسط صمت عربي. وقال برهوم «من العيب على العرب أن تصل سفينتان من مواطنين أوروبيين ويهود لكسر الحصار بينما لا نسمع كلمة عريبة واحدة مسؤولة تدين الحصار وترفضه»، وطالب بخطوة عربية مماثلة. واعتبر برهوم ان المتضامنين نجحوا في إيصال رسالتهم فعلا من خلال تسليط الضوء مرة اخرى على معاناة غزة وقال «رسالتهم قد وصلت وأعادوا التذكيربـ 250 حالة وفاة و80 في المائة يعيشون في غزة تحت خط الفقر و70 في المائة يعيشون على المساعدات و65 في المائة عاطلين عن العمل».