التفلت الأمني والخلاف على صلاحيات نائب رئيس الحكومة يسعّران الجدل في لبنان

جعجع: هل أوصلت هذه الصلاحيات كيس الطحين إلى بيت كل مسيحي؟

الرئيس اللبناني ميشال سليمان مستقبلا النائب بهيج طبارة (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

عادت المواقف الساخنة لتطبع الخطاب السياسي بين فريقي الاكثرية والاقلية الموجودين داخل الحكومة اللبنانية، من باب غياب التضامن الوزاري، والوضع الامني المضطرب في اكثر من منطقة خصوصا في مدينة طرابلس، والخلاف على صلاحيات نائب رئيس الحكومة وعدم التوافق على التعيينات الامنية خصوصا قائد الجيش، والهجوم المركز من وزراء ونواب ما يسمى «المعارضة» على رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وقادة الرابع عشر من آذار.

فقد اعتبر وزير المال محمد شطح «ان الانتقادات التي تطاول رئيس الحكومة فؤاد السنيورة تندرج في سياق استمرار الحملة المركزة التي تستهدفه لمنعه من ممارسة دوره»، مؤكدا «ان السنيورة لن ينكفئ عن ممارسة دوره، ومن صمد في السراي لن يهتز امام هذه الحملات، ولن تنجح محاولات اضعافه انما ستكون مكلفة على البلد الذي لم يعد يستطيع ان يحتمل هذه الامور».

وأسف شطح لعدم وجود ارادة وطنية جامعة حتى الان داخل الحكومة، متمنيا على الوزراء ان يفصلوا بين الخلافات السياسية وواجباتهم، لافتا الى مؤشرات تثبت ان البعض يستخدم العمل الحكومي لاغراض انتخابية منذ الان ويفتعل امورا لكي يتم تجييشها انتخابيا، محذرا من «ان ذلك يعرض الحكومة للفشل». وتمنى «ان يصار قريبا الى وضع استراتيجية وطنية للدفاع لان الازدواجية العسكرية تعرض لبنان لاخطار حقيقية»، داعيا الى «مقاربة الموضوع الامني بسياسة واضحة وجدية تطبق على كل الاراضي اللبنانية».

وحذر عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر من «غياب القوى الامنية عن القيام بدورها» وقال في تصريح له بعد لقائه البطريرك الماروني نصرالله صفير: «لا بد من دعم الجيش وقوى الامن الداخلي لتقوم بدورها الكامل في حماية البلاد وابنائها، لان غياب القوى الامنية عن القيام بدورها يفتح للناس محاولة الدفاع عن انفسهم وما يسمى الامن الذاتي وهذه مسألة خطيرة جدا لا يمكن الركون اليها».

وفي مسألة تعيين قائد للجيش، شدد الجسر على ضرورة «ان يكون هناك توافق دون اي مشكلة، وان يكون قائد الجيش يتمتع بنوع من الاستقلالية عن القوى السياسية حتى يستطيع القيام بواجباته».

بدوره، نبه النائب مصباح الاحدب الى خطورة «ما تتعرض له مدينة طرابلس يوميا من تفجيرات وفوضى امنية»، ورأى ان «هناك من يحاول وضع اليد على البلد»، مذكرا بالاحداث التي وقعت في بيروت والجبل، و«بالاسلوب الذي اعتمد في جلسات الثقة في مجلس النواب». واشار الى ان «هناك مسا بحقوق فئة معينة من اللبنانيين اليوم»، سائلا عن «سبب استمرار توقيف المسلمين من غير المتورطين مع فتح الاسلام في السجون اللبنانية من دون سبب وجيه».

ورأى انه «من غير المنطقي استمرار الظلم في حق بعض المواطنين الطرابلسيين». ولفت الى «وجود غطاء امني من حزب الله لبعض التنظيمات المسلحة في طرابلس، مثل حركة التوحيد الاسلامي وهاشم منقارة والداعية فتحي يكن، وبعض عناصر الحزب السوري القومي». وقال: «ان تسلل الاسلحة عبر الحدود مرده الى غياب المؤسسات العسكرية في تأمين الامن للمواطنين»، وان «الحل يكون عبر وجود دور فعال لهذه المؤسسات». وشدد على ان «اعطاء صلاحيات لنائب رئيس مجلس الوزراء يحتاج الى تعديل دستوري»، مبديا رفضه «لتعديل اتفاق الطائف في هذا الجو المتشنج، والحد من الصلاحيات الدستورية لرئيس الحكومة».

من جهته، شدد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب نعمة طعمة على «وجوب اعتماد الخطاب السياسي المتزن والعقلاني والابتعاد عن اي حالة تسيء الى تقاليدنا وعاداتنا السامية ولجم حالة التشنج السائدة في البلد على خلفية هذا الطرح وذاك او هذه المطالب وتلك»، محذرا «من مغبة العودة الى ما قبل تسوية الدوحة». ودعا الى «تحصين هذه التسوية والعمل وفق آلياتها التي كانت موضع اجماع من كل الافرقاء»، وشدد على «الطائف الذي يبقى دستورا وضامنا للسلم، مع التأكيد على ان المملكة العربية السعودية التي انتجت وساهمت في هذا الاتفاق تبقى وعلى الرغم من كل الحملات التي تستهدفها، الداعم الاسلاسي للبنان دون تفرقة (...) وبمعنى اوضح انها على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين».

ولفت رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى ان الملف الامني يتقدم من حيث الاهمية على اي اصلاحات سياسية، مشيرا الى ان اعطاء صلاحيات لنائب رئيس الحكومة لن تعطي الاخير شيئا طالما ان ترؤس مجلس الوزراء لا يكون الا لرئيس الحكومة او رئيس الجمهورية، وسأل «اين هي صلاحيات نائب رئيس مجلس النواب؟ وهل اوصلت كيس الطحين الى كل بيت مسيحي؟».

وقال: «في الوقت الذي نركز فيه على موضوع الامن ونخوض معركة داحس والغبراء مع الاخرين للبحث في مسألة الامن وسلاح حزب الله والاستراتيجية الدفاعية على طاولة الحوار، نفاجأ بطرح البعض لصلاحيات نائب رئيس الحكومة وكأن هذا الامر الشغل الشاغل للمواطن اللبناني في ظل هذه الظروف». وقال: «لنفترض اننا اقررنا صلاحيات نائب رئيس الحكومة من خلال اتفاق طائف جديد، لان الصلاحيات غير موجودة لا في الدستور ولا في اتفاق الطائف، الن تُفتح ابواب اخرى؟».

واتهم جعجع «حزب الله» وفريق الثامن من اذار بـ«التخلص من طاولة الحوار من خلال ربط عقدها باقرار قانون الانتخابات»، وقال: «نحن مصرون على عودة هذا القرار الى يد الدولة اللبنانية التي تضم كل الافرقاء وهي المؤسسة الشرعية والام ولا يمكن قيام اي مجتمع دون دولة. وهذا الصراع لا يمكن حله الا من خلال الحوار» مجددا استغرابه المطالبة بتوسيع التمثيل في طاولة الحوار، اذ «يكفي ان تكون ممثلة بفريقي 8 و14 اذار».

ودعا نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان السياسيين الى ان يحذروا بطش ربهم، وان يعملوا لخدمة الناس، مشددا على «التعاون بين الجميع بغض النظر عن انتمائهم الديني والسياسي، لان لبنان بلد يقوم على التفاهم والتعاون بين بنيه»، آملا «بفتح صفحة جديدة والتعاون لانقاذ الوطن والوصول به الى شاطئ الامان».

واكد عضو كتلة «حزب الله» النيابية النائب حسن فضل الله «ان قرار الحرب على لبنان لم يعد قرارا سهلا، فاسرائيل ستفكر الف مرة اذا ما قررت ان تتحرش بلبنان مرة اخرى، وستضع نصب اعينها ما جرى في حرب تموز 2006 التي اطاحت بالقيادة العسكرية والسياسية الاسرائيلية، خصوصا ان المقاومة اليوم هي اكثر قوة في عدتها وعديدها وسلاحها».

وشدد على «التلاقي وعدم وضع العراقيل في وجه التفاهمات»، وقال: «نريدها مرحلة العمل وليس مرحلة الكلام، ونريد للحكومة ان تكون حكومة فاعلة ونشطة من اجل ان تؤمن لهذا الجيل فرص العمل وتكافؤ الفرص في ادارات الدولة، وتعمل بفاعلية الفريق الواحد، وان ينصب عمل الحكومة على المعالجة والتخفيف من الاعباء في الكثير من الازمات الاقتصادية والاجتماعية».

بدوره، رأى عضو كتلة «حزب الله» النائب حسين الحاج حسن ان المطلوب اولا في هذه المرحلة اقرار قانون الانتخابات وفقا لاتفاق الدوحة، واقرار التقسيمات الانتخابية المتفق عليها بشكل واضح وصريح، مضيفا ان لا داعي للاطلالة ومحاولة الالتفاف وتضييع الوقت. وقال: «ان اللبنانيين لا يحتاجون الى مزيد من الشحن بل الى مزيد من التهدئة لمعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تثقل كاهلهم جميعا، مبديا اسفه للردود التي تأخذ طابعا تحريضيا، مذهبيا او سياسيا كلما عبر احد من نواب المعارضة او وزرائها عن رأي سياسي». واذ اشار الى «ان بعض الردود يذكر بكل تفاصيل المرحلة الماضية رغم الاتفاقات التي تم التوصل اليها»، سائلا: «هل ان هذه هي الطريقة لبناء وحدة وطنية والتقريب بين اللبنانيين؟».