بايدن.. صوت مؤثر وخبرته في الكونغرس تفوق خبرة أوباما بثلاثة عقود

النساء قد ينجذبن إلى تاريخه في الدفاع عن حقوقهن.. والأميركيون يرون فيه صورة الأب المتفاني

TT

يتمتع السناتور جوزيف بايدن بخبرة في الكونغرس عمرها 35 عاما، أي 30 عاما أكثر من باراك أوباما، رئيسه في حال فازا في الانتخابات، وعشر سنوات أكثر من منافس أوباما، المرشح الجمهوري جون ماكين. تنقل بين لجان كثيرة وأصبح ضليعا في العلاقات الخارجية، وبرز كواحد من أكثر الأصوات المؤثرة في الكونغرس الاميركي. وانتقل مع عائلته الى ولاية ديلاوير، حيث درس العلوم السياسية في جامعتها، ثم درس القانون في جامعة سيراكيوز (ولاية نيويورك). في العام 1968، تخرج وعاد الى ديلاوير حيث عمل محاميا، ثم سياسيا، بداية من انتخابات لعضوية مجلس مدينة، ثم انتخابات لعضوية مجلس مقاطعة. ثم ترشح وفاز بعضوية مجلس الشيوخ عام 1972. فاز بعد ذلك ست مرات، ولايزال عضوا في المجلس حتى اليوم.

واذا كان أوباما قد أصبح سناتورا وهو صغير في السن (44 سنة)، فان بايدن لم يكن يتعدى الثلاثين عاما عندما أصبح سناتورا. لكن، يظل اوباما اصغر سنا منه بعشرين عاما. ويظل اقل خبرة في الحياة، وفي السياسة، وفي الكونغرس. ففي عام 1972، السنة التي دخل فيها بايدن الكونغرس، انتقل اوباما، وكان عمره عشر سنوات تقريبا من اندونيسيا الى ولاية كنساس. كان مع والدته الاميركية البيضاء التي تزوجت اندونيسيا (بعد ان طلقها والد اوباما الاسود)، وفضلت الوالدة ان يعود الطفل الى والديها في اميركا. وعكس طفولة اوباما، كانت طفولة بايدن اكثر استقرارا. عندما كان عمره عشر سنوات لم ينتقل من قارة الى قارة، ومن ثقافة الى ثقافة، ولكن من ولاية بنسلفانيا الى ولاية ديلاوير، حيث ظل يعيش حتى اليوم.

بايدن لم يكن فقط خامس اصغر من صار سناتورا في تاريخ اميركا، ولكن ايضا، كان اطول سناتور مدة من ولاية واحدة، ولاية ديلاوير (35 عاما). لهذا، كسب خبرات كثيرة وطويلة في الكونغرس. وكان هذا من اسباب اختيار اوباما له. تنقل في لجان كثيرة، لكنه ركز على لجنة الشؤون الخارجية، وكان رئيسها مرتين في الماضي، ثم الآن. طاف بايدن العالم، ولعب ادوارا رئيسية في حروب كثيرة، مثل حرب الخليج، وحرب البلقان، والآن حرب العراق وحرب افغانستان. وعلى الرغم من انه منح في العام 2002، الرئيس جورج بوش صلاحية غزو العراق الا انه اصبح بعد عام واحد من كبار منتقدي بوش.

ورغم انه من كبار مؤيدي اسرائيل في الكونغرس، فقد لعب دورا كبيرا في اقناع الرئيس بيل كلينتون بضرب صربيا لاجبارها على الانسحاب من كوسوفو بعد ذبح آلاف المسلمين هناك. ومن اشهر تصريحاته في ذلك الوقت وصف الرئيس الصربي ميلوشيفتش بانه «مجرم حرب». وايضا، ضغط على حلف الناتو ليدرب مسلمين في البوسنة للمحافظة على الامن هناك بعد جلاء القوات الصربية. وهو صاحب قرار اصدره الكونغرس عرف باسمه، وايضا عرف باسم «النقل والضرب»، اشارة الى نقل سكان كوسوفو الذين هربوا، وضرب القوات الصربية.

وايضا، ضغط بايدن على الرئيس الليبي معمر القذافي لاطلاق سراح فتحي الجهمي، من قادة المعارضة في ليبيا. وفعل القذافي ذلك في العام 2002. لكنه عاد واعتقله في وقت لاحق.

وبالاضافة الى تجاربه في السياسة الخارجية، جمع بايدن، خلال كل هذه السنوات، تجارب كثيرة في المجال الداخلي: ففي سنة 1987، كان رئيس لجنة الشؤون القانونية عندما رشح الرئيس ريغان القاضي روبرت بورك ليكون عضوا في المحكمة العليا. لكن بايدن ضغط لاسقاط الترشيح قائلا ان بورك يميني، ويعارض الاجهاض، ويتردد في تأييد الحقوق المدنية للاقليات. وفعلا سحب ريغان الاسم، واختار شخصا آخر. وخلال 35 عاما في الكونغرس لعب بايدن دورا كبيرا في اصدار قوانين ليبرالية، خاصة لحماية العائلة والمرأة والاطفال. مثل قوانين مواجهة جرائم العنف وحماية الاطفال والزوجات من العنف المنزلي وحماية النساء من العنف والاغتصاب وحماية الفتيات من تخدير اصدقائهم لهن لاغتصابهن (قانون دواء «روهيبنول»).

ويتوقع ان يستغل بايدن أدواره في اصدار هذه القوانين لاقناع الناخبين بانه حريص على حقوق النساء. ويتوقع ان يساعده ذلك على كسب اصوات النساء اللائي كن يودن ان تكون السناتور هيلاري كلينتون هي مرشحة الحزب الديمقراطي لرئاسة الجمهورية. وليس بايدن جديدا على خوض انتخابات رئاسية. ففي العام 1988، ترشح لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الديمقراطي، لكن فاز بالترشيح مايكل دوكاكيس، حاكم ولاية ماساشوستس. وفي العام 2004، ترشح مرة اخرى، لكن فاز بالترشيح السناتور جون كيري. وفي السنة الماضية ترشح مرة اخرى، لكنه انسحب بعد ان تركزت المنافسة على هيلاري كلنتون واوباما. انحسب بعد الانتخابات الاولية في ولاية ايوا، حيث نال واحدا في المائة فقط من الاصوات. وانسحب لانه قرر التركيز على الترشح مرة سابعة لعضوية مجلس الشيوخ. لكنه، طبعا، لن يفعل ذلك بعد ان اختاره اوباما نائبا له.

تزوج بايدن اول مرة وعمره 24 سنة، وأنجب ثلاثة اولاد، اكبرهم في عمر اوباما تقريبا، اسمه جوزيف ايضا، ودرس القانون وهو اليوم وزير عدل في ولاية ديلاوير. الا ان زوجته الاولى توفيت مع احدى بناته في حادث سيارة. وكاد ان يستقيل من العمل السياسي ليتفرغ لتربية أولاده، الا أنه عاد وقرر البقاء في العمل السياسي. وقبل الزواج الثاني، اشتهر بايدن بالتفاني في تربية اولاده الثلاثة من الزوجة الاولى. وكتبت عنه الصحف كثيرا وهو يتنقل من واشنطن الى ديلاوير كل يوم ليجمع بين اعمال الكونغرس ورعاية الاولاد. وبعد خمس سنوات من وفاة زوجته الاولى، تزوج بايدن زوجته الحالية، وانجبت له بنتا. وحتى اليوم، يتنقل بايدن بين واشنطن وديلاوير كل يوم (بالقطار، ساعة ونصف ذهابا، وساعة ونصف ايابا). وساعده ذلك على تكوين صورة رب اسرة متفاني في اذهان الاميركيين. ويتوقع ان يضيف هذا الى ارصدته الاخرى.