مناورات في غزة لتدريب فلسطينيين على أسر عسكريين إسرائيليين.. على غرار حزب الله

الفصائل تنفي أي تدخل خارجي * خامنئي: دعمي لحكومة أحمدي نجاد أكبر من دعمي لحكومة خاتمي

عازفة ايرانية خلال مشاركتها في حفل موسيقي في طهران أول من أمس (رويترز)
TT

في تصريحات من المتوقع أن تثير غضبا كبيرا في أوساط الإصلاحيين الإيرانيين، قال المرشد الأعلى لإيران، آية الله على خامنئي، إن على الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، ألا يتصرف على أن أمامه عاما واحدا في السلطة، بل على أساس أن أمامه 5 سنوات أخرى، العام الأخير من ولايته، و4 سنوات ولاية جديدة بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو (حزيران) 2009. ووضع خامنئي الملح على جروح الكثير من الإيرانيين عندما قال أيضا ان دعمه لحكومة أحمدي نجاد أكبر مما كان دعمه للحكومة التي سبقتها، وهى حكومة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي. وقال خامنئي خلال اجتماع مع الحكومة الإيرانية امس، وهو الاجتماع الذي يأتي وسط تزايد الانتقادات لحكومة احمدي نجاد بسبب تكرار انقطاع التيار الكهربائي ونقص وقود التدفئة وارتفاع الأسعار: «إن نهج الحكومة التاسعة، حكومة احمدي نجاد، هو نهج الإمام والثورة الإسلامية»، موضحا ان حكومة نجاد أحيت تقاليد الثورة عام 1979، مقابل حكومة خاتمي التي فتحت إيران للتأثيرات الغربية العلمانية. ويأتي ذلك فيما نقلت وكالة أنباء «القدس» الإيرانية عن مسؤول بحركة الجهاد الاسلامي الفلسطينية ان الحركة اجرت مناورات عسكرية مؤخرا في جنوب غزة لتدريب «مناضلين فلسطينيين» على عمليات اختطاف عسكريين اسرائيليين على غرار حزب الله، وذلك من اجل اطلاق السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. ونقلت صحيفة «كيهان» الإيرانية المحافظة المقربة من المرشد الأعلى لإيران الخبر أمس في صفحتها الأولي تحت عنوان: «مناورات في غزة لتدريب مناضلين فلسطينيين على كيفية أسر العسكريين الاسرائيليين». موضحة ان المناورات جرت في جنوب غزة، بدون ان تذكر لها تاريخا محددا، و«أن الآلاف من المناضلين الفلسطينيين تدربوا على كيفية أسر العسكريين الصهاينة». ونقلت «كيهان» عن وكالة أنباء «القدس» ان أحد اعضاء كتائب سرايا القدس ـ الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، قال انه خلال تلك المناورات الكبيرة التي جرت لهذه الكتائب، فإن تدريبات على عمليات اسر العسكريين تم تنفيذها خلال المناورات. وأضافت ان تجربة حزب الله في لبنان، والمقاومة الفلسطينية في غزة، حول أسر العسكريين الاسرائيليين أظهرت انه يمكن عن طريق اسر العسكريين الاسرائيليين اجبار اسرائيل على تحرير الأسرى الفلسطييين، وان قدرات المقاومة أظهرت ان المحتلين الاسرائيليين يمكنهم ان يرضخوا لمطالب الفلسطينيين في نهاية المطاف. وأشارت الى ان اكثر من 11 ألف فلسطيني يقبعون في السجون الاسرائيلية حاليا، وان اسر العسكريين الاسرائيليين يمكن ان يجعل اسرائيل ترضخ وتحرر عددا كبيرا من الأسرى الفلسطينيين. ولم تذكر «كيهان» أو «وكالة أنباء القدس» عدد المقاتلين الفلسطينيين الذين شاركوا في هذه المناورات، كما لم تذكر ان كانوا كلهم من الجهاد الاسلامي أم ان عناصر من حماس شاركت ايضا في المناورات. وفيما نفى مصدر إيراني ان يكون لطهران دور مباشر في التدريبات، إلا أنه أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «تغيير استراتيجية المقاومة يعتمد على الظروف»، موضحا ان الفصائل الفلسطينية يمكن ان تستفيد من تجارب جهات مقاومة اخرى مثل حزب الله. وأوضح المصدر الذي لا يستطيع الكشف عن هويته: «هذه ظروف حساسة. علينا أن نكون مستعدين لجميع الاحتمالات. إذا اصر الكيان الصهيوني على العدوان على الفلسطينيين، فإن تطوير رد الفلسطينيين سيكون الجواب». يذكر أن وكالة انباء «القدس» التي نقلت الخبر، وهي وكالة شبه رسمية إيرانية تأسست قبل نحو 3 سنوات وتتبع لإحدى المؤسسات الإيرانية المعنية بالقضية الفلسطينية والتي يرأسها السفير الإيراني الأسبق لدى سورية على أكبر محتشمي. الى ذلك، قالت مصادر فلسطينية ان الفصائل المسلحة في غزة تجري تدريبات مكثفة من اجل اسر جنود اسرائيليين. بل انها تحذر الاسرائيليين على الملأ من أنها ستختطف جنودهم المرابطين على حدود غزة. ومن بين هذه الفصائل كتائب القسام ـ التابعة لحماس والتي اعلن المتحدث باسمها، ابو عبيدة، ان تعنت الاسرائيليين في ملف الجندي الاسرائيلي الأسير جلعاد شليط سيبقي خيار اسر الجنود الاسرائيليين مفتوحا حتى يرضخ الاحتلال لشروط المقاومة. وبحسب المصادر، فإن سرايا القدس ـ الجناح المسلح لحركة الجهاد الاسلامي تجري تدريبات يومية استعدادا لأسر جنود اسرائيليين. وقال ابو حمزة، الناطق الرسمي باسم السرايا، لـ«الشرق الأوسط» إنهم «يستغلون التهدئة الحالية لإجراء مزيد من التدريبات الشاقة والصعبة». وبحسبه فان السرايا ترفع شعار «وأعدو لهم ما استطعتم من قوة» في هذه المرحلة. وأكد أبو حمزة أن السرايا تجري تدريبات وصفها بالمعقدة. وقال «نحن نفكر في خطف وأسر جنود اسرائيليين. ولدى السرايا قناعة كبيرة بأن الحل الوحيد لإطلاق سراح أسرى فلسطينيين هو عمليات تبادل». وتابع: «ما قام به حزب الله من أسر جنود صهاينة اثبت انه وبدون خطف الجنود فلا يمكن الإفراج عن أسرى محكومين أحكاما عالية». وأضاف «السبيل الوحيد والناجح هو خطف جنود». ورغم ان صفقة الجندي الاسرائيلي جلعاد شليط الذي تحتجزه حماس مع فصيلين آخرين لم تر النور منذ حوالي عامين، إلا أن أبو حمزة يرى انه يجب خطف جنود آخرين، موضحا أن «صفقة شليط تعطلها جهات خارجية». ولدى لجان المقاومة الشعبية تجربة ناجحة في خطف جنود اسرائيليين. فقد كانت ألوية الناصر الذراع العسكري للجان شاركت في اسر الجندي شليط في عملية «الوهم المتبدد» عام 2006. وتتباهي الالوية حاليا بتخريج دورات عسكرية لشبان فلسطينيين يتدربون على عمليات اسر الجنود. وقال ابو عبير، احد قيادي المجلس العسكري للجان المقاومة الشعبية «هذا هو هدفنا الأول والأسمى»، وكشف أن «المقاومة الفلسطينية» حاولت أكثر من مرة خطف جنود، الا أن عملياتها لم تكلل بالنجاح. وأضاف «إننا نتعلم من أخطائنا».

ونفى أبو عبير أن يكون لإيران اي دور في تدريب أو تطوير أسلحة الفلسطينيين. وقال «اذا كان ايرانيون يدربون شبابنا فمن الأولى ان يدعموننا بالسلاح المتطور لوقف الطائرات ومهاجمة الاسرائيليين مثلا». واضاف ان «المقاومة لم تطلق صاروخا واحدا من خارج البلاد، كلها تهم اسرائيلية، نحن نؤكد اننا نطور قدراتنا بأيد فلسطينية. الى ذلك اكد المرشد الأعلى للجمهورية الايرانية، آية الله علي خامنئي، دعمه للرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، محذرا اياه في الوقت نفسه من انعكاسات التضخم الذي تجاوز 26%. وقال المرشد الأعلى خلال لقاء امس مع اعضاء في الحكومة ان احمدي نجاد يحظى «بدعم اكثر قوة» من جانبه مما كانت تحظى به الحكومات السابقة. وقارن بين مواقف الرئيس الايراني الحالي والرئيس السابق الإصلاحي محمد خاتمي (1997 ـ 2005). وقال ان «هذه الحكومة أوقفت بشكل حاسم العملية الخطيرة المتمثلة بتسلل الطابع الغربي والعلماني الى الجسم الحاكم في البلاد»، موضحا أنها ساعدت في «احياء» قيم الثورة الاسلامية عام 1979. وقبل عشرة اشهر من الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في يونيو 2009، أبدى خامنئي ايضا دعما واضحا لأحمدي نجاد الذي انتخب عام 2005، مؤكدا ان عليه التصرف كما لو انه سيظل في سدة الرئاسة لولاية ثانية.

وقال خامنئي مخاطبا احمدي نجاد كما نقلت عنه وكالة الأنباء الايرانية الرسمية «لا تعتقد ان هذا العام سيكون الاخير لك على رأس الحكومة. كلا. عليك ان تتصرف كما لو انك ستظل رئيسا لخمسة اعوام. تصور انك ستكون رئيسا هذا العام اضافة الى الاعوام الاربعة المقبلة وتصرف على هذا الاساس». وهي المرة الاولى التي يتطرق فيها خامنئي بوضوح الى موضوع اعادة انتخاب احمدي نجاد، الامر الذي من شأنه ان يثبط عزيمة المرشحين المحتملين. كما أثنى على اداء حكومة احمدي نجاد في ما يتعلق بالملف النووي، موضحا «بعض الدول التي تستخدم أساليب التخويف، ارادت ان تفرض ارادتها على إيران في ما يتعلق بالقضية النووية، لكن الرئيس تصدي لطلباتهم المكلفة، ثم سار في طريقه قدما». وأضاف:«اعتماد روحية متشددة ضد القوة التي تقوم على التخويف في العالم، لهو دليل على ولاء الحكومة لشعارات الثورة وأفكارها»، واصفا احمدي نجاد بـ«الوفي لنهج الثورة». كما أعلن خامنئي، وهو أعلى سلطة في الجمهورية الاسلامية، في تصريحات نقلها التلفزيون الإيراني الرسمي أمس، دعمه لخطة الإصلاحات الاقتصادية التي اعلنها اخيرا الرئيس والتي تنص على تخصيص المساعدات من المواد الأساسية للأكثر فقرا.

الا انه حذر من الانعكاسات المحتملة للتضخم الذي ازداد كثيرا في ظل حكم احمدي نجاد. وقال خامنئي «هذا العمل مهم جدا لكن يجب تجنب اي تسرع». وأضاف ان «تطبيق هذه الخطة خطوة كبيرة من اجل تطور البلاد.. لكن لا بد من تجنب الانعكاسات السلبية من اجل نجاح هذه العملية الجراحية الكبيرة».

ومن النادر ان يتدخل خامنئي للإشادة بأى من المسؤولين الإيرانيين، غير أنه تدخل مرارا لصالح احمدي نجاد في الكثير من القضايا ومن بينها ادارته الاقتصادية، بالرغم من ان وجوها أخرى بارزة في الحكم مثل هاشمي رفسنجاني وعلى لاريجاني ومحمد خاتمي وجهوا انتقادات علنية لأحمدي نجاد. وكان رفسنجاني قد قال الأسبوع الماضي في انتقاد علني لأحمدي نجاد، ومبطن الى خامنئي:«طلب منا خامنئي ان نصبر على أحمدي نجاد.. وصبرنا.. إلا ان صبرنا قد نفد»، وذلك ردا على سياسة تقنين الكهرباء، ونقص غاز التدفئة والبنزين. وتابع رفسنجاني:«لا يمكننا ان نكون راضين عن الطريقة التي يدار بها البلد. بلد يتمتع بهذه الوفرة من الثروات، لا يجب ان يواجه انقطاع غاز في الشتاء، وانقطاع كهرباء في الصيف، او تدع الناس بالساعات في طوابير محطات الغاز. من الواضح ان هذه المشاكل بسبب سوء الادارة».