زرداري: أين كان القضاء الباكستاني عندما كنت أعاني في السجن لمدة 11 عاما؟

شريف يهدد بالانسحاب من الائتلاف الحاكم بسبب القضاة

TT

قال آصف علي زرداري الرئيس المشارك لحزب الشعب الباكستاني في اجتماع اللجنة المركزية التنفيذية لحزبه، عندما قام أحد قادة الحزب بتذكيره بأن من واجبه إعادة 61 قاضيا تمت إقالتهم من قبل الرئيس السابق برويز مشرف، «أين كان القضاء المستقل عندما كنت أعاني من ويلات السجن لأحد عشر عاما؟». وقد ألقى إيتزاز إحسان وهو قائد بارز لحركة المحامين، التي تهدف إلى إعادة القضاة إلى مناصبهم، وهو أحد أعضاء اللجنة المركزية التنفيذية لحزب الشعب الباكستاني، خطابا مطولا في الاجتماع حول الحاجة إلى إعادة احترام القضاء الأعلى، من خلال إعادة كل القضاة الذين أقالهم الرئيس السابق برويز مشرف. وقال ايتزاز إحسان أثناء خطابه في اجتماع الجمعة الماضي في مقر زرداري: «إن القضاء المستقل مطلب أساسي من أجل التحول السهل للديمقراطية، ومن أجل المحافظة على الحريات المدنية في المجتمع». لكن زرداري قام بتوبيخ إيتزاز إحسان وسأله لماذا لم يفعل القضاء المستقل شيئا عندما قام «الديكتاتور العسكري السابق» بسجنه لأحد عشر عاما. وقد تم إلقاء القبض على زرداري عام 1997، بعد أن تمت إقالة حكومة بي نظير بوتو. ويقول محامو زرداري إنه حرم من حق دفع الكفالة أمام عدد من المحاكم الباكستانية طوال فترة اعتقاله في السجن. ولا يقتصر كره زرداري للقضاء الباكستاني على معاناته الشخصية، لكن حزب الشعب الباكستاني له تاريخ طويل من العلاقات المتوترة مع القضاء الأعلى. فقد تم إصدار حكم بالشنق على ذو الفقار علي بوتو والد بي نظير بوتو وأول رئيس لحزب الشعب الباكستاني عام 1979 طبقا لأوامر القضاء الأعلى في باكستان، الذي اتهمه بتهم جنائية. وقد كانت بي نظير بوتو التي دخلت معترك الحياة السياسية بعد مقتل والدها على الفور، تصف هذا الحكم بأنه «جريمة قضائية».

لكن الأمور لم تنته عند هذا الحد، فقد كان قادة حزب الشعب الباكستاني دائما ما يشتكون من أن المحكمة العليا دائما ما كانت تعامل حزب الشعب الباكستاني وقادته بتحيز شديد ومن دون إنصاف. فقد قضت المحكمة العليا بإعادة حكومة رئيس الوزراء السابق نواز شريف عام 1993 بعد أن تمت إقالتها بتهم الفساد من قبل الرئيس آنذاك. ومع ذلك فإن المحكمة العليا فشلت في إعادة حكومة بي نظير بوتو، التي أقيلت بسبب تهم مماثلة.

وقد كانت قيادة حزب الشعب الباكستاني دائما ما تشتكي من القضاء الأعلى وقضاته. ويقول أكرم شيخ وهو رئيس سابق لهيئة قضاة المحكمة العليا: «إن قادة حزب الشعب الباكستاني يعتقد أن القضاة والمحكمة العليا هما المسؤولان عن معاناتهم، سواء كانت هذه المعاناة تتمثل في شنق ذو الفقار علي بوتو أو السنوات الإحدى عشرة التي قضاها زرداري في السجن».

وعلى الرغم من هذه الذكريات والمشاعر الأليمة فإن قادة حزب الشعب الباكستاني انضموا إلى المتظاهرين ضد مشرف في شوارع باكستان عندما قام الرئيس السابق بإقالة 61 قاضيا في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007. وتقول فارزانا راجا، وهي عضو في البرلمان عن حزب الشعب الباكستاني: «لقد كان حزبنا على خط المواجهة لإعادة القضاة عندما بدأت الحملة للمطالبة بذلك».

وفي واقع الأمر فإن إيتزاز إحسان يعتبر من أبرز القادة في حركة المحامين وحزب الشعب الباكستاني وقد قضى أكثر من 6 أشهر في سجن مشرف لقيادته الحركة التي تدعو إلى إعادة القضاة. وقد كان حزب الرابطة الإسلامية (نواز) يبني حملته الانتخابية على إعادة القضاة. وفي خطاباته الانتخابية، كان نواز شريف يتعهد بإعادة القضاة إلى مناصبهم فور توليه السلطة. ومن ناحية أخرى، كان حزب الشعب الباكستاني يبتعد تماما عن المناداة بشعارات تدعو إلى إعادة القضاة.

هدد رئيس الوزراء الباكستاني السابق، نواز شريف، بانسحاب حزبه من الائتلاف الحاكم في باكستان إذا لم يقرر بحلول يوم الاثنين إعادة القضاة الذين عزلهم الرئيس السابق برويز مشرف. وقال شريف بأن عزل القضاة في العام الماضي هز أساس البلاد وكان من الضروري إعادتهم إلى مناصبهم، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وقال شريف في تصريحات «لن نحاول إسقاط الحكومة». وأضاف «لكننا بالطبع لن يكون لدينا خيار غير الجلوس في مقاعد المعارضة».

وتابع شريف أن زرداري أكد له في وقت سابق انه سيتم إعادة القضاة خلال 24 ساعة من مساءلة مشرف. وقال «أيدناه بشأن المساءلة.. والآن جاء دوره ليؤيدنا بشأن إعادة القضاة».

وفي الوقت نفسه، تعتقد الرابطة الإسلامية (نواز) أن الشعب صوت لحزبها لأنها رفعت شعار إعادة القضاة، الذين أقالهم الرئيس السابق برويز مشرف. وقد أفاد قادة حزب الشعب الباكستاني بأنهم قد بنوا حملتهم الانتخابية على أمور أخرى بعيدة عن موضوع القضاة. وتقول فارزانا راجا، وهي عضو في البرلمان عن حزب الشعب الباكستاني: «لم نتعهد للشعب مطلقا بهذا الأمر في حملاتنا الانتخابية».

ولم تؤد الأحداث التالية التي أعقبت الانتخابات وتكوين الحكومة الائتلافية بزعامة حزب الشعب الباكستاني إلى أي تغيير في موقف زرداري تجاه القضاة.

وطبقا لآخر استطلاع رأي أجراه معهد غالوب فإن 86 بالمائة من الباكستانيين يرغبون في إعادة القضاة، الذين أقالهم مشرف على الفور. وإدراكا منه بأنه كان البطل الذي ينادي بإعادة القضاة، انسحب رئيس الوزراء السابق نواز شريف من الائتلاف الحاكم، بعد فشل الحكومة في إعادة القضاة والوفاء بوعده.

ويقول فصيح الرحمن وهو معلق سياسي ورئيس مكتب تلفزيون الدنيا وهي قناة إخبارية خاصة: «إن أهم عامل سياسي يجعل زرداري لا يتحمس لإعادة القضاة هو أن رئيس محكمة العدل المقال افتخار محمد شودري له شعبية في المناطق الحضرية بالبنجاب ومقاطعة الحدود الشمالية الغربية. وهي المناطق التي فاز حزب نواز شريف بالانتخابات فيها». ومع ذلك، يشير بعض المحللين السياسيين إلى أن هناك أسبابا شخصية وراء تعنت زرداري في موضوع إعادة القضاة.