بايدن تلقى خبر اختياره مرشحاً لنائب الرئيس بمكالمة هاتفية في عيادة طبيب الأسنان

أوباما اتخذ قراره الأخير خلال عطلة في هاواي

TT

لم يكن السيناتور باراك أوباما مقتنعا تماما بالسيناتور جوزيف بايدن في بداية الامر، وقال الأخير لأصدقائه أنه يشعر بالتشاؤم حيال فرص اختياره كمرشح لمنصب نائب الرئيس مع أوباما. ولكن خلال الشهرين الماضيين، وفي الوقت الذي تغيرت فيه ديناميكية الحملة الرئاسية والأحداث العالمية بصورة سريعة، ارتفعت أسهم بايدن في عملية اختيار مرشح لمنصب نائب الرئيس قد تكون الأقسى بالنسبة للديمقراطيين. وقد عمد أوباما، خلال عملية الاختيار، إلى السرية الشديدة والبراجماتية الحريصة واعتمد على البيانات السياسية التي تأتيه عن طريق فريق المستشارين الذي يتولى حملته منذ البداية. انتهى الأمر يوم الخميس الماضي عن طريق مكالمة تلفونية من أوباما بايدن الذي كان في ذلك الوقت في عيادة طبيب أسنان مع زوجته التي كانت تعالج أعصاب أسنانها. وفي يوم السبت الماضي، وفي الوقت الذي كان يتعانق فيه الاثنان أمام حشد تجمع في إلينوي، كان ذلك أول ظهور لبايدن مع أوباما. وفي موقف يمكن أن يظهر طريقة أوباما في اتخاذ القرارات، بذل مستشاروه الكبار جهودا كبيرة لعدم الكشف عن الطريقة التي اتخذ بها أوباما قراره. وقال ديفيد أكسلرود، الاستراتيجي البارز في الحملة، خلال مقابلة قصيرة يوم السبت الماضي: «إنه قرار خاص جدا، عندما كان يفاتح أحد فيه كان يتم ذلك بطريقة جدية رصينة تتسم بالحرص».

واستقر أوباما على القرار قبل عشرة أيام تقريبا عندما كان في عطلة مدتها أسبوع بهاواي. ففي ذلك الأسبوع، برزت نقاط القوة التي يتمتع بها بايدن في مجال السياسة الخارجية خلال النزاع بين روسيا وجورجيا، مما عزز من احتمالية اختياره. ويقول مقربون من السيناتور إيفان بايه، وهو مرشح آخر رئيسي كان من المحتمل أن يختاره أوباما. ولكن يقول من كانوا على صلة بعملية الاختيار إن الخبرة في الشؤون الخارجية لم تكن هي النقطة الوحيدة التي رجحت الكفة، حيث يشيرون إلى أن قرار أوباما يتعلق كثيرا بشعبية بايدن وسط الناخبين البيض من الطبقة العاملة وتاريخه الشخصي.

بدأت خطط الإعلان تكتمل صورتها في بداية يوليو (تموز) الماضي. يقول المساعدون إنه حتى النهاية كان افراد الفريق الصغير داخل مقر شيكاغو ينظرون في أربعة احتمالات: بايدن وبايه وحاكم فيرجينيا تين كاين وحاكمة كنساس كاثلين سيبيليوس. وكُتبت الخطابات وجُهزّت الخطط الإعلامية وكانت الطائرات الخاصة مستعدة لنقل أي من الأربعة إلى سبرينغفيلد بولاية إلينوي. كان من الصعب أن يكون بايدن خيارا محتملا في البداية. فشهرته الكبيرة خلال حديثه تملأ الآفاق. وعلى الرغم من أنه أثار الإعجاب خلال المناظرات بمخالفة التوقعات عن طريق الإيجاز، فقد انتهت حملته الرئاسية سريعا. ويقول إيدوارد ريندل، حاكم ولاية بنسلفانيا، وهو صديق لبايدن: «أظن أنه في قرارة نفسه كان يعتقد أنه لن يتم اختياره في النهاية، فخلال عملية الفحص، تسمع في الأغلب عن الأسباب التي تجعل منك مرشحا غير مناسب». ولكن، كان هناك بعض المناصرين الأقوياء لبايدن ممن يحترم آرائهم أوباما أمثال ريندل وراهم إيمانويل عضو مجلس الشيوخ عن إلينوي والسناتور إدوارد كيندي، من ولاية ماساتشوستس. وفي الوقت الذي كان يقوم فيه فريق العمل بالنظر في السجلات المالية والسياسية والفحوصات الطبية للمرشحين، كان المساعدون السياسيون البارزون لأوباما يوحون للأصدقاء أن أوباما ينظر في قدرات بايدن السياسية. كذَّبت النتائج الانطباعات الموجودة عن بايدن. وأشارت التقارير إلى أنه أكثر نشاطا ونظاما مما هو شائع عنه، كما أن له شعبية في المناطق التي كابد فيها أوباما خلال الانتخابات التمهيدية. ولكن، كان أوباما يريد شخص يستريح معه على مدى أربعة أو ثمانية أعوام، كما أوحى إليه السيناتور جون كيري من ولاية ماساتشوستس. ويقول ديفيد ويلهالم، وهو الرئيس السابق للجنة الوطنية لحزب الديمقراطية الذي كان مشاركا في حملة بايدن الرئاسية عام 1988 والمقرب من أوباما: «شعرت أنه جاد في التفكير في طبيعة شريكه، ودور نائب الرئيس كشريك في المستقبل داخل الحكومة». اكتنف الهدوء مراحل كثيرة من عملية الاختيار، حيث كان العشرات من المحامين يستكملون تكليفاتهم المملة لفريق اختيار نائب الرئيس. قاموا بمقابلات مطولة مع ستة على الأقل من المرشحين المحتملين، وطلبوا الكثير من الوثائق، ومن بينها نسخ من الخطابات كانت قد ألقاها البعض قبل عقدين من الزمان. ويقول المسؤولون الديمقراطيون ان حاكم نيو مكسيكو بيل ريتشاردسون والسيناتور كريستوفر دود من كونيكتيكوت كانا أيضا بين أولئك الذين تم التفكير فيهم كثيرا. كما تم تشكيل فرق من المحامين لفحص السجلات المالية والعلاجية والخلفيات السياسية للمرشحين وعائلاتهم. وفي مقابلة أجريت السبت الماضي، أفاد ريتشاردسون أن أوباما اتصل به بعد إعلانه يوم 3 يونيو(حزيران) ترشحه ليخبره بأنه كان يرغب في وضع اسمه على قائمة المرشحين. لكن ريتشاردسون قال إن أوباما حذره من أنه سوف يخضع لعملية مكثفة وطلب منه التفكير فيما إذا كان قادرا على ذلك أم لا. (وبعد التفكير في الأمر مع زوجته، أفاد ريتشاردسون إنه كان جاهزا).

وقد اتصل أوباما به خلال العملية قبل إجازته في هاواي. وقد أفاد ريتشاردسون بأن أوباما اتصل به عبر الهاتف الجوال. وقال ريتشاردسون إنه أخبر أوباما بأنه لم ير اسمه في القوائم التي أذاعتها وسائل الإعلام، لكن أوباما أخبره بأنه من بين المرشحين.

وقد اتصل أوباما به لاحقا وقال له: «لقد اتخذت قراري وسوف نسير في اتجاه آخر».

وقد أفاد العديد من الشخصيات المقربة من بايه بأنه كان من بين المرشحين لمنصب نائب أوباما. وقد اجتمع مع أوباما عدة مرات ولكن يبدو أن المتطلبات التي كان يرغب فيها موظفو أوباما كانت تفوق توقعاته وخبراته.

* خدمة «نيويورك تايمز»