الحكومة الإسرائيلية تناقش أضخم ميزانية عسكرية في تاريخها

وسط تهديدات من أولمرت بطرد أي وزير يصوت ضدها

TT

باشرت الحكومة الاسرائيلية أمس، في جلسة ماراثونية استمرت حتى ساعات متأخرة من الليل، مناقشة ميزانية عام 2009، التي تتميز بأنها تحتوي على أكبر ميزانية للجيش الاسرائيلي في تاريخه، حيث بلغت حوالي 15 مليار دولار، ويطالب الجيش بزيادتها أكثر.

وجرى بحث الميزانية وسط خلافات حادة بين الأحزاب التي تشكل الائتلاف الحكومي من جهة وخلافات بين عموم الوزراء ووزارة المالية من جهة ثانية، وكذلك وسط تهديدات من رئيس الوزراء ايهود اولمرت بطرد اي وزير يصوت ضد الميزانية في الجلسة الحكومية. فقد اقترحت وزارة المالية ميزانية عامة لسنة 2009 بقيمة 319 مليار شيكل (الدولار يساوي 3.5 شيكل)، تنطوي على زيادة بقيمة 12.5 مليار شيكل عن السنة الماضية. وفي الوقت نفسه اقترحت الوزارة اجراء تخفيض بقيمة 7 مليارات، حتى تحدث موازنة مع دخول الدولة ومع الوضع الاقتصادي العالمي. وجاء هذا الطلب عقب تحذير وصل من وزارة المالية الأميركية، يقول ان ادارة الرئيس جورج بوش لن توقع على الضمانات للقروض الاسرائيلية في السوق العالمية إذا تجاوزت الزيادة في الموازنة عن 1.7 في المائة. وتبين انه في الاتفاق الذي وقع بين وزارتي المالية في اسرائيل وفي الولايات المتحدة سنة 2007، لمنح اسرائيل ضمانات أميركية بقيمة 9 مليارات دولار، تعهدت اسرائيل بالامتناع عن زيادة موازنة الدولة عن هذه النسبة. وفي أعقاب طلب حزب العمل الاسرائيلي بزيادة الموازنة بنسبة 2.5 في المائة، انتفضت المالية الأميركية وحذرت. وأصبح على وزارة المالية الاسرائيلية أن تمنع بأي شكل الدخول في أزمة مع واشنطن، خصوصا أن اسرائيل لم تستغل سوى 60 في المائة من مبلغ الضمانات وما زالت بحاجة الى استغلال المبلغ المتبقي بقيمة 3.5 مليار دولار. ومنذ طرح مشروع الموازنة قبل أسبوعين، يدور نقاش حاد في الحكومة ووزاراتها حول قيمة التقليصات. واقترحت وزارة المالية مشروعين على الحكومة، هدفهما تقليص الزيادات المقررة في الميزانية بقيمة 7 مليارات شيكل. الأول يقضي بأن تقتصر زيادة الميزانية العسكرية على مبلغ 2.1 مليار شيكل (بدلا من 3 مليارات) وزيادة ميزانية الرفاه بمبلغ 900 مليون شيكل، والثاني زيادة ميزانية الجيش بمبلغ 900 مليون شيكل والرفاه بمبلغ 2.1 مليار. وفي هذه الحالة تكون وزارة المالية الاسرائيلية قد وضعت الوزراء أمام خيارين: فإما أن تخفض ميزانية الجيش وإما أن تخفض ميزانية الرفاه. ورأت الوزارة في هذه الطريقة لعبة من المالية هدفها احراج الوزراء وتقسيمهم ما بين مناصر للجيش ومصاريفه العسكرية ومناصر للرفاه وجمهور الضعفاء في اسرائيل. أما الجيش فأدار حملة واسعة لمنع الوزراء من تقليص هذه الميزانية، اشتملت على القاء تصريحات وتحركات وتدريبات عسكرية تمت خلالها اثارة أجواء حربية في الحدود الشمالية ضد حزب الله وسورية وايران وضد حماس في الجنوب، حتى لا يجرؤ الوزراء على معارضة زيادة ميزانية الجيش.

وراح وزير الدفاع ايهود باراك، يهاجم وزارة المالية على «مساسها بقدرات اسرائيل العسكرية وتجاهل نتائج حرب لبنان الأخيرة التي دلت على ان الحكومة ضربت قدرات الجيش على التسلح والتدريب كما يجب». في ما راح وزراء آخرون من أحزاب العمل و«كديما» و«شاس» يدافعون عم ميزانية الرفاه. ويتهمون المالية بوضعهم في مواجهة مع الجيش ومع الفقراء. كما حاول بعضهم الخروج من الأزمة بتأجيل البت في الموازنة الى ما بعد الانتخابات الداخلية في حزب «كديما»، في نهاية الشهر المقبل.