الشرطة العراقية تعرض استجواب انتحارية مراهقة.. وتضارب حول أنها استسلمت أم اعتقلت

الفتاة ذات الـ15 عاما.. حملت 18 كيلوغراما من مادة التي.ان.تي.. ووالدتها مجندة الانتحاريات

TT

حتما لم تكن تعرف تلك الفتاة التي لم يتجاوز عمرها الـ 15 عاما انها كانت ستحمل الرقم 21 في تسلسل الانتحاريات اللواتي فجرن انفسهن في مناطق متفرقة من محافظة ديالى، شمال غربي بغداد، فهذه الفتاة وحسب احد المحققين، الذي أجرى التحقيق معها بعد القاء القبض عليها قبل ان تفجر نفسها قرب مبنى المحافظة «لا تمتلك أي وعي في الموضوع الذي تقوم به».

وأشار المحقق، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الاوسط» الى ان هذه الفتاة كانت تحمل 18 كيلوغراما من مادة (تي.ان.تي) وهي تتحدث بطريقة «غير لائقة وبصوت عال».

وعرضت الشرطة العراقية شريط فيديو أمس لفتاة مراهقة ذات 15 عاما، وهي ترتدي حزاما ناسفا حول بطنها، أقرت فيه بأنها انتحارية، وذلك في مدينة بعقوبة شمال شرق بغداد.

وأظهر شريط الفيديو رجال الشرطة وهم يدفعون الفتاة الى الادلاء باعترافات امام الصحافيين، غير انها قالت بانها لم تكن تنوي تنفيذ الهجوم، وارادت خلع الحزام الناسف.

وتضاربت أمس تصريحات المسؤولين العراقيين والاميركيين، ففيما أكد أحد المحققين لـ«الشرق الاوسط»، ان الشرطة العراقية ألقت القبض على الانتحارية قبل ان تفجر نفسها، قال بيان للجيش الاميركي ان الفتاة سلمت نفسها لرجال الأمن.

وفي التحقيق ذكرت الفتاة ان اسمها الاول هو رانيا، وانها من مواليد 1993.

وقالت الشرطة ان الفتاة ابلغتها اثناء استجواب في وقت لاحق في مركز للشرطة، ان امرأة أكبر منها سنا ألبستها السترة وطلبت منها ان تذهب مكان بالقرب من مدخل مدرسة محلية وتنتظر تعليمات من شخص سيقابلها هناك.

من جانبه، اكد الفريق الركن عبد الكريم الربيعي قائد العمليات في محافظة ديالى وهو يقوم بأبحاث عن النساء في محافظة ديالى وعن الانتحاريات بالذات كما انه حاصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ، أنه يؤرخ لهذه الاعمال من قبل النساء، مستغربا الحالة التي وصلن لها. غير انه عزا الامر الى التخلف الكبير لنساء القرى اللواتي يدعين ارتباطهن بعوائلهن بشكل كبير وخصوصا الزوج الذي قد يأمرهن بهذه الاعمال.

وقال الربيعي لـ«الشرق الاوسط» «إن هذه الفتاة، التي لم يكشف عن اسمها، متزوجة ولها خلافات مع اهلها واكتشفنا من خلال التحقيقات ان والدتها تقوم بتجنيد الانتحاريات في بعقوبة وان العملية الاخيرة التي فجرت انتحارية نفسها بالقرب من مبنى المحافظة كشفت التحقيقات انها بالقرب من مكان سكن هذه الفتاة».

وأشار الربيعي الى ان أبحاثا يقوم بها حول هذا الامر، معتبرا منطقة ديالى البقعة الوحيدة في العالم التي وصل عدد الانتحاريات فيها الى العشرين، وان هذه الفتاة لو تمكنت من تفجير نفسها لكانت تحمل الرقم الحادي والعشرين. وأكد ان «الفتاة لا تتمتع بخلق عال كما تتمتع به نساء القرية وانها تسكن في قرية بنيت شوارعها منذ وقت طويل وسكانها معروفون في المنطقة التي تبعد عن مدينة بعقوبة حوالي 20 كيلومترا»، وأضاف قائلا «لكن الفتاة وأهلها معروفون في نفس المنطقة بخلافاتهم المستمرة وان العديد من ابنائهم قتلوا في عمليات ارهابية او انهم شاركوا في عمليات ارهابية ادت الى مقتل العديد من الابرياء».

واكد الربيعي أن التحقيقات كشفت عن ان «هذه الفتاة سليطة اللسان وتتحدث بصوت مرتفع وانها على خلاف مع زوجها الذي ارتبطت به منذ وقت قريب».

من جانبه، قال المتحدث العسكري الاميركي اللفتنانت ديفيد راسل لوكالة رويترز، أمس، ان «التقارير تفيد بأنها اقتربت من الشرطة العراقية قائلة انها ترتدي السترة ولا تريد تنفيذ العملية.. أما اذا كانت قد أجبرت على ارتداء السترة أم فعلت هذا طواعية فهذا أمر ما زال يجرى فحصه».

وأصبحت الهجمات الانتحارية التي تقوم بها نساء وفتيات في العراق أمرا شائعا بشكل متزايد هذا العام. وتقول القوات الاميركية ان متشددي «القاعدة» يفضلون استخدام الانتحاريات؛ اذ يمكن ألا يكتشفهن رجال الشرطة الذين لا يفتشون النساء.

وعلى صعيد ذي صلة، أكد عبد اللطيف ريان المستشار الاعلامي لقوات التحالف في العراق، ان قوة تنظيم «القاعدة» وقدرته على الحركة في «انخفاض واندحار مستمرين» في العراق.

وقال ريان لـ«الشرق الاوسط» «ان القاعدة الآن ليست لديها سيطرة على مناطق العراق لاسيما بعد ان فقدوا الدعم من قبل الشعب العراقي، الامر الذي حدا بهم الى الهرب او الاختباء في بعض المناطق كافراد او مجموعات صغيرة».

وعن اعداد عناصر التنظيم حالياً قال ريان «ان اعدادهم انخفضت جداً، فمنهم من قتل او تم القاء القبض عليهم، فضلا عن هرب الكثير منهم الى خارج العراق»، مشيراً الى «ان نسبة اعداد المقاتلين الاجانب الذي يتم تهريبهم الى العراق قد انخفضت الى 20% شهرياً حالياً أي بمعدل اقل من 20 عنصراً في الشهر، في الوقت الذي كانت قبل سنة من الآن تبلغ نسبة تهريبهم الى العراق نحو 80% شهرياً. وهو ما يؤكد بصورة جازمة بانهم لا يمتلكون امكانية توفير الدعم اللوجستي لهذه العناصر داخل البلاد». وأكد ريان «انه تم القبض على اثنين من قيادات القاعدة والذين ثبت ضلوعم باختطاف الصحافية الاميركية جيل كارول».