أولمرت وأبو مازن وبوش وماكين وأوباما.. معنيون بإنجاز اتفاق سلام قبل نهاية 2008

مع وصول كوندوليزا رايس إلى المنطقة

ملجأ متنقل يتسع لـ 70 شخصا تضعه بلدية سديروت احدى البلدات الاسرائيلية التي كانت قبل التهدئة الاكثر عرضة للصواريخ الفلسطينية, قرب احدى المدارس امس (ا ف ب)
TT

مع وصول وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، الى الشرق الأوسط، أمس، أعلن مصدر مقرب من رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، أن الظروف باتت مواتية للتوصل الى اتفاق سلام اسرائيلي ـ فلسطيني يكون مقبولا لدى الغالبية الساحقة من المواطنين في الطرفين. ولكن العقبة أمامه تكمن لدى «بعض السياسيين ذوي الحسابات الضيقة في اسرائيل والسلطة الفلسطينية».

وقال المصدر ذاته إن أولمرت والرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، أعدا تصورا جيدا لاتفاق سلام شامل لكل القضايا، باستثناء بعض القضايا التي يحاولان إنهاءها في الايام أو الأسابيع المقبلة، وان هذا التصور يلقى تأييدا كبيرا في الولايات المتحدة، من طرف الرئيس جورج بوش وادارته، بمن في ذلك الوزيرة رايس، ويباركه مرشحا الرئاسة الأميركية، الجمهوري جون ماكين والديمقراطي باراك أوباما. وأضاف المصدر ان الاتفاق الجاري العمل على إعداده مبني على ترسيم حدود للدولتين، اسرائيل وفلسطين، على أساس الخط الأخضر (حدود 4 يونيو / حزيران 1967)، مع تعديلات واسعة تضمن ضم أكبر قدر من المستوطنات لحدود اسرائيل مقابل تعويض مناسب عن الأرض جنوب غربي قطاع غزة وجنوب غربي الضفة الغربية وتسوية لقضية اللاجئين مبنية على التعويضات أولا، والعودة الى تخوم الدولة الفلسطينية ثانيا، واخلاء جميع المستوطنات من وراء الجدار العازل الذي تقيمه اسرائيل بينها وبين الدولة الفلسطينية. ولكن هناك خلافات غير قليلة بين الطرفين حتى الآن في عدة مواضيع، بينها الترتيبات الأمنية. إذ طلبت اسرائيل أن يكون لها وجود عسكري في منطقة غور الأردن وعلى نقاط العبور الدولية بين فلسطين والخارج وطلبت أن تكون لها حرية استخدام المجال الجوي الفلسطيني، عسكريا ومدنيا، وأن يكون لها الحق في ادخال قوات عسكرية في حالات الطوارئ، لكن الرئيس الفلسطيني رفض ذلك كله بشدة. وقال انه وافق على أن تكون الضفة الغربية منزوعة السلاح وهذا أقصى ما يمكنه قبوله في الترتيبات الأمنية. واقترح أبو مازن على أولمرت أن يتم نشر قوات دولية بقيادة قوات أميريية أو أوروبية على الحدود بين البلدين، كجواب على المخاوف الأمنية الاسرائيلية والفلسطينية، كل من طرف الآخر.

ولم يرفض أولمرت الفكرة، ولكنه قال ان الولايات المتحدة ـ على حد علمه ـ غير معنية بالوجود العسكري في هذه المنطقة.

وكشفت مصادر أميركية في تل أبيب، أمس، ان أولمرت أرسل اخيرا عدة مبعوثين من طرفه الى واشنطن، في محاولة لتجنيد الأميركيين الى جانب طلباته الأمنية، لكنه لم يلق تجاوبا أو رفضا منهم.

وحسب اقتراح أولمرت فإنه وبسبب سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، سيتم الاتفاق على تطبيق هذا المشروع في غضون عشر سنوات، وبشكل تدريجي. وتأتي رايس، هذه المرة، لتلتقي المسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين للبحث في امكانيات اعطاء دفعة جدية الى الأمام في هذا الاتجاه. وأشارت مصادر اسرائيلية الى ان رايس تصل الى المنطقة وهي تشعر بالإحباط من الانتقادات اللاذعة التي تنشر ضدها في واشنطن وتتهم فيها بالفشل في ادارة السياسة الخارجية. فقد نشرت «واشنطن بوست»، أمس، مقالا بقلم المعلق المعروف، جيم هوغلاند، يقول فيه ان رايس «افتقدت للفاعلية النشطة في معالجة أزمة القوقاس (حرب جورجيا ـ روسيا) وبدت قصيرة النظر وغارقة في التكتيك أكثر من اللازم»، ولذلك فإنها تريد التقدم بأي شكل في المسار الاسرائيلي ـ الفلسطيني، حتى تخرج ورئيسها بوش بإنجاز سياسي ما، مقابل الاخفاقات المتلاحقة للسياسة الخارجية والداخلية. ويساعدها في ذلك موقف أوباما وماكين، اللذين لا يخفيان رغبتهما في دخول البيت الأبيض وقد أصبحت طاولة الشرق الأوسط نظيفة.

ولكن القيادة الاسرائيلية ستلتقي رايس، ولأول مرة، من دون تحضير أو تنسيق. فقد اعتاد رئيس الوزراء، أولمرت، على عقد اجتماع تنسيقي أو أكثر، مع وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، ووزير الدفاع، ايهود باراك، قبل وصول رايس. وفي هذه المرة ستلتقيهم رايس وهم على خلاف. أولمرت معني بإنجاز اتفاق، كما تريد هي وبوش وماكين واوباما. بيد أن باراك وليفني معنيان بتأجيل الموضوع الى الحكومة المقبلة، التي ستقام بعد الانتخابات الداخلية في حزب «كديما»، في 17 سبتمبر (ايلول) المقبل، لاختيار خليفة لأولمرت، أو بعد الانتخابات العامة المقبلة.

وكشفت مصادر أميركية في تل أبيب ان رايس تحمل معها اقتراحا لانهاء مفاوضات أبو مازن وأولمرت باتفاق جزئي، ولكن جميع المسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين أعربوا عن رفضهم لهذا الاقتراح.