عباس: في قلبنا حزن لأن 11 ألفا لا يزالون ينتظرون.. ولا سلام بدونهم

إسرائيل تطلق 198 أسيرا فلسطينيا بينهم متهمون بقتل إسرائيليين والفلسطينيون يستقبلونهم بدموع الفرح وعلامة النصر

TT

أطلقت إسرائيل أمس سراح 198 أسيرا فلسطينيا، بينهم أقدم أسير فلسطيني، و4 نساء، في خطوة قالت إنها لدعم موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الذي كان على رأس مستقبلي الأسرى في مقر المقاطعة في رام الله، قائلا لهم «لن يوقع اي اتفاق سلام مع الاسرائيليين بدون تبييض السجون الإسرائيلية والإفراج عن جميع الأسرى».

وخرج أهالي الأسرى المحررين والآلاف من الفلسطينيين، يرقصون فرحا، ويرفعون صورا للأسرى والزعيم الراحل ياسر عرفات والرئيس عباس، ويهتفون بانتظار ابنائهم المحررين، في مقر الرئاسة في رام الله التي نقلوا اليها مباشرة بالحافلات.

وفي مشهد قل نظيره، احتضن الأسرى طويلا أمهاتهم وعائلاتهم واصدقاءهم والدموع تسبقهم، ووسط مشاعر قالوا انها لا توصف، بعد ان سجدوا على ارض المقاطعة شكرا لله.

وقال سعيد العتبة، أقدم أسير فلسطيني «هذا عرس كبير وفرحة كبيرة لأمهاتنا وشعبنا، لكنها تبقى خطوة صغيرة لن تكتمل إلا باطلاق سراح كافة الأسرى».

يذكر ان السجون الاسرائيلية تضم ما يزيد على 11 ألف أسير فلسطيني، عدد منهم يعود اعتقاله الى ما قبل اتفاق اوسلو عام 1993، وترفض اسرائيل الافراج عنهم لأن ايديهم «ملطخة بدماء يهودية».

وكان العتبة،57 عاما، من حزب فدا، قد اعتقل عام 1977 وحكم عليه بالسجن المؤبد 1978 بعد ادانته بمقتل اسرائيلية وجرح العشرات، وازدانت رام الله والمدن الفلسطينية الأخرى، بصوره، مع رفيقيه النائب أبو علي يطا من حركة فتح الذي أمضى في الاسر 28 عاما ومحكوم مدى الحياة بتهمة قتل زعيم المستوطنين في الخليل، والنائب عن فتح حسام خضر الذي أمضى 5 سنوات ونصف السنة.

وقال عباس مخاطبا الأسرى المحررين وجميعهم من الفصائل المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية «نرى اليوم بيننا المناضل سعيد العتبة، وأبو علي يطا، والنائب حسام خضر، و198 بطلا من أبطال الشعب الفلسطيني، وتغمرنا الفرحة بخروج هذه الكوكبة من الأسرى، ولكن يبقى في قلوبنا حزن لأن 11 ألف أسير لا يزالون ينتظرون، ولن يهدأ لنا بال إلا إذا حرروا جميعا وبيضت السجون».

وأضاف عباس «لن يكون هناك سلام بدون تحرير كافة الأسرى، الذين نسعى دوما للإفراج عنهم»، مشيرا، إلى أن قضايا الوضع النهائي بما فيها القدس واللاجئون والحدود والمياه والمستوطنات مطروحة معا على طاولة المفاوضات، «فإما أن تحل دفعة واحدة أو لا نقبل حلا جزئيا».

وأكد عباس، أن جميع الأسرى على سلم أوليات القيادة الفلسطينية، وعلى رأسهم الأسير مروان البرغوثي (فتح) وأحمد سعدات (الشعبية) وقال «ونحن أهل الوحدة الوطنية، ونتذكر عزيز دويك لأنه رئيس المجلس التشريعي وممثلنا ويجب أن نسعى وسعينا من اجل إخراجه وجميع الأسرى من سجون الاحتلال».

واعتبر وزير شؤون الأسرى، اشرف العجرمي، الإفراج عن الأسرى «كسرا للمعايير الاسرائيلية»، كونها تشمل اسرى حوكموا قبل اتفاق اوسلو ومتهمين بقتل اسرائيليين (سعيد العتبة وابو علي يطا).

وبانتهاء مراسم الاستقبال الرسمي في رام الله، انطلقت مواكب كبيرة تحمل الأسرى المحررين الى مدنهم. واعاقت التجمعات الجماهيرية على مداخل المدن وصول الأسرى لأكثر من ساعتين الى ذويهم. وشهدت نابلس التي استقبلت، العتبة وخضر، اكبر التجمعات الفلسطينية، وأقيم للأسرى هناك مهرجان شعبي كبير. وقال حسام خضر لـ«الشرق الأوسط»، وهو محاط بالجماهير التي كانت تهتف له «هذا شعب عظيم.. مشاعري لا توصف انا مش قادر احكي ولا كلمة والله». وأضاف بصوت متقطع «هي أمي وإخوتي وأخواتي وأصدقائي أمامي.. إنشاء الله الفرحة الكبيرة بتكون بالإفراج عن كل الأسرى وتحديدا القدامى من خلال الجندي الاسرائيلي (جلعاد) شليط (المحتجز في غزة على يد حماس)، ومن خلال اتصالات ابو مازن وضغطه على الجانب الاسرائيلي».

وتابع «لا شك ان شعبنا مهتم باطلاق كل الأسرى وأنا متفائل بقدرة المقاومة من جهة وابو مازن من جهة اخرى».

وبدأت عملية الإفراج عن الاسرى، منذ صباح امس، عبر نقلهم من سجن عوفر القريب من رام الله حيث تم تجميع 199 أسيرا في الأيام الأخيرة، الى معبر بيتونيا غرب رام الله.

الا ان اسرائيل تراجعت في اللحظات الاخيرة عن الافراج عن أحد الأسرى بزعم وجود ملف جنائي ضده. وقال يارون زامير المتحدث باسم مصلحة السجون الإسرائيلية انه كان من المقرر في بداية الامر الافراج عن 199 سجينا ولكن تم التحفظ على سجين في اتهامات جنائية منفصلة.

وتقرر موعد الإفراج، بعد أن ردت المحكمة الإسرائيلية العليا، اول من امس، التماسا يطالب بمنع إطلاق سراح الأسرى، وبعد نشر قائمة بأسماء الأسرى في الموقع الرسمي لسلطات السجون الإسرائيلية. وقال مارك ريغيف، المتحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت «ليس من السهل الإفراج عن السجناء، خاصة الذين شاركوا مباشرة في أعمال إرهابية ضد المدنيين الأبرياء». وأضاف أن اسرائيل ترى أن العملية «اجراء لبناء الثقة ولفتة لعباس وقد تعزز من موقف حركة فتح التي فقدت السيطرة على قطاع غزة في العام الماضي» و«تعمل على تقوية عملية السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية».

وكان أكثر من نصف السجناء الذين وردت أسماؤهم في قائمة المفرج عنهم سيستكملون عقوباتهم في العام المقبل، ولكن 43 سجينا ما زال أمامهم خمس سنوات على الأقل لإتمام محكوميتهم، و29 أسيرا تبقى لهم ما بين 5 الى 9 سنوات، وأسير واحد تبقى له 11 عاماً من محكوميته.

من جهتها، قالت حماس في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه، انها ترحب بعودة كل أسير فلسطيني إلى أهله وبيته. وأكدت أن «من حق هؤلاء الأسرى وكل أسرانا البواسل أن يُطلق سراحهم ويعيشون في حرية وأمان كباقي شعوب المنطقة، دون منة من أحد».

ورفضت حماس «كل محاولات الاحتلال الصهيوني لتوظيف هذه القضية العادلة والمقدسة، سواء بإطلاق سراح أسرى من لون واحد أو من الضفة دون القطاع.

ونؤكد أن العدو لن ينجح في محاولاته البائسة لابتزاز شعبنا أو تعزيز الانقسام الفلسطيني الداخلي».